تحل ، يومه 29 شتنبر ، الذكرى الثلاثون لنشر القانون المنظم لمهنة المحاماة لسنة 1993 والذي كان ثمرة كفاح المحاميات والمحامين بقيادة جمعيتهم العتيدة ، جمعية هيئات المحامين بالمغرب ، وعلى الخصوص المطالب والتوصيات الصادرة منذ المؤتمر 18 المنعقد بمدينة فاس بتاريخ 29 يونيه 1985. فبمقتضى القانون الجديد تمت مراجعة ظهير 9 نونبر 1979 . وإن ما يهمنا في تخليد الذكرى هو أن الدولة المغربية على عهد سنوات الرصاص كانت تعير لهيئات المحامين في شخص جمعيتهم الإئتلافية المدنية ( منظمة في إطار ظهير 15 نونبر 1958 ) كل الإعتبار والقيمة الإستشارية والتشاركية ؛ ففي هذا السياق ومن أجل مراجعة قانون 9 نونبر 1979 وما له علاقة بممارسة المهنة من نصوص أخرى ؛ إستجابة لتوصيات المؤتمر 18 لجمعية هيئات المحامين بالمغرب ؛ قرر السيد مولاي مصطفى العلوي وزير العدل آنذاك تشكيل لجنة مشتركة بين وزارة العدل والجمعية خلال شهر يونيه سنة 1986 ، تكونت من السادة عز الدين السقاط مدير الشؤون المدنية ، والذي خلفه لاحقا السيد إدريس بشر بنفس الصفة ، وأحمد أفزاز المفتش العام بوزارة العدل ، واحمد السراج مدير المعهد الوطني للدراسات القضائية ، وعبد العالي العبودي رئيس غرفة بالمجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا ) ، وعن الجمعية رئيسها النقيب عبد العزيز بنزاكور ونائبه النقيب محمد الصديقي والرئيس السابق للجمعية النقيب أحمد الشاوي ثم الإستاذ الطيب البواب المكلف آنذاك بالشؤون الثقافية للجمعية . دامت الأشغال سنتين من خلال أكثر من 40 إجتماعا . نخلد الذكرى ونحن نستحضر المبادرة الملكية في شأن تعديل مدونة الأسرة ونتساءل عن مكتسبات المقاربة التشاركية المشار إليها ، في ظل التوتر المفتعل من قبل الوزارة التي كانت وصية على قطاع العدل ، والذي نتج عنه إقصاء فادح وفاضح لممثلي المحامين في كل حوار وتواصل ضروري أو مفترض للمحامين سواء كشركاء أوفاعلين أساسيين في صناعة الحقيقة القضائية وتكريس التأسيس الحقيقي للعدالة بشراكة مع سلطتها المستقلة مبدئيا / دستوريا وإفتراضا . ولا يسعنا إلا أن نتساءل عن مصير المقاربة التشاركية المكتسبة كحق دستوريا في إنتظار تفعيل مقتضيات ” الديمقراطية التشاركية ” المنشودة ، على مستوى المبادرة التشريعية ، خاصة وأن المهنة تحتاج إلى مزيد من التأهيل وتحصين ملامح التحديث والعصرنة والتي لا يعقل أن تعرقل بإسم الخصوصية في زمن اعترف الدستور المغربي بكونية الحقوق ورفع أهم التحفظات ، وهنا يمكن أن أتساءل مع الزميلات والزملاء وكذا الحقوقيين والدستوريين فقط للتمعن والنقاش لا اقل ولا أكثر : كيف للسلطتين التنفيذية والقضائية أن تتوليا مهمة إطلاق الحوار التشاوري حول تعديل بعض مقتضيات مدونة الأسرة في غياب صاحبة المبادرة التشريعية الأصيلة أي البرلمان بمجلسيه ! فهل الأمر سليم وسوي ومنتج تشريعيا ؟ كيف يمكن أن تصور مؤسسة القضاء تشرع لقانون سوف تطبقه بحياد وكأننا به إجتهاد قضائي سابق على النص وفوقه ؟
إن الحكم على الشيء فرع من تصوره ، فالبدايات مقدمة لكل النهايات في صيغة نفس النتائج ! وأخيرا وليس بآخر ، أريد أن أذكر بأن للمحامين والمحاميات كامل الأهلية والصفة والمصلحة في المشاركة في هذه الدينامية التشريعية ، كما عهدنا فيهم ذلك ، ووفق ما كانت الدولة نفسها تراهن عليهم ، خاصة وأنهم وكلاء بمقتضى الوكالة العامة أو التوكيل الخاص ، خصوصا وأن حكمة المشرع تقتضي توسيع مجال الإشتغال والدفاع واقتضاء الإحتكار المهني ، وعلى سبيل المثال لا الحصر نحتاج إلى تعميق النقاش حول ضرورة حل إشكالية التوكيل الخاص في قضايا الطلاق عامة أو التطليق للشقاق بصفة خاصة ، وكذلك حسم مسألة مؤازرة المتهمين في حالة غيابهم وذلك بالنظر لتراكم الإجتهادات القضائية في هذا الإتجاه ونشاز بعض المحاكم الإبتدائية .