قال وزير العدل، عبد اللطيف وهبي؛ أنه تمت بلورة معالم سياسة جنائية فعالة وناجعة ومتطورة تستجيب للتحديات والرهانات المطروحة، وذلك من خلال سن تدابير تشريعية تنظيمية متطورة وحديثة تستجيب لانتظارات الفاعلين والمشتغلين في مجال العدالة ومتطلبات المرحلة، وتمكن من توطيد الثقة والمصداقية في قضاء ناجع وفعال.
وأكد وزير العدل، في معرض رده على على الأسئلة الشفوية الآنية للسيدات والسادة المستشارين حول موضوع “تحديات تطوير السياسة الجنائية وتأهيل البنية التحتية للمحاكم ببلادنا”، على أن الظرفية الحالية تجعل السياسة الجنائية المغربية تمر بمحطة متميزة وفريدة أملتها عدة عوامل داخلية وخارجية كان من أهمها، تزايد خطر الجريمة على المستوى العالمي، وضرورة مسايرة السياسة الجنائية المغربية للتوجهات الدولية المعتمدة لمكافحة الجريمة والوقاية منها، والملاءمة مع مضامين دستور المملكة لسنة 2011.
ووفق كلام وهبي، فإنه مع أهمية الدور الذي تلعبه السياسة الجنائية في رسم توجهات الدولة في مجال مكافحة الجريمة والوقاية منها، توليها الاهتمام البالغ وتجعلها من أولويات برامجها الإصلاحية، وهو ما تبرره التدابير المتخذة في هذا الإطار سواء على مستوى ما تم اعتماده من إجراءات فيما يخص إعداد وبلورة معالم السياسة الجنائية وتوجهاتها المستقبلية، أو على مستوى الإجراءات المتخذة فيما يخص وضع الضوابط الناظمة للسياسة الجنائية المغربية في كافة مراحلها، من إعداد وتنفيذ وتقييم وخاصة على مستوى ضبط العلاقات بين كافة المتدخلين فيها. فإن العدالة الجنائية المغربية شهدت مجموعة من التحولات الإيجابية تشريعا وممارسة عبر محطات متوالية، عكست الإرادة القوية نحو الرقي بالمنظومة الجنائية ببلادنا ورفعها إلى مصاف التجارب الرائدة، والتي يمكن إجمال أهمها في قدم المنظومة القانونية الجنائية، وتضخم عدد النصوص القانونية الزجرية، وتضخم عدد القضايا الزجرية، وغياب آليات موازية للآلية التقليدية للعدالة الجنائية، بالإضافة إلى أزمة العود إلى الجريمة.
وتابع وهبي أن وزارة العدل تجعل مسألة تطوير السياسة الجنائية في صلب اهتماماتها وأولوياتها، إذ رسمت لها مخططا تشريعيا واضح المعالم والتوجهات يدل عليه حجم مشاريع القوانين المقدمة وكذا عمق مضامينها. مشيرا إلى أن الوزارة اتخذت مجموعة من الإجراءات والتدابير التشريعية والتنظيمية الرامية إلى تطوير معالم السياسة الجنائية المغربية، مستحضرة تنامي وتطور الظاهرة الإجرامية من جهة، وكذا تحقيق الملاءمة مع المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان والتي أكد عليها دستور المملكة لسنة 2011 من جهة أخرى.
وشدد الوزير على أن هذه التدابير تضمنت مستجدات جوهرية هامة سواء فيما يخص التجريم أو العقاب، أو فيما يخص الحقوق والحريات وتعزيز أدوات مكافحة الجريمة، وكذا تحديث آليات العدالة الجنائية، ويتجلى ذلك في مراجعة مجموعة القانون الجنائي، وهو المشروع الذي يندرج ضمن المخطط التشريعي الذي رسمته الوزارة، في إطار توجهات السياسة الجنائية، كما يأتي كثمرة للتطور التاريخي للفكر الجنائي ولمبادئ السياسة الجنائية، سواء ما يتعلق منها بالتجريم أو العقاب، وكذا تفاعلا مع التحولات الحقوقية التي ميزت العقود الأخيرة في المملكة، والتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي طبعت المجتمع المغربي والمنتظم الدولي.
مستنتجا أن هذه التدابير تتضمن أيضا مراجعة قانون المسطرة الجنائية، الذي يعتبر مشروع من بين أهم الأوراش التشريعية التي أطلقتها وزارة العدل، باعتباره المحرك الأساسي لمنظومة العدالة الجنائية، وذلك لارتباطه الوثيق بمجال حماية الحقوق والحريات ومكافحة الجريمة وتحقيق أمن الأفراد والجماعات، ومواكبة التطور الحاصل على مستوى الأنظمة الجنائية المعاصرة، وسد الثغرات التي أفرزتها الممارسة العملية.