تفيد بعض المعطيات المتوفرة، أن قرار حفظ شكاياتنا في الجمعية المغربية لحماية المال العام ذات الصلة بشبهات فساد وتبديد واختلاس أموال عمومية، والمتخذ من طرف الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف بمراكش، يتجاوز الوكيل العام بمراكش وله امتدادات وطنية.
هو قرار غير معزول عن سياق عام، عنوانه انزعاج جهات وأطراف من دينامية مكافحة الفساد والرشوة، وتزايد المطالب المجتمعية بضرورة تخليق الحياة العامة وربط المسؤولية بالمحاسبة . هي أطراف وجهات شكل وزير العدل ناطقها الرسمي من داخل قبة البرلمان التي من المفروض دستوريا وسياسيا، أن تشكل منصة لتضييق الخناق على لصوص المال العام، وكل الذين يطمعون في استغلال مواقع المسؤولية، لمراكمة الثروة بطرق غير مشروعة.
لكن ولأن البرلمان يضم 30 برلمانيا متابع قضائيًا بتهم مشينة وخطيرة ، وبعضهم الآخر تلاحقه شبهات فساد وتبييض الأموال، فإنه يصبح من سابع المستحيلات أن يقوم برلمان كهذا بممارسة أدواره الدستورية، في إصدار نصوص قانونية تتصدى لشيوع الفساد والرشوة وسيادة الإفلات من العقاب.
ولأن الأمر كذلك، فإن وزير العدل جمع أنفاسه ورفع يديه إلى السماء وصرخ بصوت مرتفع: “علينا ان لانسمح لجمعية حماية المال العام بجرجرة المنتخبين والمسؤولين داخل ردهات المحاكم لأننا لن نجد مستقبلا من يترشح !! ويتحتم علينا أن نخرج قانونا يمنعها من ذلك. أو عليها ان تختار عقوبة السجن عشر سنوات !!”
هكذا تكلم الوزير كمحام شرس، للمستفيدين من الفساد والريع المراكمين لثروة مشبوهة والخائفين من سيف العدالة والمحاسبة. مرافعة تبعتها ضغوط كبيرة من كل جهة إلى أن تمت ترجمة ذلك، بحرماننا في الجمعية المغربية لحماية المال العام من الوصل النهائي، من طرف وزارة الداخلية وحفظ شكاياتنا من طرف القضاء للعلة نفسها، رغم أن الشكايات تتضمن وقائع جنائية خطيرة. تتعلق بشبهات تبديد واختلاس أموال عمومية . ويصبح معها قرار الحفظ بمثابة صك براءة للمفسدين ولصوص المال العام. وتحصينهم من العقاب ضدا على قواعد المسطرة الجنائية والقانون الجنائي. فضلا عن كون ذلك يشكل تحجيما لأدوار القضاء في مكافحة الفساد والرشوة. وهو مايناقض خطاب السلطة القضائية في هذا الاطار والسياسة الجنائية المتعلقة بمحاربة الفساد والرشوة وتخليق الحياة العامة !!”
هي معادلة غريبة وغير مفهومة : الدولة تقول إنها أعلنت الحرب على الفساد والرشوة ونهب المال العام. وإنها تريد تخليق الحياة العامة وفرض مدونة سلوك على المنتخبين. وأن لا أحد فوق القانون. لكن مقابل ذلك، هناك جهات تجري عكس ذلك، وتسعى إلى إدامة واقع الفساد والريع، لمراكمة الثروة وتوسيع شبكات المنافع والمصالح، لتهديد الأمن والإستقرار والدولة والمجتمع وشيطنة الجمعيات الجادة، وتحجيم أدوارها الدستورية والقانونية في مكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام.
لهؤلاء نقول: إننا سنستمر في أداء رسالتنا الوطنية والحقوقية، مهما كانت الظروف والأحوال بوعي ومسؤولية وباستقلالية وموضوعية. ودون مزايدات أو شعبوية. بعيدا عن أساليب الإبتزاز والتشهير والإرتزاق ، وهي أساليب ندينها بشدة. بل ونطلب من السلطات العمومية والقضاء التصدي بحزم وبلا هوادة، لهكذا ممارسات ومتابعة كل من سولت له نفسه تحويل المجال المدني والحقوقي إلى حرفة للكسب الشخصي.