الحملة الضارية التي يشنها، منذ مدة اليمين الاسباني، بجناحيه التقليدي والمتطرف؛ ضد الزعيم الاشتراكي “سانشيث” تستهدف شجاعته وجرأته، وكذا حصيلة سياساته الناجعة، في الداخل والخارج: اقتصاد قوي، بنسبة بطالة متدنية ، حضور دولي وصوت مسموع بخصوص تأييد القضايا العادلة؛ آخرها تنديده الصريح بالعدوان على غزة ، وسعيه الحثيث لدى دول الاتحاد الأوروبي لتبني موقف موحد، بشأن الاعتراف بدولة فلسطين وانضمامها للأمم المتحدة..
هذا الموقف الفريد، من الطبيعي أن يجر عليه غضب القوى الأجنبية المناهضة سرا وعلانية، للنهج السياسي المستقل، لرئيس الوزراء الاسباني على الصعيد الدولي.
ففي الداخل نجح “سانشيث” في المصالحة والتهدئة السياسية، مع إقليم كاتالونيا، بالتوصل إلى اتفاق تعايش، مع الأحزاب القومية هناك، التي صوتت في البرلمان لصالح” سانشيث” ضامنة له الأغلبية البرلمانية في الحكم.
وعلى الرغم من تحفظ فئات من الشعب الاسباني، من التقارب مع من يوصفون بالانفصاليين، الداعين إلى جمهوريات مستقلة ؛ يمكن أن تقوض وحدة المملكة الاسبانية ، على المدى المتوسط؛ على الرغم من كل تلك المخاوف؛ فإن” بيدرو سانشيث” أفلح في إقناع وطمأنة شرائح واسعة من الرأي العام في بلد تعددي ؛ بأن التعايش بين المكونات الاثنية والثقافية، ضمن إطار ديموقراطي، هو وحده الكفيل باستمرار إسبانيا دولة قوية، وازنة على الصعيد العالمي.
وعموما، ومهما كان قرار الرئيس يوم الاثنين المقبل: إن بالاستقالة أو الاستمرار في مقاومة توغل اليمين المتستر ، في القضاء ، الإعلام والتكتلات الاقتصادية ؛ فإن تلويح “سانشيث” بالتخلي عن منصبه، دون مثوله أمام البرلمان، كآلية دستورية، لتجديد الثقة في شخصه؛ سيلقي قراره النهائي، بظلاله الثقيلة على المشهد السياسي الاسباني، كما سيشكل ضربة للحزب الاشتراكي الحاكم، الذي لم يفكر حتى الآن في مناقشة خلافة أمينه العام الحالي؛ الذي قاوم عواصف ضارية حتى من رفاقه ومن اليسار الشعبوي ؛ منذ انتخابه ، أمينا عاما سنة 2016 .
وقد وجد خلال مساره الصعب، السند المطلق في رفيقة حياته “بيغونيا غوميث” التي اختارها اليمين، الهدف السهل لتلطيخ سمعة الرئيس؛ من خلال اتهامها باستغلال نفوذ زوجها لتنفيع أطراف، بمعاملة تفضيلية من الحكومة الاشتراكية.
ولغاية يومه، لم تتأكد صحة الاتهامات الموجهة لزوجة الرئيس، حسب تصريح رئيس جمعية” الأيادي النظيفة” التي تقف وراء اتهامات متسرعة ، جعلت أحد القضاة يسرع بدوره بفتح ملف للتحقيق في مزاعم الجمعية ذات التوجه اليميني المتطرف، التي تدعي محاربة الفساد في إسبانيا ..
الأزمة التي تطل على إسبانيا، ستسبب ضررا للبلاد ؛ آجلا أو عاجلا. فإن أصر “سانشيث” على المغادرة، فستغرق البلاد في بئر عميقة ، دفعها إليها سوء تقدير اليمين المتطرف وطمع الجناح التقليدي في استعادة السلطة ..