قال السيد كريم قسي لحلو، والي جهة مراكش آسفي، إن الحركة الانتقالية التي اعتادت وزارة الداخلية تنظيمها في صفوف السادة رجال السلطة تدخل في اطار إعطاء دينامية جديدة للعمل الإداري وضخ دماء جديدة في التسيير ، تبعا للتعليمات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، والداعية إلى تحقيق فعالية أكبر وترشيد أمثل للموارد البشرية بهيئة رجال السلطة من خلال تكريس معايير الكفاءة والاستحقاق في تولي مناصب المسؤولية.
وذكر والي الجهة، في كلمة ألقاها عقب الإعلان الرسمي عن لائحة التعيينات والتنقيلات الجديدة للسيدات والسادة ممثلي السلطة المحلية بالنفوذ الترابي للجهة، اليوم الثلاثاء بمقر الجهة، “بالتوجهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس أعزه الله المضمنة في خطبه، بشأن الدور الذي أصبح يضطلع به رجل السلطة وفق المفهوم الجديد للسلطة والذي أبرز ملامحه حفظه الله خلال خطابه التاريخي ليوم 12 أكتوبر 1999 حينما أعلن جلالته، أن هذا المفهوم يظل ساري المفعول “فيوليس إجراء ظرفيا لمرحلة عابرة، أو مقولة للاستهلاك، وإنما هو مذهب في الحكم مطبوع بالتفعيل المستمر والالتزام الدائم بروحه ومنطوقة” انتهى كلام صاحب الجلالة)”.
ومن هذا المنطلق، يضيف السيد الوالي، فإن رجل السلطة مدعو إلى الاحتكام لسياسة القرب والانفتاح على كل الشرائح الاجتماعية تعزيزا للإحساس بالثقة في المؤسسات والإنصات إلى تظلمات المواطنين وانشغالاتهم وبلورة نموذج تنموي وطني قادر على رفع التحديات والإكراهات التي تواجه البلاد، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية، وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة مع الانخراط بكل قوة في الأوراش المفتوحة ببلادنا على مختلف الواجهات، وفي مقدمتها الأوراش الملكية الاستراتيجية والحيوية كورش التنمية البشرية والاجتماعية والسجل الاجتماعي الموحد والسجل الوطني للسكان، وفق المنظور الذي وضعه ملك البلاد نصره الله وأيده الرامي إلى إعادة الاعتبار للقطاع الاجتماعي والنهوض بأوضاع الشرائح المعوزة والقضاء على كل أشكال الفقر والإقصاء والتهميش، والقائم بالخصوص على ترسيخ مبادى وأسس دولة الحق والقانون ، وضمان ورعاية الحريات الفردية والجماعية . وتحقيق السلم الاجتماعي” .
وأضاف السيد الوالي في ذات السياق، أنه “لا يخفى عليكم الدور الموكول لرجل السلطة في التدبير اليومي لهذا الورش الملكي الضخم باعتباره الأقرب لتشخيص الواقع المعاش والحامل الوفي الحاجيات المواطنين والأقدر على تقييم حجمها و اقتراح الحلول الناجعة لها والمساهمة في تلبيتها على اعتبار أنه لا يمكن بلوغ تنمية اجتماعية حقيقية دون توفير خدمات القرب من ماء شروب وكهرباء وتطهير وصحة وتعميم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي والأمية، وكلها مجالات يجب أن تدخل ضمن الانشغالات الأساسية واليومية لرجل السلطة”.
مؤكدا على أن علاق رجل السلطة بالفرقاء السياسيين والمنتخبين وهيأت المجتمع المدني تشكل معبرا أساسيا لنجاحه في مهمته. هاته العلاقة التي يجب أن يطبعها الاحترام والثقة والتفاهم المتبادل لدور الآخر وحدود تدخله مع جعل القانون ومصلحة البلاد فوق كل اعتبار”.
وأبرز السيد قسي لحلو، أن “الورش الاقتصادي يمثل مجالا آخر لدور مهم ينتظر رجل السلطة ويتمثل في المساعدة على خلق المناخ المناسب للاستثمار، وزرع الثقة لدى الفاعلين الاقتصاديين وفض النزاعات الاجتماعية والتحلي بروح المبادرة والابتكار لتحسين الإنتاجية والتنقيب عن القطاعات الواعدة واستباق المشاكل قبل وقوعها”، مستخلصا أنه “تلكم إذن كانت مجموعة من الأدوار التي أصبح لزاما على رجل السلطة استيعابها، والتي فرضتها الظروف الراهنة التي تعيشها بلادنا وسعيها الأكيد إلى تدارك ما فات والتطلع إلى المستقبل بعزم وجد وثبات”.
واستطرد السيد الوالي بالقول، “غير أن ما يجب التأكيد عليه في هذا السياق أن هاته المهام لا يجب أن تنسي رجل السلطة دوره الأساسي والتقليدي في استتباب الأمن وحفظ الاستقرار والطمأنينة والسكينة والصحة العامة وحماية الأفراد والممتلكات والذي يتعين عليه جعله من أولوياته المطلقة، خاصة داخل مدينة مراكش التي تعتبر القاطرة الوطنية للسياحة ببلادنا والتي تتطلب يقظة دائمة وحرصا مستمرا”.
