بقلم: مصطفى شقيب
تواصل دار النشر لارماتان L’Harmattan – في باريس إصدار أعمال الكاتب العراقي علي القاسمي باللغة الفرنسية في سلسلتها الأدبية Les impliqués. وهكذا فبعد رواية “مرافئ الحب السبعة” التي صدرت ترجمتها قبل عام، تصدر الترجمة الفرنسية لثلاث من مجموعاته القصصية تم تجميعها في مؤلَّف جامع أطلق عليه عنوان “مشاعر قلب منفطر“. وقد اضطلع بترجمتها، على غرار الرواية المذكورة، المترجم المغربي، مصطفى شقيب، وأشرفت على مراجعتها الأديبة الفرنسية أستاذة الترجمة بجامعة غرناطة الدكتورة ماري ايفلين لوبودير، التي كتبت في التقديم:
“وماذا لو كانت النهاية بشائر البداية ؟ علاقة متناقضة تتقاذفها الأمواج الصامتة، برغم كونها مضطربة، محمومة، عاصفة، مقدمة للشروق، شروق الشغف. يتحفنا القصصي البارع علي القاسمي في هذا المؤلّف الذي يتألف منيتيتألف يجمع ثلاث مجموعات قصصية رائعة : “أوان الرحيل” و “صمت البحر” و “الحب في أوسلو” التي تناولت مواضيع متباينة ظاهرا، غير أنّ كلماتها تنسج بينها روابط يستحيل الفصل بينها.
تتطاير حروفها مثل الفراشات، تتفادى الصفحات، لتملأ في الأخير حيزًا ملموسًا، متجولة على مرأى من المؤلف، لتجعله يشعر بوجوده. تزيل حروفها العوائق، تلغي الحدود، تعرض نفسها دون موانع أمام عينيه، وتجعله يلامس الصفحات. حروفها رجفة خالصة، تضفي المعنى، تعيد الفرح، تنتقم من الزمن الذي يمضي، ثم تنسى ذلك. يقدّم لنا القصصي الموهوب مشاعر قلبه المنفطر.”
يفرق الناقد الدكتور سعيد يقطين بين مصطلحي ” مجموعة قصص” و ” مجموعة قصصية”. فقصص المجموعة الأولى تكون موضوعاتها متفرقة؛ أما قصص المجموعة الثانية فتدور حول موضوعة واحدة. وإذا نظرنا إلى مجموعات القاسمي السبع، نجد كل مجموعة تدور حول موضوعة واحدة تقريباً، فهذه المجموعات هي:
1) ” رسالة إلى حبيبتي”، حول ذكريات الطفولة والصبا.
2) “ صمت البحر” حول قصص الحبِّ الخائب.
3) “دوائر الأحزان”، حول ما يثير الحزن في وجدان العربي.
4) ” أوان الرحيل”، حول الموت وتداعياته.
5) “حياة سابقة” حول قضايا علم النفس الموازي.
6) “الحب في اوسلو” حول القيم المادية الغربية.
7) ” الآنسة جميلة وقصص أخرى” حول المرأة واهتماماتها.
وقصصها ــ كما جاء في تقديم دار (مكتبة لبنان ناشرون) في بيروت التي نشرت كتاب القاسمي، ” الأعمال القصصية الكاملة” ــ : ” كُتبت من أجل مكاشفة الذات ومساءلة الكينونة، بأسلوبٍ ممتعٍ سهلٍ ممتنعٍ ؛ وهي نابضةٌ بالإثارة والتشويق؛ ومزدانةٌ بالمعرفة والثقافة ؛ ومضمَّخةٌ بلغةٍ راقية؛ ومشرعةٌ على رياح التأويل؛ ونابعةٌ من تجربةٍ حقيقية، ومعاناةٍ وجدانيةٍ عميقة، وموهبةٍ فذة، وخيالٍ مُجنَّحٍ جامحٍ أخّاذ. لقد كتبها القاسمي بدم القلب ودمع العين.”
يقول القاسمي في مقدّمته لإحدى مجموعاته القصصية: ” إن مَن يقرأ هذه القصص لكي يستخلص منها جوانبَ من سيرتي، سيصابُ بخيبة أمل، ومَن يقرأها بوصفها من نسج الخيال، سيفوته الشيء الكثير من الحقيقة ؛ لأن الفنّ عموماً، والأدب على وجه الخصوص، ينطلق من أرض الواقع، ليحلّق في فضاء الخيال الواسع.”
وقد تم نشر أغلب هذه المجموعات القصصية بالعربية في عدّة طبعات في القاهرة والدار البيضاء وبيروت وحظيت بعنايةٍ خاصةٍ من لدن النقّاد في المغرب العربي وفي المشرق العربي على السواء، والآن تضطلع دار نشر لارمتان في باريس بنشر جميع مجموعاته القصصية في مجلدين، صدر المجلد الأول هذا الشهر، ويتوقع صدور المجلد الثاني في أقل من عام..
لقد حظيت سرديات القاسمي بعناية الأكاديميين والنقاد في المشرق والمغرب فصدر عنها حوالي خمسين رسالة جامعية وثلاثة كتب، فمثلا مجموعته القصصية ” أوان الرحيل” ، وهي أحدى مجموعات المجلد الأول بالفرنسية، صدرت عنها حتى الآن ثلاثة كتب لأعلام الأدب والنقد في العالم العربي، وهم:
- الشاعر الناقد العراقي الدكتور محمد صابر عبيد، أستاذ النقد الأدبي في جامعة الموصل سابقاً، وأستاذ الأدب العربي في جامعة أنقرة حالياً، في كتابه ” التجربة والعلامة القصصية: رؤية جمالية في قصص ( أوان الرحيل) لعلي القاسمي“[1]
- الطبيب النفسي الأديب القاص الروائي الناقد الدكتور حسين سرمك حسن، مؤسس موقع (النقد العراقي)، في كتابه ” الظمأ أو قارب الموت: تحليل طبنفسي لقصص مجموعة ” أوان الرحيل“.[2]
- الأديب الناقد المهندس المغربي الأستاذ الحسين بوخرطة في كتابه ” سراديب الموت: قراءات تأويلية في قصص مجموعة اوان الرحيل لعلي القاسمي“[3]
والقاسمي كاتبٌ متعدِّد الاهتمامات له أكثر من خمسين كتاباً في القصة والرواية والترجمة والنقد، وباحث في اللسانيات وعلم المصطلح وصناعة المعجم والتربية والتنمية البشرية وحقوق الإنسان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 محمد صابر عبيد . التجربة والعلامة القصصية في قصص أوان الرحيل لعلي القاسمي (أربد: عالم الكتب الحديث، 2010).
2 حسين سرمك حسن. الظمأ أو قارب الموت: تحليل طبنفسي لقصص ” أوان الرحيل” . منشور في مواقع أبية كثيرة منها: الناقد العراقي ، صحيفة المثقف ، وغيرهما.
3 نُشرت فصول الكتاب في مواقع أدبية كثيرة مثل صحيفة المثقف، وسيصدر قريباً عن دار الثقافة الجديدة في الدار البيضاء.