كتب: عبد الواحد الطالبي (الجديدة)
وما يبقى غير وجه الله، وهاذي مظاهر الندوب في وجه الجديدة بعدما تم نزع الوشم الجميل من على وجه مدينة لم يتبق من تمدنها غير تاريخ حزين على المآل والمصير.
ويبقى وجه الله من بعد الشاطئ الصقيل والكازينو العائم وسينما ديفور ومرحبا ومقهى الملكي وفندق مرحبا (الصورة) والهرية والكوتشي والطون والحرور مع خبز الشعير والرايب البلدي مسوس والبينيي وسوق للا زهرة والسوق البلدي ومارشي النصارى وعرصة السبيني وتشيكيطو والمكتبة وأتلي مع شفنج لمغاري وأبواق مراكب الصيد تشق الأسماع عند الوصول في الميناء تعلن حمولة أطنان السردين والسمك…. وحديقة محمد الخامس ومقهى الشمس وأغاني الأساطين نجوم الطرب وملعب الكرة الطائرة وبار لابلاج ودوڤيل والمون والملاح سيد الضاوي والمويلحة وسهول الطحالب.
مدينة الجديدة البيوت الواطئة بالأبواب والسقوف العالية في الأحياء وكلها راقية تتنافس في الرقي أزقتها مبلطة بالحجر اللاصق صباغة جدرانها أبيض والأبواب والنوافذ رمادية والنظافة سمة الشوارع والحدائق والمماشي على طول شارع محمد الخامس باذخة أنيقة طافحة بالحسن والجمال للفتيات والشبان جيئة ورواحا.
في المدينة طراوة الهواء والطقس وكل شيء طري الخضر والفواكه واللحوم والأسماك والأروح طلقة بأريحية الكرم الدكالي رغم ما في الطباع من خشونة المنطق الذي لا يعكس ما في النفوس والقلوب من لين ورقة.
أين الجديدة، أين وريثة مازاغان وطازوتا توأم مدن فرنسا وبلجيكا واللوكسمبورغ، أين مدينة الجذب السياحي بسحر الشواطئ وصفاء البيئة ونقاء الطبيعة وكرم الإنسان وراحة البال وهدوء الخاطر بدعة واستقرار….بحثت عن مدينة الجديدة ولم أجدها في هذا النسيج العمران الذي يحمل اليوم اسمها، لم أجد الجديدة ولا روحها ولا شيئا منها في أي شبر من الأحياء الحديثة او العتيقة لم أجدها في الاسواق ولم أجدها في الوجوه والأشخاص، لا وجود للجديدة في شاطئ المدينة ولا في طريق بوشريط لم أجد الجديدة في شارع محمد الخامس وفي فندق مرحبا.
في أي مكان ليس للجديدة مكان كما خلدت في ذاكرة جيل من سكانها وعشاقها وزوارها، وكما هي في صور البطاقات البريدية وفي أرشيف الحواضر والمدن وكذا في عيون الاشتياق.
يحملنا الشوق لمدينة تمت في غفلة سرقتها وسرقة اسمها وبقيت الندوب ماثلة على فعل الجرم بسبق إصرار وترصد وإنما البقاء لله.