‏آخر المستجداتلحظة تفكير

مالكة العاصمي: الرئيس ترمب لا يهمه النباحون

بعض المتلقين لقرارات الرئيس المنتخب للولايات المتحدة الأميريكية السيد ترمب امتلؤوا رعبا مما سيؤول إليه العالم بسياسته التي اعتبروها رعناء متغولة ستأتي على الأخضر واليابس وتنشر الفوضى الشاملة في النظام العالمي المبني على العدالة والأمن والاستقرار.

أصابتني الدهشة والعجب من هذا التحليل الغريب للصورة التي يرسمونها لهذا الرئيس الكبير لدولة قوية وكأنه تلك الشخصية المخيفة التي كانوا يلوحون لنا بها ونحن أطفال كي يجنج بنا الخيال إلى كل المشاهد المرعبة فنرتجف وتتكور ونرعوي ونكاد نفقد الإحساس مما يتهددنا من عنف فوق التصور.

(بوعُّو) الغول الذي سوف يفترسنا وهو الذي يفترس من يضعه القدر في طريقه، من أمثال الطفلة الفقيرة أو الأميرة الجميلة.

كذلك الرئيس ترمب غول العصر كما يصورونه، ينقض على كندا وإيرلاندا وبنما، ويقيم جدارا يحاصر به المكسيك، ويطرد المهاجرين  إلى أوطانهم لينظف أمريكا من المجرمين، ويوقف الهدر الذي يصيب الميزانية الأميريكية بسبب حمايتها لأمن أوربا ومساهماتها في المنظمات الدولية، ويغادر المنظمات التي لا يتفق مع سياساتها، ويعاقب المحاكم والجهات والهيئات التي لا تحترم أميريكا ومكانتها في العالم، ويقرر تهجير أهل غزة ومجموع فلسطين ليضمن لهم عيشا أفضل في أرض الله خارج أرضهم رغم ما يسمونه التشرد أو الشتات، ليسيطر  على فلسطين ويجعلها ريفيرا الشرق ثم يسلمها لإسرائيل. ثم لا ينسى مكة وعموم الخليج الذي يتوفر على أموال وموارد هائلة يجب أن توضع بيد خبراء الاستثمارات للاستفادة منها، وخبرة السيد الرئيس كبيرة في الاستثمارات سواء العقارية أو تلك التجارات المدرة للأموال الطائلة التي لا يدخر روادها القطير أو القطمير الذي ينفقونه بسخاء في الكازينوهات والملاهي والجنس ما سيجعل المنطقة قبلة العالم الجديد تبز لاس فيكاس وريفيرا وغيرها

مشروع الرئيس ترمب أوسع وأكبر من كل هذا بكثير، إذ إنه تحالف مع السيد ماسك صاحب الذكاء الاصطناعي الذي سيتسرب من خلال خبراته وأفكاره ومكتسباته العلمية إلى التحكم في أشياء كثيرة والسيطرة على أشياء كثيرة  وترهيب جهات كثيرة وترويع جهات كثيرة.

آي هاي هاي هاي

هذا ليس الغول فحسب، ولا العفريت أو الديناصور أو….

إتقوا الله

هذا رئيس دولة كبيرة يحترم دولته ويريدها قوية آمنة مستقرة. من واجبه أن يبني لنفسه الصورة التي تجعله مسموع الكلمة عند الخصوم، ومن الطبيعي أن يستعمل بعض خبرته المهنية ومعلوم أنه شخصية ناجحة مهنيا ومهنته تقوم على متلازمة الإغواء والمغامرة والتهديد وهي متلازمة قد تصلح في السياسة كذلك، فيكون اللعب سريا وكأنه مكشوف، أو مكشؤف وهو سري. وهكذا هي السياسة لمن يعرفها حقيقة.

منذ ولايته الأولى كان الرئيس ترمب مميزا فيما يفعله أو يقرره وهو الذي ابتكر الديانة الإبراهيمية التي وحدت المسلمين مع الصهاينة والنصارى في دين واحد، بل ربما كانت ستمضي في طريقها لتوحيد باقي الديانات البوذية والمجوسية والإنسانية عامة.

أما هذه الولاية فهي أجمل ولاية لأبدع قرارات، ولا شك أن العالم سيستفيد من رجل شجاع بخبرة عالية وفكر نير، ما زال يبهرنا بقراراته وأفكاره ونظرياته منذ أطلق حملته الانتخابية. يطلع في كل يوم بعشرات الأفكار المثيرة التي لم يلتفت لها أحد من قبل، أفكار تبدو كالقنابل للبعض لكونها جديدة مبتكرة شبيهة بتلك التي كان ممكنا أن يقدمها وزير الابتكار المغربي لو سمح له بالوقت الكافي، وهو تمثيل مع وجود الفارق طبعا بين السماء والأرض كما يقول المثل  المغربي.

بعض المتخلفين يقولون عكس من سبقوا من السوداويين اللذين يحسبون الرئيس مخيفا في شخصيته وقراراته، فهم يرون العالم يعيش في سيرك كبير يلعب فيه مهرجون يطلقون المفرقعات اللغوية والشطحات البهلوانية للترفيه على البشرية مما تعانيه من مآسي وقنوط، ويخلقون فيها جوا من البهجة والحبور، ويحدثون نوعا من التجديد والحيوية في الحياة السياسية التي منيت بالكوارث في مراحلها المتأخرة يسما مع الرئيس بايدن ونائبته كامالا هاريس.

وبالرغم عن المثلبة التي تطوق هذا الفكر غير أن الوضع لا يخلو من شكل من التغيير في السياسة العالمية بصعود رجل قوي مثير، وفي نفس الوقت رجل قريب من الشعب، يرقص ويمزح ويتواصل ويخلق حيوية خاصة في مهرجاناته وانطباعات معينة قد تكون متناقضة في نظر بعض من لا يهم ما يكون رأيهم أو موقفهم، فهناك دائما أشرار حيث يوجد أخيار. ويمكنهم أن يروا في المشهد سيركا أو تهريجا أو مهزلة ـ كما يمكنهم أن يروا فيه خطرا وتغولا وعنفا وحتى إجراما دوليا لا فرق. والعرب يقولون: “القافلة تسير والكلاب تنبح” . والرئيس ترمب لا يهمه النباحون.

الرئيس ترمب لا يومن سوى بشبه ما قاله الشاعر العربي:

الجَد في الجِد والحرمانُ في الكسلِ             فانصَبْ تُصِبْ عن قريبٍ غايةَ الأملِ

وكما قال المثل العربي:  من جدَّ وَجَدْ. ومن زرَعَ حَصَدْ  

                                                                                     مالكة العاصمي

                                                                             الثلاثاء 19 يبراير 2025

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button