من عبد الواحد الطالبي – مراكش
ليس على دبوز حرج، ولا على غيره حرج، في كل ما يبديه من ولاء لفرنسا، وهي موطنه ومهوى فؤاده وموئله، وهي التي شهدت صرخة ولادته. مثله في ذلك مثل كثيرين مغاربة، ولدوا ونشأوا وتربوا في بلدان أجنبية وحافظوا على الروابط بالبلد الأصل الذي لا يسقط جنسيته على مواطنيه، مهما اكتسبوا من جنسيات أخرى.
إنما الحرج كل الحرج واللوم والعذل على الذين ولدوا في المغرب ونشأوا فيه، وهو تعهدهم حتى أصبحوا ما هم عليه وتغربوا فيه، فلا يدينون له لا بولاء ولا بوفاء، ينهبون ثرواته ويستحوذون على مقدراته ويهينون مواطنيه، وهم في مناصب المسؤولية، التي تبيح لهم كل سلطة الإمعان في إذلال الشعب وإهانته والحط من كرامته وتحقيره جهلا وفقرا.
هؤلاء هم نخب المجتمع الذين يحتفظون بالجوازات الأجنبية للمغادرة عند كل إحساس بقرب الطوفان، هم يعيشون بيننا ولكنهم أجانب عنا غرباء في لغتهم وأسلوب عيشهم وفي ثقافتهم.
جمال دبوز فرنسي لا لوم عليه. وكأشباهه الفرنسيين الذي يأتوننا سياحا أو يستوطنون في مدننا وقرانا، ولهم دوننا امتيازات في الأمن والرخص والعمل، ومنهم من يحبنا ويحب المغرب ويتولَّهُ به فيصير كالمواطنين الأوفياء للملك والوطن والشعب.
أما من يجب أن يلام وينبذ، فذاك الذي في بلده ينكر عليها كل ما تمنحه إياه ويتحين الفرصة ليقدمها قربانا للأجنبي من أجل قطمير، وذاك الذي يلعنها بكرة وأصيلا متربصا بالرحيل عنها، وكذاك الذي يتاجر بقضاياها السيادية الوطنية من أجل حفنة دنانير لا تغني ولا تسمن، ومن أجل بطاقة إقامة أو سفريات عبر ربوع الخصوم الأعداء.
وليس ما يثلج الصدر في هذا الواقع، الذي يفقأ العيون سوى أمثال الشباب القدوة كزياش وحكيمي والخنوس وأمرابط وزملائهم، الذين ليس للمغرب عليهم فضل لا التكوين ولا التنشئة ولا الإمداد المادي والمعنوي، ولكنهم يعرقون من أجله ويجعلون امتيازات مواطن الاستقبال وراءهم ظهريا ويخلصون للمغرب، فطوبى لهم ومنا إليهم ألف شكر.
أمامهرجان الضحك في مراكش فهو تظاهرة فرنسية لا جريرة له ولا علي، هو موجه لجمهور فرنكفوني وريع سهراته يتم تحويلها لمصارف فرنسا.
وإن كل الذين بالغوا في مواقف المعارضة والاستهجان والنقد لصورة جمال دبوز الفرنسي-المغربي في مدرجات الجمهور بملاعب مونديال قطر 2022 مزدوج اللونين، بالشعارين الوطنيين للبلد الأصل وبلد النشأة. فلا حق لهم في مناصبة هذا الفنان الخصومة أو العداء. ولا حق لهم في الدعوة لمقاطعة مهرجان ينظمه في المدينة الحمراء، مع أن حرياتهم مكفولة في الرأي والتعبير، كما حرية دبوز والآخرين مكفولة في التشجيع والتحميس، لمن يشاء بالصيغ والطرق التي يشاء.