(كش بريس/وكالات) ـ عدة دول عربية تترقب انعقاد قمة مجموعة بريكس التي تستضيفها جنوب إفريقيا من 22 إلى 24 آب الجاري، لبحث طلبات انضمامها إلى المجموعة التي تسعى لكسر هيمنة الغرب.
وقدمت كل من الجزائر ومصر والسعودية والإمارات بالإضافة إلى البحرين والكويت والمغرب وفلسطين، طلبات رسمية للانضمام إلى بريكس، من بين 23 دولة قامت بالخطوة نفسها، وفق ما أعلنته جنوب إفريقيا.
ففي 7 أغسطس الجاري، قالت وزيرة الخارجية في جنوب إفريقيا ناليدي باندور، في بيان: “لدينا طلبات رسمية باهتمام قادة 23 دولة بالانضمام إلى بريكس، والعديد من الطلبات غير الرسمية الأخرى بشأن إمكانيات العضوية”.
والدول التي طلبت الانضمام إلى بريكس رسميا هي: مصر والجزائر والأرجنتين والبحرين وبنغلاديش وبيلاروسيا وبوليفيا وكوبا وإثيوبيا وهندوراس وإندونيسيا وإيران وكازاخستان والكويت والمغرب ونيجيريا، وفلسطين والسعودية والسنغال وتايلاند والإمارات وفنزويلا وفيتنام.
وخطت الدول العربية خطوات متفاوتة بشأن الانضمام إلى بريكس، التي تضم كلا من الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، والتي تسجل معدلات نمو عالية، خاصة في قطاعات الزراعة والتعدين وعلم الصواريخ.
وتملك كل من مصر والجزائر والسعودية والإمارات حظوظا أكبر للانضمام إلى بريكس ولو بصفة ملاحظ، كمرحلة أولى، بالنظر إلى الأهمية الجيوسياسية لهذه الدول، وحجم اقتصادها، ومساحتها الجغرافية، وكتلتها السكانية، وثرواتها الطاقوية والمعدنية، وسوقها الاستهلاكية الواسعة.
وهو ما أشار إليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في يونيو الماضي، عندما قال إن “انضمام السعودية والإمارات والجزائر ومصر إلى بريكس، سيثري المجموعة بما لهذه الدول من إرث حضاري عربي وإسلامي”.
الجزائر
رمت الجزائر بثقلها من أجل الانضمام إلى بريكس، من خلال زيارة رئيسها عبد المجيد تبون، إلى كل من روسيا والصين باعتبارهما البلدين المركزيين في المجموعة، وضمنت دعمهما رسميا.
كما طلبت الانضمام إلى بنك التنمية الجديد، التابع لبريكس، عبر المساهمة بمبلغ مليار ونصف مليار دولار.
وسرّعت الجزائر مساعيها للانضمام إلى بريكس، عندما استقبل وزير خارجيتها أحمد عطاف، كلا من سفراء الصين وروسيا والهند، والقائمين بأعمال سفارتي البرازيل وجنوب إفريقيا، في 6 أغسطس الجاري، وطلب منهم بحث هذا الملف، خلال انعقاد قمة بريكس في مدينة جوهانسبورغ.
كما أعلن الرئيس الجزائري في لقاء مع الصحافة المحلية أن الناتج الداخلي الخام للبلاد بلغ 225 مليار دولار، أي أنه تجاوز سقف 200 مليار دولار، الذي وضعه في السابق هدفا لدخول بريكس.
وما يعزز الملف الجزائري، أهمية البلاد الجيواستراتيجية كبلد متوسطي وبوابة نحو إفريقيا، وأنها الأكبر إفريقيا من حيث المساحة وصادرات الغاز، وعضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن (2024 ـ 2025).
مصر
لم تعلن السلطات المصرية رسميا طلبها الانضمام إلى بريكس، لكن السفير الروسي لديها غيورغي بوريسينكو، قال في يونيو الماضي، إن القاهرة قدمت طلبا رسميا للانضمام إلى المجموعة.
وهذا الطلب كان متوقعا بعد انضمام مصر رسميا إلى بنك التنمية الجديد التابع لبريكس، في مايو/ أيار الماضي.
