بمناسبة اليوم الوطني للمرأة المغربية الذي يصادف العاشر من أكتوبر من كل سنة،نظم مركز التعليم الدامج والمسؤولية الاجتماعية والذي تديره الدكتورة سامية برادة يوما دراسيا بمجمع الابتكار جامعة القاضي عياض، وذلك يوم الثلاثاء 25 أكتوبر 2022، تكريما لروح الناشطة الاجتماعية فقيدة الحركة الحقوقية، المناضلة “عائشة الشنا” تحت شعار “عائشة الشنا رمز النضال والصمود”.
وكان هذا اليوم مناسبة للتعريف بمسارها الذي راكمت ضمنه تجربة طويلة في الدفاع عن حقوق النساء، واحتضان الأمهات العازبات وضحايا الاغتصاب، من خلال شريط مصور من إنجاز مجموعة من الطلبة الباحثين.
و في هذا الإطار أشارت الدكتورة الباحثة فاطمة الزهراء إفلاحن وممثلة محور النوع الإجتماعي في المركز إلى أن هذا اللقاء هو بداية سلسلة من اللقاءات مع نساء ناضلن من أجل إقرار حقوق المرأة، و رجال ساهموا ولا زالوا في الدفاع عن هذه الحقوق في جهة مراكش أسفي،كما ترى أن الترافع عن حقوق النساء من داخل الجامعة التي تعمل على تأسيس وتركيز المسؤولية الاجتماعية بادرة حسنة. وأكدت أن هذا اليوم الدراسي ستليه أيام دراسية أخرى، متمنية أن ينال البحث العلمي نصيبه من ذلك.
أما الدكتورة سامية برادة فقد اعتبرت تكريم عائشة الشنا هو فرصة لتكريم مجموعة من النساء ممثلات جمعيات المجتمع المدني اللواتي واكبن تطور الحركة النسائية، و أشارت إلى أن هذه الظاهرة تدخل في إطار أنشطة مركز التعليم الدامج الذي يهتم بالطالبات والطلبة في وضعية هشة، كيفما كان نوع هذه الهشاشة، اقتصادية أو إجتماعية أونفسية،بما فيهم الطلبة الأجانب.
وتحدثت السيدة زهرة البكوري رئيسة جمعية أمال للتربية و التكوين عن معاناة المرأة القروية على مستويات متعددة، موضحة أن وضعيتها ليست كوضعية المرأة في المدينة، هذا ما دفعها لتأسيس الجمعية في شهر مايو من سنة 2000 بتمصلوحت الهدف منها رفع الظلم والحيف عن النساء في المنطقة والعمل على توعيتهن وتحسيسهن بوضعيتهن القانونية، والإجتماعية، والنفسية. وقد انخرطت الجمعية في مشروع محاربة الأمية كما أنها عملت على خلق تعاونيات صغيرة مدرة للربح، و ساعدت النساء على تعلم مهن وحرف متنوعة كالطرز والخياطة… الخ لمحاربة الفقر وتجاوز صعوبات الحياة.
وقدمت الأستاذة مرية الزويني عضو الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب عرضا حول مساهمة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب في الحركة النسائية المغربية، واعتبرت أن المساهمة في هذا اللقاء فرصة للحديث عن قضية السلاليات، وهي نموذج لملف يمس إقصاء النساء من الملكية، ملك الحبوس (الوقف) ٠
وأوضحت أن الجمعية قامت بدورات تكوينية لفائدة هؤلاء النساء من أجل الترافع عن مطالبهن.
و من جهتها أشارت الأستاذة فوزية رفيق عضو فرع مراكش لاتحاد العمل النسائي في بداية مداخلتها إلى أن عائشة الشنا نذرت حياتها للدفاع بقوة وشراسة عن فئة رفضها المجتمع، فاحتضنتها لمدة تزيد عن أربعة عقود بكل صمود وأريحية، غير آبهة بكل الحملات المغرضة التي تعرضت لها، فنالت بذلك اعتراف المجتمع الوطني والدولي.
ثم انتقلت للحديث عن تجربتها في الحركة النسائية المغربية، وقد اعتبرت الحديث عنها هو حديث ذو شجون، هو حديث عن مجموع النضالات المستميتة التي خاضتها المرأة من أجل الحرية والكرامة والمساواة. كماأشارت إلى أن بداية الثمانينيات من القرن الماضي تميزت باحتضان أحزاب اليسار للحركة النسائية التقدمية من خلال تأسيس قطاعات نسائية برؤية واضحة وآليات تنظيمية فاعلة جعلت من قضية المرأة نقطة أساسية في جدول أعمال المجتمع المغربي.