وأضاف ذات المسؤول، أنه “مما لاشك فيه أن الدور الجديد الذي أضحى موكولا للسلطة الإدارية المحلية أصبح يتطلب نموذجا جديدا لرجل السلطة، ولعل هذا ما حدا بوزارة الداخلية إلى تدشين إصلاحات عميقة المسايرة مستجدات المرحلة وتنزيل التعليمات الملكية السامية الداعية إلى تدشين مسار الانتقال المتدرج من نموذج للوظيفة العمومية قائم على تدبير المسارات إلى نموذج جديد مبني على تدبير الكفاءات”، مضيفا أنه “تم الإعداد لها من خلال تطبيق نظام المواكبة والتقييم الشامل المعروف ب 360 درجة المبني على مقاربة أكثر تثمينا للموارد البشرية وأكثر موضوعية في تقييم المردودية، تجعل من المواطن محورا في تقييم الأداء وغايتها الرقي بعمل الإدارة الترابية وفق دينامية فعالة تجعل الإدارة في خدمة المواطنين مواكبة لحاجياتهم وراعية لمصالحهم التي ما فتئ الملك محمد السادس نصره الله وأيده يؤكد عليها في كل المناسبات باعتبارها السبيل الأنجح لتدعيم الحكامة الترابية الجيدة”.
وتابع لحلو “ولبلوغ هذه الأهداف، يتعين على رجل السلطة مضاعفة الجهود من خلال العمل الميداني المستمر والتفاعل الإيجابي مع كل مكونات الساكنة المحلية والاقتراب أكثر من المجتمع المدني نظرا لدوره المتزايد في المساهمة الفعالة في دينامية التنمية واعتماد الاستباقية في حل المشاكل التي من شأنها أن تؤثر سلبا على السير العادي للحياة اليومية للمواطنين و ذلك بمحاربة كل المظاهر السلبية كالبناء الغير القانوني و العشوائي واحتلال الملك العمومي والحفاظ على نظافة وجمالية هذه المدينة والإقليم التي يجب أن تظل قبلة للسياحة الوطنية والدولية، وقطبا حضاريا متميزا، ووجهة دائمة للمؤتمرات والملتقيات الفكرية والثقافية والسياسية وكذا الاقتصادية الوطنية منها والدولية لاسيما أن مدينة مراكش مقبلة في شهر أكتوبر من هذه السنة على تنظيم حدث عالمي اكبر يتمثل في احتضان الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي بفضاء ساحة باب أغلي بمراكش”.
وخلص الوالي، إلى أنه ” يجب علينا جميعا كمسؤولين على تدبير الشأن المحلي من إدارة ترابية هيئات قضائية، مصالح أمنية مصالح خارجية للإدارات اللاممركزة للقطاعات الحكومية، ومجالس منتخبة، أن نستمر في التجسيد السليم للتوجيهات الملكية السامية واستحضارها، لنجدد التأكيد على الدأب الملكي الراسخ من أجل استكمال مسيرة الإصلاح وتحقيق الإقلاع الشامل وبلورة نموذج تنموي وطني قادر على رفع التحديات والإكراهات التي تواجه بلادنا وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية وتحسين ظروف العيش المشترك بين جميع المغاربة، باعتبارها نبراسا وحافزا على المثابرة بروح من المسؤولية والتضامن والنهوض بمتطلبات رعايا صاحب الجلالة بهذه العمالة التي تعرف نهضة شاملة في إطار مسلسل البناء والتشييد وإنجاز العديد من المشاريع الكبرى الهادفة إلى تحسين ظروف العيش الكريم للمواطن.
ولا تفوتني هذه المناسبة بتذكير الجميع دون استثناء بمضامين خطاب العرش لهذه السنة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، والداعية إلى العمل بجدية وحزم، حيث أكد جلالته حفظه الله ورعاه بأن النموذج التنموي الجديد بلغ مرحلة النضج و أنه الآن في مرحلة تتطلب الكثير من الجدية مشددا جلالته على تطبيق الجدية في الحياة السياسية والإدارية، خدمة للمواطن، وتغليب المصالح العليا للوطن وأن نتسلح بالصرامة والجدية والإخلاص لله والوطن والملك أثناء أداء مهامنا جميعا”.
ودعا الوالي، جميع رؤساء المصالح الخارجية دون استثناء إلى الرفع من مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين والتحلي بالانضباط والفعالية في الأداء مما يضمن الارتقاء بالإدارة العمومية لتلعب دورها كاملا في تنشيط الحركة الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا من خلال الاشتغال الميداني والاحتكاك بانشغالات الساكنة والنهوض بالتنمية الاجتماعية عبر انفتاح الإدارة على المواطنين والبحث عن المشاريع وجلب الدعم لها ووضع بصمة تنموية خاصة بكل رئيس مصلحة على حدى بالإضافة الى التعاون المشترك بين جميع المصالح من أجل الصالح العام للدفع قدما بعجلة التنمية بهذا المجال الترابي”.