في المغرب يمكنك أن تسعى بمعنى الدارج “السعاية”، بل وتوظف كل العلاقات وتقدم الهدايا وكل الخدمات التي تطلب منك وتجتهد في تقديم تلك التي لم تطلب منك ، وكل ذلك من أجل أن تكون “مسؤولا ” في قطاع ما، أي قطاع لا يهم ، المهم أن تكون مسؤولا ولو لم تكن لك أية حرفة أو مهنة ، لأن ذلك يؤهلك لأن تكون “مهما ” وترتقي اجتماعيا وتحول قطاعك الذي تشرف عليه إلى قطاع غيار يجد فيه كل المقربين منك والمتزلفين مايريدونه من ريع ، وتتحسن أحوال المسؤول وأحوال مقربيه ومعارفه، دون الشعور بأي ذنب أو خوف لأن لا أحد يمكنه أن يسائلك ، يمكن أن تخلد في منصبك إلى حد أن يقترن المنصب بك وباسمك وتصبح أنت هو المنصب والمنصب هو أنت.
وخير مثال على ذلك الجامعات الرياضية ببلادنا. حيث لم يخجل المعمرون في هذه الجامعات ، والذي لا يعرف أحد كيف تمكنوا من السيطرة عليها وتحويلها إلى أدوات لتعميق الريع ، من محاولة إقناعنا بأننا انتصرنا واننا فقط ضعاف الذاكرة والبصيرة والبصر. ولم نستطع أن نرى تلك الإنجازات الباهرة لأننا أعداء النجاح!!.
للأسف الشديد، في بلدنا العزيز لنا القدرة في تحويل الفضائح إلى مسرحية وفرجة وضجيج دون عقاب أحد ، حدث ذلك عدة مرات. وآخرها فضيحة تذاكر المونديال !حيث تمخض الجبل فولد فأرا.
متى سنقطع مع هذه المنهجية التي لاتريد أن تواجه معضلة الفساد والريع والرشوة بكل شجاعة وجرأة. وكل ما تفعله هو تعميق اليأس وتوسيع مساحات الشك والغموض وفقدان الثقة في كل شيء ؟.
إن رؤساء الجامعات الرياضية يتحملون مسؤولية الإخفاق المتكرر لرياضاتنا. وهذا تحصيل حاصل لايختلف عليه اثنان ووضعت أموال كثيرة تحت تصرفهم دون أن يكون لها أثر على النتائج.
ومن غير المقبول اليوم أن تقتصر معركة مكافحة الفساد على المنتخبين وحدهم. يجب أن تشمل الحرب ضد الفساد كل المسؤولين العموميين دون استثناء بما في ذلك المجال الرياضي.
لانريد أن تقتصر المحاسبة فقط على أسئلة روتينية مكرورة في جلسات البرلمان دون معنى.
نريد أن يجرى افتحاص شامل لأموال هذه الجامعات، وتحديد مجال صرفها بدقة والمستندات المؤيدة. لذلك ، لانريد فقط أن يتنحى مسؤولي هذه الجامعات الذين خلدوا في مناصبهم ويتقاضون أجورا وتعويضات والإستفادة من امتيازات لاحصر لها دون نتيجة تذكر.
نريد أن تتم محاسبتهم. وأن يفتح بحث قضائي واسع ومعمق لتحديد ملابسات وظروف حصول كل هذه الإخفاقات التي أصبحت قدرا محتوما علينا ، نريد من رئاسة النيابة العامة أن تتفاعل مع مطالب المجتمع الهادفة إلى محاسبة مسؤولي هذه الجامعات ، تفاعلها مع هذه المطالب يقتضي إسناد البحث القضائي إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية لإجراء كل التحريات والأبحاث الضرورية حول مجال صرف الأموال المخصصة لها. مع اجراء بحث اجتماعي خاص بمسؤولي هذه الجامعات لتحديد مسارهم الإجتماعي ومايتوفرون عليه من أموال وممتلكات. وكيف تأتى لهم تكوينها والحجز عليها إن اقتضت الضرورة ذلك. وفتح مسطرة الإشتباه في غسل الأموال في مواجهتهم . ويبقى ذلك هو طريق تحقيق العدالة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
ليبقى السؤال الجوهري: هل من إرادة سياسية حقيقية لمواجهة آفة الفساد والرشوة والريع والإغتناء غير المشروع؟ أم أن جبهات المقاومة تعاكس تطلعات وطموحات المجتمع في الحرية والكرامة والعدالة، وتسعى بكل الوسائل لإطالة عمر الفساد والإفلات من العقاب ؟.
نتمنى وسط كل التحديات والإكراهات التي تواجه بلادنا. في عالم مضطرب وعواصف متعددة الأبعاد. أن نرى جدية في مكافحة الفساد ومحاسبة لصوص المال العام والمفسدين دون أي تمييز أو انتقائية .