يكتبها : محمد الطنجاوي ـ ( الحلقة الأولى )
…………..
– ماحقيقة مايروج في” ظاهر وباطن ” المركب الكبير للقناة الثانية؟؟ …
– روائح قصص وحكايات تنثر بألوان عديدة لحقائق مفككة مشفرة، وكأنها أسرار مهربة بعناية من بنايات بعيدة عن سكانها الأصليين تم دسها في شريط بالأبيض والأسود قديمة حكاياته …
معطيات غير مكتملة تظهر هناك وتختفي هنا حين تريد الإقتراب منها؟؟؟
– فهل فعلتها النميمة ب “جوهرة ” القطب العمومي المغربي ؟؟؟ أم ان مايقال عن حالها، في السر والعلن، هو حكايات صحيحة، أبطالها السلبيون، في الغالب لايظهرون كثيرا، حتى لاتلتقطهم عيون الفضاءالعام، وضحاياهم عديدون تخسرهم مهنة الإعلام والصحافة فيختارون الذهاب ( حتى خارج البلاد ) للقيام بأشياء أخرى غير هاته الحرفة التي ولجوا أبوابها لتحقيق مسارات مهنية تصنع الحقيقة والفرجة الراقية الجميلة؟؟؟؟…..
– هكذا بدات رحلتنا وهكذا شدتنا حبال الإستقصاء للتعرف على تعب أصحاب مهنة، التعب كما يقول جل الناس، وهم لايتصورون كلفة ذلك التعب عليهم حينما لايجدون دعما ولاتضامن الزملاء ،
فقررنا ان نتسلل إلى ماوراء الحيطان كي ننصت لما يحدث فعلا ، قريبا من أهل المنزل رغم صعوبة الحال والأحوال فأتيناكم بما سيثير الإنتباه والخلاف والتفاوت في الأحكام..
– قبل عشر سنوات قال لي صديق في المهنة واثق الكلام حريص علىصدقه ” من سيكون محظوظا ويرفع في وجهه ” حاجز ” الدخول إلى فضاءات ” البيت الداخلي ” للقناة الثانية سيكون بالفعل محظوظا مرتين !!!..
في المرة الأولى لكونه سيتعرف على رواج إنساني لأكبر مؤسسة إعلامية عمومية نشات في بداية العشارية الأخيرة من عهد الملك الحسن الثاني الذي أعطى قراره الشخصي والسياسي بإخراجها إلىالوجود…
وفي المرة الثانية سيكون أكثر حظا لأنه سيلمس ب ” المباشر ” و ” غير المباشر ” كيف اشتغلت وتشتغل إلى حدود اليوم الماكينة التدبيرية لقناة واجهت منذ بداياتها جراحات سؤال البقاء والتطور في محيط عام منغلق، لم يبادلها الورود والقبلات العاطرة، ثم كيف ولماذا تحولت اليوم إلى ماهي عليه من توالي مسلسلات الوعكات les malaises، تعطي الإنطباع شبه المؤكد آنها لن تتوقف على الأقل في المدى القريب…”
– هذا الكلام هو لواحد من الأطر القديمة التي شكلت المادة الرمادية المهنية الأولى الذي انطلقت به القناة الثانية في الرابع من مارس 1989، وهي شبه خلاصة قديمة بقيت ترن في أذني وعادت لتفعل نفس التأثير حين حصلت على هذا
” الحظ ” ( حظ الزيارة المباشرة )الذي بشرني به ابن الدار هذا الذي كان قد غادرها في ليلة عاصفة من زمن مرحلة مديرها العام السابق نورالدين الصايل…
– فما أن دخلت إلى رحابها ( كما يقول زملاء المواقع الإلكترونية المحتفى بهم ) حتى أخذت ، دون تعب يذكر، أشم رائحة التوعكات عن بعد، وأسمع أصداء القلق والتوثر الذي لايخفي نفسه بصريا وسمعيا في الكثير من الأحيان…فتذكرت أيضا ماكان يحلو لأحد المدراء السابقين أن يردده في تعقيباته على الصحافيين المقربين ،و فيمايشبه التحدي ، حيث يقول بخصوص من يريد التعرف على حقيقة القناة الثانية ” عليه أن يقطن لمايكفي بداخلها لا ان يتكلم عنها وهو يغازلها أو يشتمها من خارجها !!! “…