وفي هذا السياق ظهرت جريدة 8مارس في نونبر 1983 كشكل جديد من أشكال النضال. الجريدة التي نعتها البعض بالجريدة الشرارة. والتي انخرطت فيها وهي شابة من خلال الكتابة فيها و تمثيل لجنة مراكش في الهيأة الوطنية للتحرير رفقة مجموعة من الرفيقات. وقد اعتبرتها لحظة فارقة في حياتها الشخصية، وفي تاريخ الحركة النسائية المغربية.
إن الدينامية التي أطلقتها جريدة 8 مارس مكنت من تأسيس اتحاد العمل النسائي سنة 1987، وهو من أبرز الإطارات المدنية التي تنخرط في صيرورة الدفاع عن قضية المرأة، ويسعى إلى تعزيز وضعها على المستوى الإجتماعي والحقوقي والقضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء،وهو الذي قاد حملة المليون توقيع من أجل تغيير مدونة الأحوال الشخصية ،وفتح ملفات حساسة مثل تجريم التحرش ومنع تعدد الزوجات وتزويج القاصرات… وهو الآن يقود الحملة الثانية التي تطالب بتغيير جذري وشامل لمدونة الأسرة.
وأكدت أنها تود في مداخلتها التركيز على سؤال جوهري جمعت أجزاءه طيلة تجربتها داخل الحركة النسائية، وهو كيف لها أن تنقل على أرض الواقع ما تعلمته في هذه الحركة التي احتضنتها وهي يافعة ثم شابة؟
هذا السؤال كان هو المحرك الرئيسي الذي زوّدها بطاقة إيجابية للانخراط في تجربة إنسانية غنية بالكثير من المواقف هي تجربة الاستماع والوساطة المدرسية ،تجربة كانت محطة حاسمة في حياتها المهنية والإجتماعية والثقافية، رهاناتها كانت كبيرة وآمالها عريضة ،خصوصا وأنها اندرجت في سياق محاولة الارتقاء بمنظومتنا التربوية من خلال التصدي لظاهرتي الهدر والتسرب المدرسيين ومناهضة العنف وذلك من أجل الاحتفاظ بأكبر عدد ممكن من التلاميذ في الصف الدراسي….
أما الأستاذة زهرة صديق رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء بمراكش أسفي فترى أن اللقاء شكل مناسبة تحدثت فيها ممثلات مجموعة من الجمعيات عن التراكم والنضال الذي حققته الحركة النسائية من أجل إقرار الحقوق الإنسانية للنساء، و الترافع الذي تخوض فيه الحركة منذ سنوات من أجل سن تشريعات تنسجم مع المواثيق الدولية، و دَستور 2011، وضرورة الحسم مع ازدواجية المرجعية التي تعد في تصورها من المعيقات في طريق تحقيق المساواة بين الجنسين، بحيث لا زلنا نعتمد على مرجعية محافظة تجعل تشريعاتنا تتسم بالتمييز واللامساواة ، ولا تنسجم مع الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب. كما ذكّرت باستمرار الحملة الترافعية من أجل التغيير الشامل لمدونة الأسرة، ومراجعة المنظومة الجنائية، وقانون 103/13 المناهض للعنف. ودعت لوضع سياسات مندمجة تأخذ في بُعدها مقاربة النوع، ووضع سياسة تجيب عن إشكالات سواء في المجال الاقتصادي، أو الإجتماعي، أو الثقافي،و البيئي التي تهم النساء بشكل عام.
وانطلقت الأستاذة الدكتورة وداد البواب رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، العميدة السابقة بجامعة القاضي عياض في مداخلتها من سؤال جوهري مفاده هل الحركة النسائية ضرورة مجتمعية أم ترف؟
في معرض حديثها اعتبرت أن العنف والتمييز ضد النساء منبعه في الأصل العقليات الذكورية التي تغذيه عبر قنوات التمرير، الإعلام، والمدرسة والأسرة. وترى أن هناك بون شاسع، بل تناقض صارخ بين ما جاء به دستور 2011 ،وبين بعض القوانين الوطنية كمدونة الأسرة والقانون الجنائي وعدم مواءمة هذه القوانين حتى للاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب.
وعدم تمتع النساء بحقوقهن الإنسانية له انعكاسات وخيمة عليهن، منها الشعور بغياب الأمن والأمان، والشعور بالإحباط وكذا التخلي عن المشاريع الخاصة.
وخلصت الأستاذة وداد في النهاية إلى أن الحركة النسائية المغربية بنضالاتها وصمودها وما راكمته من مكتسبات هي ضرورة مجتمعية وليست ترفاً أبداً، وهي استجابة موضوعية لضرورة التقدم والتنمية والعدالة والمساواة…..
أذة . فوزية رفيق الحيضوري