(كش بريس/وكالات) ـ قالت المخرجة البريطانية من أصل فلسطيني فرح النابلسي، إن رسالة فيلمها “المعلم” تكمن في دفع المشاهدين حول العالم إلى التساؤل: “لماذا على الفلسطينيين قبول واقع (الاحتلال الإسرائيلي) يرفضه الجميع؟”.
المخرجة فرح فازت سابقا بجوائز الأكاديمية البريطانية للأفلام “بافتا” عن فيلمها القصير “الهدية”، والذي رشح أيضا لجئزة الأوسكار لأفضل فيلم قصير.
فرح تحدثت عن فيلمها الروائي الأول “المعلم” ، والصعوبات التي واجهتها أثناء تصويره، معربة عن سعادتها لعرضه على الجمهور التركي في 7 ديسمبر.
وقالت: “كان هدفي الأساسي أثناء إنتاج الفيلم أخذ المشاهدين في رحلة عاطفية إلى حياة الشخصيات وتجاربهم، وآمل أن يدفعهم ذلك إلى التفكير في خيارات تلك الشخصيات وقراراتها”.
وأضافت: “أريد أن يتساءل الناس: هل هذا واقع (الخضوع تحت الاحتلال وانتهاكاته) يمكنهم قبوله؟ وإذا لم يكن كذلك، فلماذا يُجبر الفلسطينيون على قبوله؟”.
رأيت الظلم بأم عيني
المخرجة المولودة في المملكة المتحدة أكدت أنها “فخورة بهويتها الفلسطينية”، وأن زيارتها الأولى إلى فلسطين قبل نحو 10 سنوات كانت “نقطة تحول” في حياتها.
وقالت: “قبل ذهابي إلى فلسطين المحتلة كنت أعتقد أنني أعرف ما يحدث هناك، ولكنني لم أكن مستعدة لرؤية الظلم بحق أهلي أمام عيني”.
وذكرت أنها رأت خلال زيارتها لفلسطين الحواجز الإسرائيلية ومخيمات اللاجئين والمنازل المدمرة والأطفال المحتجزين في منتصف الليل.
وأوضحت فرح أن ممارسات التمييز والمشاهد المؤلمة أثرت فيها تأثيرا شديدا وكادت أن تقودها إلى الاكتئاب.
وأضافت: “بدأت بصناعة الأفلام القصيرة، وعندما وصلت إلى فيلمي القصير الرابع، قررت أن أخطو خطوة أكبر وقمت بإخراج أول فيلم روائي طويل لي: المعلم”.
سيناريو من الواقع
وأشارت المخرجة إلى أنها أرادت من خلال فيلمها “إخبار العالم بالصعوبات التي يعيشها الشعب الفلسطيني من خلال السينما”.
وأوضحت أن فيلمها “المعلم” عرض لأول مرة في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي عام 2023، وأنها كتبت السيناريو مما استوحته من لقاءاتها الكثيرة مع الفلسطينيين.
وذكرت أن “العديد من الأحداث التي تبدو غريبة في السيناريو كانت مبنية على حقائق شهدتها أو سمعتها بنفسي”.
وأكدت أنها شهدت بنفسها حالات قمع مثل محاكمة الأطفال الفلسطينيين في المحاكم العسكرية، وهدم المنازل وعنف المستوطنين الإسرائيليين.
وشددت على أن إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليط الذي أسرته “حماس” عام 2006 مقابل أكثر من ألف أسير فلسطيني عام 2011، يكشف عن خلل كبير في القيمة الممنوحة للحياة الإنسانية.
وأردفت: “لم أتخيل قط أن تتحول فكرة أن قيمة حياة الفلسطينيين ليست مساوية لحياة يهودي إسرائيلي، إلى فجوة بهذا الحجم في تقدير قيمة الحياة الإنسانية، وأن يؤدي ذلك إلى قتل وجرح مئات آلاف في غزة، وتركهم عرضة للجوع والأمراض”.
مشاهد حية
وفي شرحها للصعوبات التي واجهتها أثناء تصوير الفيلم، قالت المخرجة الفلسطينية إنها توقعت صعوبات عند الذهاب إلى مكان به نظام فصل عنصري.
وذكرت أنها صورت الفيلم بالقرب من قرية بورين في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، وأن ذلك سبَّب بعض الصعوبات.
وقالت: “كنا نصور في مكان قريب من قرية بورين، وخلال التصوير تلقينا أخبارا عن قيام مستوطنين إسرائيليين غير قانونيين بمهاجمة القرية وإحراق أشجار الزيتون”.
وأضافت: “كان هذا الحدث يتماشى مع قصة فيلمنا، وأثناء ذهابي إلى موقع العمل، أوقفت سيارتي بجانب أنقاض منزل هدم حديثا، وكان أمامه أسرة مكونة من زوجين و6 أطفال”.
وتابعت: “الجيش الإسرائيلي كان قد هدم هذا المنزل قبل بضع ساعات فقط”.
الإنسانية للجميع
وقالت المخرجة فرح إن “عملية نزع الإنسانية التي تعرض لها الفلسطينيون لعقود أدت إلى نسيان الرأي العام العالمي أن الفلسطينيين مثلهم مثل الآخرين، يعيشون ويحبون ويتنفسون ويعانون ويفرحون”.
وأردفت: “أريد أن يتعامل الناس مع قصص الفلسطينيين بتعاطف أكبر، وأن يدعموا نضالهم من أجل حقهم في العيش بحرية”.
ومنذ 7 أكتوبر 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في قطاع غزة خلفت أكثر من 150 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وبموازاة الإبادة في قطاع غزة وسّع جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، ما أسفر إجمالا عن 807 شهداء، ونحو 6 آلاف و450 جريحًا، وفق معطيات رسمية فلسطينية.
وتواصل تل أبيب مجازرها متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر الماضي، بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
كما تتحدى إسرائيل قرار مجلس الأمن الدولي بإنهاء الحرب فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي في غزة.
(الأناضول)