ـ كتب: أحمد فاضل النوري ـ
عندما يختم المعرض الدولي للكتاب أيامه ويغلق أبوابه، سيكون من حقنا أن نقوم بانتقاده أو الإشادة به حسب ما تقتضيه الموضوعية بعد أن استنفذ الممكن:
ـ المعرض كوسيلة من وسائل الوساطة الثقافية ترفع له القبعة، لأنه يساهم في الرفع من منسوب القراءة وتعزيز ثقافة الكتاب الورقي، في ظل سطوة الرقمي لكن مركزية المعرض في الرباط وقبله في الدار البيضاء، يجعله حكرا على سكان مدن المركز ويحرم مدن ومداشر الهامش التي قد تكون أكثر تعطشا لمثل هذه المناسبات الثقافية، لهذا تقتضي العدالة المجالية أن يتم تنظيمه كل سنة في جهة أو قطب لتسهيل الوصول إليه وتثمين الخصوصية الثقافية لتلك الأقطاب.
ـ سبق أن تحدثت إلزا غودار في كتابها ” أنا أسلفي أنا موجود” أن الفرد خلق عالما موازيا للعالم الحقيقي هو عالم الصورة حيث ينغمس في الافتراضي ويقتات من تفاعلاته ، لهذا نسبة كبيرة من الذين يزورون المعرض يكتفون بالتقاط الصور وتقاسمها على صفحاتهم وفي أفضل الأحوال يقتنون كتب التنمية الذاتية و روايات الوجبات السريعة على شاكلة ” قواعد العشق الأربعون” ،” العاهرة”…
ـ هناك هوة كبيرة بين الكتاب والشعراء وبين الفئة المستهدفة حيث تجد أسماء وازنة لها باع طويل في الكتابة مثل سعيد يقطين وعبد الله ساعف ومحمد الطوزي ومحمد برادة وغيرهم كثير يجلسون مع بضع عشرات في أحسن الأحوال يوقعون كتبهم البعض الآخر يجلس وحيدا يلاحق أرجل المارة وهو يردد يا ويل ما اقترفته يداي.
ـ صادف وجودي في المعرض وجود الكاتب السعودي “أسامة المسلم” ولم أستغرب للهالة التي لاحقته والضجة التي أحدثها و الإقبال الذي عرفه ، لأني أعلم أن الثقافة أصبحت صناعة وهو من الذين استغلوا مؤسسات الوساطة الثقافية أحسن استغلال من خلال الانفتاح على المؤثرين وكبريات الصفحات التي لها متابعون من أجل الترويج لأعماله بالإضافة إلى دراسة انتظارات الفئة المستهدفة (الشباب الافتراضي) الذي تغريه الفانتازيا والخيال العلمي بعد أن تشبع بألعاب (بابجي ، و فري فاير) وأدمن (الأنمي الياباني بقصصة الغرائبية) ، سبق لباومان في كتابه الحداثة السائلة أن قال بأن مجتمع الحداثة يطبعه التغيير لا الثبات وأن القيم التي تحكمه هي قيم السوق والاقتصاد لا الثقافة لهذا عبثا أن ننتظر من شاب في مقتبل العمر أن يقرأ للمنفلوطي ويترك “أسامة المسلم”.
ـ أسعار الكتب مبالغ فيها في مجتمع يعتبر القراءة مجرد ترف لهذا فأكبر خدمة تقدمها وزارة الثقافة لدور النشر هي دعمها ماديا لتخفيض الأثمنة وتمكين الجميع من اقتنائها على شاكلة سلسلة عالم المعرفة ، أنا شخصياً أفضل اقتناء الكتب المستعملة من باب دكالة أو المنسوخة وغيري يقتنيها من حي الليدو ، ولا أقتني من معرض الكتاب إلا مضطرا إذا كان الكتاب حديث النشر وغير متوفر محليا.