(كش بريس/خاص) ـ عادت المخرجة المغربية أسماء المدير، لتخطف الأبصار بعد ترشيح فيلمها الوثائقي “كذب أبيض” لنيل جائزة أوسكار لأفضل فيلم أجنبي.
ويستعرض فيلم “كذب أبيض” نوسطالجيا مثيرة توثق مشاهد من ثورة الخبز التي اجتحاحت المغرب عام1981، حيث يحكي رحلةَ عودة أسماء المدير إلى منزل والديها بمدينة الدار البيضاء، لمساعدتهما على الانتقال إلى منزل جديد، لتجد صورة أطفال في ساحة مدرسة، وعلى حافة إطار الصورة تظهر فتاة صغيرة تجلس على مقعد وتنظر إلى الكاميرا بخجل. وكانت الصورة منطلق المعالجة الدرامية للفيلم الذي سجل عرضه حضوراً واسعاً في العاصمة القطرية الدوحة، من مسؤولي ومدراء شبكة الجزيرة والمهتمين بعالم السينما.
وكانت أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة بدولة قطر، قد أعلنت عن ترشيح الفيلم الوثائقي “كذب أبيض” للقائمة ما قبل الأخيرة للتنافس على جائزة أفضل فيلم أجنبي. وتضم اللائحة ما قبل النهائية 15 فيلماً دولياً من أصل 88 فيلماً، تتنافس على جائزة أفضل فيلم أجنبي، أغلبها من دول أوروبا، بينما يمثل المغرب وتونس القارة الأفريقية بفيلمي “كذب أبيض” و”بنات ألفة”.
ووظفت أسماء المدير، الصورة الوحيدة لها وهي طفلة، لتروي عبرها تفاصيل متعلقة بأمكنة وأحداث شهدتها المملكة مطلع ثمانينات القرن الماضي. وعلى أمل أن تجعل أسماء المدير والديها يتحدثان، توظف كاميرتها، وتنتقل عبر أماكن وأزمنة من وحي الحدث لتفتح جراحاً مرتبطة بانتفاضة الخبز التي شهدها المغرب سنة 1981.
للإشارة فإن فيلم “كذب أبيض” يصنف ضمن“سينما المؤلف”، وشاركت أسماء في كتابة السيناريو والتمثيل والمونتاج والإخراج، وسجلت شخصيتها حضورها الطاغي على مدار مدة الفيلم.
وعادت المخرجة إلى فترة من تاريخ المغرب لم يكتب عنها كثيراً، أوائل الثمانينات من القرن الماضي لكن من دون مبالغات مُفتعَلة وشعارات صارخة، وتركت شهود الانتفاضة يتحدثون بأنفسهم عما جرى.
تتعانق الثنائيات في هذا الفيلم، فتنتقل المخرجة في تقنيتها السردية والبصرية بسلاسة من الذاتي إلى الموضوعي، ومن الحاضر إلى الماضي، ومن الوثائقي إلى الروائي، وهي تمزج بحرَفية عالية بين الحقيقة والخيال.
تقسّم المخرجةُ البيت إلى 3 أمكنة، فتسكن الجدة زهرة في الطابق الأول لضرورات أمنية وتجسسية، فهي أشبه بضابط الجمارك الذي يجب أن يرى ويفحص كل شيء ولا تفوته شاردة أو واردة. أمّا العائلة المؤلفة من الأبوين والبنت أسماء، فهم يسكنون في الوسط، وعمّها جمال الملقب بالألحى، فيسكن في الطابق الأعلى، وهو يمثل السلطة الدينية التي تفرض حضورها في المنزل، إضافة إلى سلطة الجدة وهيبتها وجبروتها الذي يطغى على الجميع، مع المعارضة الضمنية للحفيدة التي تتحملها على مضض.
يذكر أن آخر مشاركة للفيلم كانت ضمن المهرجان الدولي للفيلم “كارلو فيفاري” بجمهورية التشيك في دورته السابعة والخمسين، حيث حاز من خلاله على جائزة النجمة الذهبية في الدورة الـ20 من مهرجان مراكش الدولي للفيلم، في إنجاز غير مسبوق للسينما المغربية. وسيُقام حفل توزيع جوائز الأوسكار السنوي السادس والتسعين في 10 مارس القادم.