(كش بريس/خاص) ـ أحيت جمهرة من المثقفين والفنانين والإعلاميين مساء أمس الجمعة بدار الثقافة بمراكش، أمسية تأبينية لروح الفنان الملهم الراحل فؤاد بنلقايد ، بمشاركة فرق فنية إبداعية وشعراء وكتاب من مراكش ومدن أخرى.
وانداحت الكلمات الملقاة بالمناسبة، لتصيخ ذكرى العبور إلى روح الفقيد، كاشفة عن جلال لحظات الاعتراف بمكرماته وأخلاقه وتواصله مع المجتمع الثقافي والجامعي.
واتفقت الكلمات، التي اندلقت من قلوب معبريها، على المبادرة الجليلة التي نظمتها فرقة “رواق” التي كان ينتمي إليها بنلقايد، بتعاون مع المديرية الجهوية لوزارة الثقافة بالجهة، تأسيسا على مبدأ الوفاء والإخلاص للراحل، وامتدادا لأفق العطاء الذي ما فتئ يرسخه في دواخلهم.
لهذا لم تخل كلمة “رواق” التي ألقاها بالنيابة الفنان الأستاذ مولاي الحسن الوفا، من إصغاء بليغ للتاريخ والعلاقة المثالية التي كانت تجمع الفنان الأخلاقي الراحل فؤاد بنلقايد بالعمل الفني عموما والثقافي خاصة. وأورد الوفا بهذه المناسبة، نماذج من أخلاق الرجل ومحبته للعلم والفن، مؤسسا قوله على اقتدارية ونباهة الراحل ودقة اخياراته وتعدده المعرفي .
وقال الدكتور المصطفى لعريصة، بهذا الخصوص، إن علاقته بالفنان فؤاد بنلقايد تتجاوز حدود الأستاذ مع طالبه، “لأنها ترسخ جمال الصداقة الفلسفية، وامتدادها في الوجدان والذاكرة”. واستعرض لعريصة، استاذ الفلسفة بجامعة القاضي عياض ورئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة مراكش، صروح هذه الصداقة، التي توطدت بالتقائية ثنائية “الفلسفة والموسيقى”، مؤكدا على انصهارها في الإحساس لنفس الانتماء والبحث عن السعادة، ومشددا على ترسيخها على جميع المستويات، الجمالية والكونية.
وكشف الدكتور لعريصة، عن سر عودته للدرس الأكاديمي بالجامعة، مزيحا الستار عن القلق الذي كان ينتاب الراحل بنلقايد وهو يبحث عن ملاذاته الهاربة، في الإستمرار باحثا فلسفيا، مبديا سعادته بالتصافي والتوشح بتجربة أستاذه في الفكر الفلسفي، وحلمه الذي لم يكتب له أن ينفعل على الأرض.
ووعد لعريصة عائلة الراحل، بإهداء عمله الأكاديمي حول “الفلسفة الأفريقية” التي كان يود أن تكون بؤرة بنلقايد لتحقيق حلمه في التعليم العالي، مؤكدا في الآن نفسه، أنه سيهدي عمله المقبل لروحه المحبة والتواقة إلى العلياء.
في السياق ذاته، عبر الشاعر والإعلامي الدكتور مصطفى غلمان، عن حزنه الشديد على فراق الراحل، وانقطاع أمده، مبرزا صدمة أصدقائه المثقفين والكتاب والفنانين، من نزول الفجيعة ووقعها الشديد على المحيط وعموم المجتمع. وقال إن إسهامات بنلقايد في إنجاح العديد من المحطات الثقافية والفنية بالمدينة والوطن، لا يمكن إلا أن يرسخ قيمة ما سيصبح علامة في أوار الذاكرة والتراث، داعيا إلى توطين ذلك وإضفاء الطابع العرفاني والقيمي له.
وأكد غلمان على ضرورة تحسين علاقاتنا بالفاعلين الثقافيين والفنانين الراحلين، مؤملا أن تجد مثل هذه النداءات آذانا صاغية، للمسؤولين ومدبري الشأن العمومي والثقافي بخاصة، حتى لا تكون مقافر النسيان وآجالها القصيرة، نياطا للتواري والتخلف عن أداء واجب العرفان والصدقية والاقتداء.
وخلفت فقرات الأمسية التأبينية، التي أحيى فقراتها كل من فرقة “رواق” وفرقة النغم لآلة العود، والفنان القدير محمد شروق، والفنانين : الحسين ايلان واسماعيل الساكوني وعبد الهادي الحيداوي، وأنس الخرشي، والمصطفى الريحاني، وعثمان الخمليشي. علاوة على الشاعرتين فوزية رفيق ومالكة العلوي والشاعر صلاح الدين بشر ، والفنان التشكيلي والكاليجرافي الحسين، (خلفت) قابلية وتجاوبا ملفتا. وهو ما ختم اللقاء بتقديم لوحة فنية عبارة عن بورتريه للراحل المؤبن فؤاد بنلقايد، على وقع احتضان جماعي للفكرة والقيمة، ترجمتها كلمة والدة الراحل التي كانت منسابة كماء الجود الأمومي الدافق.