– لقد كانت تلك الفكرة صائبة وبقيت تحافظ على صوابها رغم مافعله الزمن بهاته الدار من تغيرات مست عمقها المهني،، إذ على كل من أراد فهم مايقع بداخل دوزيم عليه أن يتسلل لداخلها وينصت لأناسها من أسفل درج إلى أعلى مراتب المسؤوليات بأجيالهم المختلفة…
وعن هذا الأمر يبدو أن أفضل الوسائل هو الإنتباه لمصادر المعطيات الخصبة التي نبهنا إليها أغلب من التقيناه ونعني به مايسميه قدماء القناة ب ” ضجيج الممرات ” bruits des couloirs …ففي الممرات ستلتقي بالآراء والمعطيات التي لن تخبرك بها الجلسات الرسمية والحوارات المباشرة والمهيئة عن بعد، كما ستلتقط شبكتك التعبيرات الأكثر صراحة عن هموم وانشغالات المستخدمين الدائمة وتخوفاتهم من مستقبل صارت قسماته لا تظهر بوضوح كاف، في ظل توالي السحاب الكثيف الذي ينبعث من نوافذ الطابق الرابع حيث تقطن قيادة الإدارة العامة بمكوناتها غير المنسجمة…
– على لسان كل مهني – يمكنك أن تلتقيه على انفراد في مكتب ما، أو على هوامش البلاتوهات التي لاتتوقف عن استقبال البرامج بكافة أجناسها، أو أثناء استراحة عابرة- ستفاجئك مرارة العبارات التالية رغم صياغاتها المتعددة: نحن لانعرف أين تسير الباخرة ؟ ولا نعرف حتى من يرسم خريطة السير؟ لا أحد من فريق الإدارة العامة أو ماتحتها في سلم المأموريات يمكنه أن يجيبك على ذلك؟ …
– وحين يحلو لك أن تطرح ذلك السؤال البديهي حول مؤسسات القرار ومسؤوليات كل واحد ممن يتملكون أقلام ” التوقيع ” الجاف على القرارات والتوجيهات التنفيذية، ستسمع أذناك حينها بسيط الكلام وأكثره غضبا…فالغالبية مقتنعة بأن قناتهم مكبلة تكبيلين، تكبيل خارجي ” عن بعد ” تطأ بموجبه أقدام رئيس مجلسها الإداري فيصل لعرايشي على صدرها من الرباط العاصمة، وتكبيل داخلي تظافرت على نسجه أسماء مسؤولين متعددي الأهواء والنزعات والإرتباطات الخارجية المبهمة واللامعلنة، وهذه الوضعية عاشتها القناة الثانية منذ الإنهاء القانوني الفوقي لمسؤوليات آخر مدير عام يعينه الملك على رأس القناة الثانية مصطفى بنعلي الذي جاء إلى موقعه ذاك عبر مسيرة طويلة ابتدأت منذ ماقبل تأسيس ” الدوزيم 2m ” ضمن الفريق التنفيذي الذي تكفل عمليا برسم الخطاطات الأولى على الورق لهذا المشروع الإعلامي الذي تم ” طبخه ” بعيدا عن الأيادي الحديدية لقائد أم الوزارات آنذاك الراحل ادريس البصري…
. ………………………
– ماالذي يقع اليوم على رأس القناة الثانية :
– كما يفعل أي صحفي يبحث عن جواب سليم لسؤال من هذا النوع والحجم سنطلب من قارئ هذه الحروف أن يسمح لنا بتذكيره وتخصيب ذاكرته بذلك المثل الشعبي المغربي الذي تبدأ به عادة جل حكايات شيوخنا الحكماء، والذي يقول فحواه إنك إذا أردت أن تفهم مايقع لك اليوم، فماعليك إلا ان تعود للبحث فيما فعلته البارحة وقبل البارحة…
فكل حادثة تحدث لها مايسبقها من أسباب ويفسرها ، وهذا ما يعيه جيدا عموم العاملين في قناة عين السبع ويظهرونه في شهاداتهم المليئة بالشجن والخوف…
