يحتفل المغرب اليوم 14 غشت 2022، وفي نفس التاريخ من كل سنة، بذكرى استعادة إقليم وادي الذهب، الذي يشكل عصب الجغرافيا والتاريخ بأقاليم الصحراء المغربية.
ولتسليط الضوء على هذا الجانب الهام من تاريخ بلادنا، وجب أن نلقن أبناءنا حقيقة ما جرى، حيث كاد إقليم وادي الذهب أن يصبح تحت سيادة جبهة البوليساريو الإنفصالبة، لولا التدخل السريع للملك الحسن الثاني.
وقد دأب المغرب على تخليد هذه الذكرى وتتجنب وسائل الإعلام الرسمية في المغرب الخوض في تاريخ وتفاصيل وظروف استرجاع هذا الإقليم، وتكتفي بإعداد تقارير وروبورتاجات حول النهضة التنموية التي تشهدها جهة وادي الذهب الكويرة. والإشارة إلى قيام عدد من علماء وفقهاء وشيوخ القبائل والأعيان من إقليمي أوسرد ووادي الذهب بمبايعة الملك الراحل.
ماذا حدث قبل 14 غشت؟
في الرابع عشر من نونبر 1975 وقعت كل من إسبانيا والمغرب وموريتانيا في مدريد اتفاقا ثلاثيا يمهد لخروج إسبانيا من الصحراء وتقسيمها بين المغرب وموريتانيا (الساقية الحمراء للمغرب ووادي الذهب لموريتانيا).
وبعد سنوات من توقيع اتفاق مدريد، سارت الأمور في غير ما يشتهيه المغرب، ووقع انقلاب في موريتانيا في العاشر من يوليوز 1978، حيث أطيح بالرئيس الموريتاني المختار ولد داداه الذي كان حليفا للمغرب، ليصبح بعد ذلك قائد أركان الجيش الموريتاني المصطفى بن محمد السالك رئيسا للبلاد.
وقرر حكام نواكشوط الجدد التنصل من الالتزامات التي وقعت عليها موريتانيا في مدريد. بعد صراع عسكري مع جبهة البوليساريو، مدعوم من الجزائر و الدخول في مصالحة مع الجبهة، وهو ما التقطه زعماء البوليساريو وسارعوا إلى إعلان هدنة من جانب واحد مع موريتانيا. ودخلت الجزائر على الخط وقامت برعاية مفاوضات بين الجبهة الانفصالية وموريتانيا في الثالث والرابع من غشت 1979، ووقع الجانبان اتفاق سلام يعلن رسميا انسحاب موريتانيا من اتفاقية مدريد، وأمر صناع القرار في نواكشوط بعد هذا الاتفاق قواتهم العسكرية بالانسحاب من إقليم وادي الذهب وتركه لميليشيات البوليساريو.
وأمام الوضع الجديد الذي فرض على أرض الواقع كان لزاما على المغرب التحرك سريعا، وهو ما قام به الحسن الثاني، حيث وجه أوامره للقوات المسلحة الملكية، بالدخول إلى إقليم وادي الذهب وإفشال مخطط البوليساريو وحليفتها الجزائر.
وقبل أن يجف حبر الاتفاقية الموقعة بين موريتانيا والبوليساريو، كان الجيش المغربي ينتشر فعلا في إقليم وادي الذهب. وبعد ملحمة بطولية للجيش المغربي استمرت أيامًا دارت معارك طاحنة في المنطقة دمر فيها الجيش الملكي قوات جزائرية ضخمة، تتقدمها عصابات مسلحة من عصابات البوليساريو التي حاولت الاستيلاء عسكريا على الاقليم. وفي 14 غشت 1979 قام عدد من علماء وشيوخ إقليم وادي الذهب بزيارة العاصمة الرباط، من أجل تقديم البيعة للملك الراحل الحسن لثاني. بعد ستة أيام من ذلك أصدرت وزارة الداخلية المرسوم رقم 2.79.659 والقاضي بإنشاء عمالة وادي الذهب، وفي 4 مارس 1980 توجه الحسن الثاني إلى مدينة الداخلة عاصمة الإقليم، وتم تنظيم حفل الولاء الذي يقام بمناسبة ذكرى عيد العرش بالمدينة، في خطوة أراد من ورائها المغرب بعث رسائل تحمل عدة دلالات لجبهة البوليساريو وحليفتها.