انشيل بابر ( هارتس )
يصعب التفكير بمشهد يبرز قلة ثقة بالقيادة السياسية أكثر من المشهد المثير للشفقة لثلاثي “مقتفي الأثر الشاحب”، الذي مثله أعضاء الكابنت المصغر يوم السبت الرابع للحرب التي ليس لها اسم. ثلاثة أشخاص يظهر عليهم التعب ويرتدون القمصان السود وبشعر رمادي ووجوه متكدرة متشابهة تماماً. لم يكن هناك شعار سيئ من جعبة أكاذيب حروب إسرائيل أدخلوه إلى مقدمتهم الجوفاء، التي كرروها. نجح البنياميون في اقتباس الجملة البالية نفسها من خطابات ونستون تشرتشل. فشل الثلاثة في الاختبار. إذا كان في إسرائيل تشرتشل يقود الشعب من الأعماق إلى القمة المشرقة، فإنه لم يظهر على المسرح في مقر وزارة الدفاع.
من تولوا كتابة الخطابات للثلاثة بتمويل دافع الضرائب، ارتكبوا خطأ فضائحياً فظاً. لقد كان بالإمكان استبدالهم بكاتب خطابات بالمجان، الذي كان سينتج عنه شيء فيه المزيد من الرؤية، خطاب نتنياهو لم يكلف نفسه حتى عناء تنقيطه لإظهار من يقرأ الاقتباس من صلاة لسلامة جنود جيش الدفاع الإسرائيلي، حيث إن رئيس حكومة إسرائيل غير قادر على اللفظ بشكل صحيح حتى وهو يقرأ من الآيباد. وزير الدفاع يوآف غالنت، يظهر أنه كتب أقواله بنفسه، وقد نجح في إصدار خلاصة السخافة للكارثة التي حلت بنا عندما أعلن عن حرب “سيتحقق فيها مرة أخرى أمر –لن يتكرر هذا مرة أخرى”. من غير المعقول حتى أكثر ما قاله نتنياهو: “هذا لن يحدث مرة أخرى الآن”.
مدة 22 يوماً انتظر الإسرائيليون أن يقف من يعتبر الدفاع عنهم “مهمة حياته” أمامهم ويرد على الأسئلة. ووعد مرة أخرى بأن يجيب على الأسئلة، وحتى الأسئلة الصعبة، لكن ليس الآن. حطم نتنياهو كل مبدأ وضعه لنفسه، بالأساس للآخرين، ولكن كلمات “أتحمل المسؤولية عن الفشل” لن يقولها ذات يوم. هو يعرف أنه يسير على حافة الهاوية، وأي اعتراف بالتهمة سيقربه من الحافة.
وبدلاً من ذلك أخذ يراوغ، ناقض نفسه (أنا مع تقليص نفقات الوزارات الحكومية – أنا مع توسيع نفقات الحكومة)، وقد تشوش بين الدرجات والنسبة المئوية؛ وتورط بالكذب عندما قال إنهم “يرون هذا الآن في مستوطنات الغلاف بالترميم الذي نقوم به”، نعم أنباء مفاجئة لسكان الغلاف الذين تم إخلاؤهم؛ ومدح العمل غير الموجود الذي يقوم به المدير العام الفاسد لمكتبه، الذي يتعرض للسخرية، يوسي شيلو الفاشل. سئل نتنياهو سبعة أسئلة، وفقد الصبر عندما حاول الصحافيون مراراً استخراج جواب واحد غير متملص، “أعداؤنا يريدون قتلنا جميعاً”، ارتفع بشكل حاد على سلم اوكتاف للموسيقى عندما أوشك على الاختناق – وفوراً وجد الملجأ كعادته في التحريض على من يدافعون عن الديمقراطية عندما كرر أن “رفض الخدمة لا يعتبر خياراً”. وعندما رأى أن أسلوب الأسئلة لم يتغير، بحث عبثاً عن صديق واحد، وعندما لم يجده قرر إنهاء المؤتمر الصحافي لأنه “يجب علينا مواصلة العمل”. ولكن عندها طلب أحد الصحافيين توجيه سؤال لوزير الدفاع، عاد نتنياهو وجلس. وعندما يصبح أحد أعضاء الكابنت هو المستهدف، يصبح لديه الوقت فجأة.
لقد اعتذر على الفور عندما سئل غالنت لماذا عبر عن ثقته برئيس الأركان ورئيس “الشاباك” ورئيس الموساد، لكن ليس برئيس الحكومة. يعرف كيفية التملص. “تحدثت عما أنا مسؤول عنه وعن جهاز الأمن”، أجاب وهو يختار ألا يعبر عن ثقته بنتنياهو الذي تكدر وجهه وهو يجلس إلى جانبه.
من غير الواضح ما الذي أراد بالضبط أن يثبته هؤلاء الثلاثة الفارغون الذين لم يحاولوا إخفاء الشكوك المتبادلة بينهم في أقوالهم الجوفاء. واضح أنهم أثبتوا للإسرائيليين الذين يشاهدونهم أن ليس للدولة الآن قيادة، وأن الذين يتفاخرون بقيادتهم لن يكونوا مختلفين أكثر عن المجتمع المصمم والإبداعي الذي يريد الحياة، والذي ظهر أمام ناظرينا في الأسابيع الأخيرة.
هآرتس 29/10/2023 ( عن القدس العربي )