إنهم يربطون بكفاءة التفسير، بين الأزمة الدائمة التي يعبرونها اليوم، وبين وجود فريق التسيير الحالي على رأس القناة باختلاف حسابات اطرافه ومصالح بعضهم البعض ضد البعض الآخر…
فعلى الرغم من أن جزءا من مستخدمي القناة الثانية لازال يحمل في صدره ذكريات يعتبرونها نقاط ضعف قوية وفرصا ضائعة للتطوير المهني في عهد المدير العام بنعلي، فإن الغالبية من الذين فتحوا خزائن ذكرياتهم لنا يشهدون للرجل بمواقفه العنيدة لحماية القناة من تسربات أطراف خارج الدار للتحكم في مسارها المهني والتدبيري المرتبط بنموذجها الإقتصادي السابق، الذي سيدخل مرحلة التصفية والإجثتات حسابيا وبشريا، منذ تربع فيصل لعرايشي الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية على رأس المجلس الإداري لدوزيم، في ذاك اليوم المحبوك بألف يد ويد، من الداخل والخارج، وفي انقلاب ظاهر حتى على سلطة الوزارة الوصية في عهد نبيل بنعبدالله والفريق الحكومي الذي كان يقوده رجل القصر إدريس جطو….
قد يقول قارئ سطور هذه الأوراق متسائلا: وما علاقة هذا الإسترجاع لعقارب الزمن بما يحدث الآن على رأس أكبر قناة تلفزيونية عمومية بالمغرب وببلدان المحيط بشمال إفريقيا إمتدادا إلى الشرق المتوسط؟
– وفعلا إن هذا السؤال قد وضعناه – نحن أيضا – على العديد ممن يملكون معطيات كافية حتى ترتسم لنا اللوحة كاملة ونفهم بعضا من أسرار هذا ” الإنحباس ” الضاغط الذي يجثم على قدرات القناة المهنية الأدبية والإتصالية ذات الصيت الجماهيري الممتد…
– وفي هذا الباب لم يتردد أحد زملاء المهنة في قطاع الأخبار بوصف مايحدث بالقناة ب ” الإرتداد العام
على جل ماراكمته من مكانة ،والسبب لاتحاولوا أن تبحثوا عنه في السياسة التحريرية أو في خلافات ونزاعات ذات طابع مهني تهم الأولويات البرنامجية وأسئلة التحديات الثقافية المجتمعية ومعطيات التحولات البيئة التكنولوجية العالمية، ومدى استعداد القناة للتفاعل مع الإنتقالات الضاغطة في هذا الحقل والاستثمارات التي تتطلبها… لاشئ من هذا هو السبب، إنهم لايطرحون على أنفسهم أسئلة من هذا القبيل، هم يقولون لك بصريح العبارة أنهم لايملكون ولو هامشا صغيرا للحق في الكلام واتخاذ القرارات، لكنهم من جهة لا يتنازلون عن مصالح المواقع وغنائمها، بل إنهم يجتهدون لكي لاتفلت الفرص من بين أيديهم…يرتبون سير المؤسسة ليتحكموا في كل التفاصيل المالية بمدخولاتها ومخرجاتها ،وبكل ماينجم عن ذلك هوامش الإستفادات الريعية التي لاتراها ولا تسمع عنها الآذان…
ويكفي ان نستحضر لائحة أسماء هذا الفريق المستفيد من التسيير الحالي ونضع سيرهم الشخصية c.v على طاولة التفكيك لنكتشف مساراتهم، وكيف عقدوا الولاءات الصغيرة والممتدة بينهم وأقسام الإدارة العامة ومن يحكم القناة عن بعد لتظهر لنا شبكة التحالف المتحكم في رقاب يوميات دوزيم…
وهذا ماسنعود إلى جواهره الواحدة تلو الأخرى، وستكون لنا معه وقفات نحط فيها الأصبع على عوامل الإعاقة والخللات في تسيير أكبر القنوات الإعلامية العمومية المغربية منذ مطلع تسعينيات القرن العشرين…
……………………