Ì- كش بريس/ محمد مروان
اعتاد المواطن من الحكومات المتعاقبة السابقة منذ حكومة إدريس جطو إلى عهد الحكومة الحالية بالمغرب، على سماع نفس الكلام والخطاب والمبررات وتشخيص الموعيقات من السادة الوزراء المتعاقبين على وزارة السكنى والتعمير وسياسة المدينة ما أصبح يصطلح عليه اليوم بوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، قصد التغطية عن فشل كل منهم في عمليات الإقلاع التنموي الشامل للمدن الجديدة الأربعة : تامنصورت، تامسنا، الشرفات، الخيايطة، هذه المدن التي كما هو معلوم فقد أعطيت انطلاقة إحداثها سنة 2004، لتكون متنفسا لحل أزمة السكن بعدد من الجهات بالمغرب، إلا أنه وللأسف الشديد إذا أردنا في تحليل كرونوغرافي مكاشفة حقائق ما عاشته تامنصورت منذ إحداثها على سبيل المثال لا الحصر، فبتفسير بسيط لم تتعدى نسبة أقل من 9% في المتوسط فيما يتعلق بانجاز ما عدده مائتين وستين ( 260 ) مشروع مرفق عمومي مبرمج بالأشطر الثمانية بأحياء هذه المدينة ما بين سنة 2004 و 2012، وخلال زيارة إبان هذه الفترة إلى تامنصورت قام بها السادة الوزراء السابقين : المرحوم عبد الله باها، وزير الدولة، وسمية بنخلدون، الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي، ونبيل بنعبد الله، وزير السكنى وسياسة المدينة، يوم الجمعة 09 ماي 2014، حيث أعلن هذا الأخير للمنابر الإعلامية أنذاك بأن تامنصورت ستعرف مابين 2014 و 2018 إقلاعا تنمويا يضاهي المدن الجديدة من هذا الصنف في العالم، وقد خص لها غلاف مالي يناهز 1,3 مليار درهم، حيث سيتم إنجاز مشاريع كبرى مهيكلة ومواكبة لدينامية ترقى بتامنصورت إلى مصاف هذه المدن العالمية، مؤكدا على أنه سيشرع في بناء قطب جامعي على مساحة تبلغ 165 هكتار، يعد توسعة وامتدادا لجامعة القاضي عياض بمراكش، قدرت كلفة بنائه بمليار ومائة مليون درهم، حيث من المرتقب أن يوفر عشر ( 10 ) آلاف مقعد كل سنة، موزعة على ثلاث كليات وأربع مدارس للمهندسين تلبي الطلبات السوسيو اقتصادية للمنطقة، ومركز استشفائي وحي جامعي وعدد من مرافق القرب والنقل السريع بين تامنصورت ومراكش..، كل هذا كشف الزمن على أنها أحلام مشاريع وكأنها عبارة عن قصور بنيت فوق رمال، لتأتي اليوم السيدة فاطمة المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، تحدو إلى حد ما حدو السيد الوزير السابق بنعبد الله، حين إجابتها على سؤال طرحه السيد إسماعيل البرهومي، برلماني الدائرة التشريعية جليز النخيل بمراكش، حيث جاء في معرض جوابها أن ( تمصمورت ) كما نطقت اسمها السيدة الوزيرة، تعرف بطئا شديدا فيما يتعلق بموضوع تنميتها، حيث لم يتم من إنجاز مشاريع مرافقها العمومية سوى 61 من أصل 260 مشروعا، ما يعادل نسبة % 23,46 بعد مضي ما يقارب 18 سنة من إحداثها على الطريق الوطنية رقم 7 المؤدية من مراكش إلى آسفي، في الوقت الذي بلغ فيه عدد السكان بتامنصورت والدواوير المحيطة بها التابعة للجماعة الترابية حربيل المحتضنة لهذه المدينة الجديدة ما يقارب أو يزيد عن مائة وثلاثين ( 130 ) ألف نسمة، متذرعة السيدة الوزيرة بأن أسباب ذلك يرجع بالأساس إلى مشاكل التسوية العقارية، مشيرة إلى أن في هذا الإطار تشتغل وزارة الإسكان ووزارة الداخلية لإيجاد الحلول المناسبة خاصة بالنسبة لذوي الحقوق، كما أن هناك غياب قطب اقتصادي يساعد على خلق جاذبية، مستدلة على حد قولها : « المدينة لا تخلق بورقة و ستيلو، إنما تخلق بما ينعش حيويتها »، زيادة على مشاكل وسائل النقل المطروحة بحدة، هذه الوسائل التي تسهل عملية التنقل بين تامنصورت ومراكش، وهنا سكت عن الكلام المباح حين أعلنت ساعة قبة البرلمان أن الوقت المحدد للإجابة قد لاح، لتستمر المعاناة من جراء هذا الوضع المتأزم، الذي لما يقارب عقدين من الزمن ظل يفرض خاصة على ذوي الدخل المتوسط والضعيف من الموظفين والأجراء أن يتحملوا مشاق وعذاب العيش بهذه المدينة التي فاقت حيطان بنايات وحداتها السكنية ست وثلاثين ( 36 ) ألف من أصل أربعين ( 40 ) ألف وحدة سكنية، نسبة كبيرة منها مهجورة وقد عششت فيها العناكب، وصارت أوكارا لطيور الحمام، حيث قام مالكو عقاراتها بهجرة عكسية بالرجوع إلى الأماكن التي كانوا يقطنون بها سابقا، بعدما تبخرت أحلام أمانيهم وهم ينتظرون اليوم الذي تلوح فيه أشعة شمس بزوغ فجر العيش الكريم في هذا الزمن الذي سادته نهج سياسة التسويفات وكثرة الوعود العرقوبية.