بمناسبة اليوم العالمي لحقوق المرأة ـ
كتب: عبدالحق عندليب :
في سنة 1977 قررت هيئة الأمم المتحدة أن تجعل من يوم 8 مارس يوما عالميا لحقوق المرأة. ومن الغايات الأساسية لإحياء هذا اليوم بالإضافة إلى التحسيس والتوعية نذكر الوقوف على مجموعة الاختلالات والمعيقات التي تعترض إعمال المساواة التامة بين الرجل والمرأة في التمتع بكل الحقوق الكونية المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهي كذلك فرصة لفتح أبواب النقاش والحوار سعيا وراء بلورة الحلول والمقترحات الكفيلة بتمكين نصف المجتمع من التخلص النهائي من الدونية والإقصاء والاستعباد.
فلا بد في البداية الإقرار بإن نضال المرأة الشاق والطويل الذي امتد عبر قرن من الزمن لتحقيق المساواة في الحقوق لم يذهب سدا رغم كل العراقيل والصعوبات المتمثلة أساسا في هيمنة العقلية الذكورية، بل إن المرأة ومعها طيف واسع من المثقفين المتنورين والحقوقيين والسياسيين التقدميين قد استطاعت أن تنتزع العديد من المكاسب على مستوى الاعتراف القانوني بحقوق المرأة وذلك من خلال التنصيص الصريح على مبدأ المساواة وهو ما تجلى في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وفي العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وأساسا في الاتفاقية الدولية لمناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة دون أن ننسى البرتوكول الاختياري الملحق بهذه الاتفاقية. إن مجمل هذه المواثيق الدولية تشكل اليوم مرتكزات الشرعة الدولية لحقوق الإنسان التي تعد بلادنا طرفا فيها بحكم المصادقة عليها، وهو ما يجعلها ملزمة لدولتنا وبالتالي يفرض عليها العمل على ملائمة القوانين الوطنية لمضامين القانون الدولي لحقوق الإنسان بل العمل على حمايتها والنهوض بها.
وفي هذا السياق لايسعني إلا أن أنوه بالمبادرة الملكية الرامية إلى إصلاح مدونة الأسرة من خلال تشكيل لجنة متخصصة لهذه الغاية حيث قدمت الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات النسائية والمنظمات الحقوقية تصورتها ومقترحاتها حول إصلاح المدونة. ومن بين هذه المقترحات والتصورات التي تتطابق مع وجهة نظري المتواضعة كمناضل حقوقي لابد ان أذكر ما جاء في البيان الصادر عن اللقاء التنسيقي الأخير بين قيادتي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية وطيفا واسعا من الجمعيات المدافعة عن حقوق النساء. والذي نجمله في مجموعة المطالب الأساسية التالية:
– منع وتجريم تزويج الطفلات دون سن 18،
– إقرار المسؤولية المشتركة بين الزوجين في الولاية القانونية على الأبناء وإقرار المساواة بين الزوجين في حضانة الأبناء وضمان حقوق الطفل المحضون،
– منع تعدد الزوجات،
– التدبير العادل والمساواتي للممتلكات المكتسبة من قبل الزوجين أثناء غيرة الزواج،
– إحداث آلية الوساطة الاجتماعية،
– اعتماد الخبرة الجينية في إثبات النسب،
– إلغاء التعصيب والسماح للورثة بالحق في الوصاية،
– الاعتداد حصرا بعقد الزواج الموثق في حينه،
– إلغاء التمييز على أساس الجنس أو المعتقد في الزواج،
– إلغاء المادة 400 من المدونة الحالية للأسرة،
– الإسراع بهيكلة هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز وهيكلة المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة،
– مراجعة مجمل المنظومة القانونية الوطنية لتكريس المساواة وفي مقدمتها القانون الجنائي وفق مقاربة حقوقية وديمقراطية ومساواتية بما يقضي إلى القطع مع كل أشكال التمييز بين النساء والرجال وإلى القطع مع جميع صيغ العنف ضد المرأة.
وفي الختام لا يمكننا إلا ان أنوه بما قدمته وتقدمه كل القوى التقدمية والحركة النسائية والمنظمات الحقوقية من مجهودات فكرية وتحسيسية وتعبوية من أجل إحقاق الحقوق الكاملة للمرأة وضمان المساواة بينها وبين الرجل في التمتع بهذه الحقوق حتى تتمكن المرأة المغربية من تبوء المكانة الطبيعية التي تليق بها سواء داخل الأسرة أو داخل المجتمع أو داخل مؤسسات الدولة والمجالس المنتخبة أو داخل الأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني…
أملنا كبير في أن يسفر النقاش والمشاورات الجارية حول مدونة الأسرة إلى فرز مدونة صالحة لمتطلبات وتطورات العصر، مدونة تضع حدا للدونية والإقصاء وتحقق العدل والمساواة في الحقوق الأسرية بين الزوجين وتضمن للأبناء شروط التربية المناسبة والرعاية الشاملة وتوفر للأسرة التوازن الضروري والاستقرار الاجتماعي.