صدر للمفكر والأديب الدكتور محمد مصطفى القباج، مؤلف جديد أسماه “المسرح والفلسفة .. بعض من تجليات صلات وثيقة” عن دار أبي رقرارق بالرباط، ضم بين دفتيه أربع تجليات، تقودها بعض النصوص المختارة بدقة وذكاء، بين زمني الفيلسوفين أرسطو وابن رشد، ثم وقفة من التجليات بين أرسطو وبريخت، اتنتقالا إلى أبعاد وتجليات مسرح المواقف، ومسرح العبث أو دراما اللامعقول.
الكتاب في جزئه الثاني، أورق ثلاث ملاحق، أبرزها “كتاب صنعة الشعر” لأرسطو، ثم كتاب أرسطوطاليس في الشعر، نقل أبي بشر متى بن يونس القنائي، من السرياني إلى العربي. ويأتي الملحق الثالث، ليشرح “تلخيص كتاب الشعر لأرسطوطاليس” لابن رشد.
لقد أفلح الدكتور محمد مصطفى القباج في إشباع الرغبات بين دهاليز المسرح والفلسفة، ما يؤشر حقيقة عن مكاشفات جديرة بالقراءة، أصلت لترياق التمحيص والمقاربة في سيرورة البحث الفلسفي والمسرحي، مع العلم أن موضوعات الكتاب، جاءت معضدة لجملة من الأبحاث في الإشكاليات المطروحة. وهو ما يعترف به الكاتب صراحة، حينما ألمح إلى إغواء نهم بعض تجلياته، التي تمتح من معين النصوص الثاوية المشدودة لروح التأويل و المحاورة.
ولا غرو، فالأديب والباحث القباج، يتجاوب مع هذه الفرادة، رغم صعوبتها وفرادة تصويبها، قائلا في مقدمة الكتاب : .. كنت أولي للتفاعلات بين حقلي الفلسفة والمسرح اهتماما خاصا، اللافت للنظر أن الفلاسفة، ومنذ العصر الأغريقي، كانوا وما يزالون يتخذون من المسرح ومتعلقاته موضوعا لتأملاتهم وتقييماتهم، وكان أهل المسرح يستوحون مضامين أعمالهم مما يطرحه الفلاسفة من القضايا التي تشغل بال الأفراد والمجتمعات، بل وحتى من خصوصيات المعرفة الفلسفية التجريدية وفروعها التي تتصدرها الميتافيزيقا والأنطولوجيا والمنهجيات والجماليات والأخلاقيات ..”.
و أحسب أن المؤلف، يقطف من شجيرات حكمة الفلسفة، مجاله الذي يركض فيه بوعي وفكر، نحو متون سياقية، ترشح من بحر المسرح، وتعلو بين المعرفي والفني. وهو ما يمنح للقراءة خاصية فريدة، ترفع من قيمة البحث وأهميته في المكتبة العربية والمغربية على حد سواء.