كما شاركت القاهرة في اجتماع أصدقاء بريكس، الذي انعقد في مدينة كيب تاون بجنوب إفريقيا، في يونيو الماضي، ولكن عن بُعد، والذي حضره وزراء خارجية عدة دول بينها السعودية والإمارات وإيران، إلى جانب وزراء خارجية دول بريكس الخمس.
وتملك مصر عدة نقاط قوة، إذ تحتل موقعا جيواستراتيجيا، ومنفتحة على البحرين الأبيض والأحمر، وتربط بينهما قناة السويس المهمة للتجارة العالمية، ولديها سوق واسع يضم أكثر من 100 مليون مستهلك، وتحتضن القاهرة مقر الجامعة العربية.
السعودية
شارك وزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، في اجتماع أصدقاء دول بريكس الأخير في كيب تاون، ما يؤكد رغبة الرياض في الانضمام إلى المجموعة، التي تقدم نفسها بديلا لعالم أحادي القطب.
ففتور العلاقات الأمريكية السعودية دفع الرياض للاقتراب أكثر من الصين وروسيا، من خلال طلب الانضمام إلى بريكس، وقبلها انضمامها لمنظمة شنغهاي بصفة “شريك حوار”.
وتملك السعودية عدة أوراق تؤهلها للانضمام إلى بريكس، أهمها أنها أكبر مُصدر للنفط، وأكبر اقتصاد عربي، وثاني أكبر بلد عربي مساحة بعد الجزائر، وتحتضن المقدسات الإسلامية في مكة والمدينة.
وحظيت السعودية والإمارات بدعم الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، الذي قال إنه “من المهم للغاية” للسعودية الانضمام إلى مجموعة بريكس، بالإضافة إلى الأرجنتين والإمارات، إذا رغبتا في ذلك.
ومن شأن انضمام السعودية إلى بريكس أن يرفع حجم اقتصاد المجموعة بأكثر من 1.1 تريليون دولار، بعد أن وصلت مساهمة “بريكس” إلى 31.5 بالمئة من الاقتصاد العالمي، مقابل 30.7 بالمئة لمجموعة السبعة الكبار بزعامة الولايات المتحدة، وفق أرقام تداولتها وسائل إعلام، في أبريل الماضي.
ويعزز قوة المجموعة من حيث امتلاكها النفط والقمح والمعادن واسعة الاستخدام مثل الحديد، أو المعادن النادرة المستخدمة في الصناعات التكنولوجية، في مقابل قوة الولايات المتحدة بفضل الدولار، وامتلاكها احتياطيات ضخمة من الذهب، تعادل نحو ضعف ما تمتلكه روسيا والصين مجتمعتين.
الإمارات
على غرار السعودية، تسعى الإمارات العربية المتحدة للانضمام إلى بريكس، في ظل تراجع التزام واشنطن بضمان أمن الخليج، وتجلى ذلك من خلال انسحابها من قوة بحرية تقودها الولايات المتحدة في الخليج، في مايو الماضي، وإجرائها مناورات عسكرية مع القوات الجوية الصينية، انطلقت في 9 أغسطس.
كما شارك وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، في اجتماع أصدقاء بريكس الأخير في كيب تاون، حيث التقى نظراءه من روسيا والبرازيل وجنوب إفريقيا، بالإضافة إلى إيران.
وأعرب وزير الخارجية الإماراتي، خلال لقاء نظرائه في مجموعة بريكس (روسيا والبرازيل وجنوب إفريقيا)، عن تطلع بلاده إلى “تعزيز التعاون” مع دول المجموعة، ومشاركتها في “مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28″، المقرر عقده في مدينة “إكسبو دبي”، من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر المقبلين.
وتحظى الإمارات بدعم صريح للانضمام إلى بريكس، من الرئيس البرازيلي الذي زارها منتصف أبريل الماضي.
كما أن الإمارات من أوائل المساهمين، من خارج دول بريكس، في بنك التنمية الجديد، الذي يسعى لمنافسة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، في تمويل المشاريع التنموية.
وتمتلك الإمارات عدة مؤهلات، أبرزها احتياطياتها الضخمة من النفط، إذ تحتل المرتبة الخامسة بين الدول المصدرة للنفط (أوبك)، والسابعة عالميا، كما أصبح لها حضور دبلوماسي وأمني في أكثر من منطقة خاصة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إضافة إلى تنظيمها إكسبو دبي 2022 العالمي، واستعدادها لتنظيم COP28، واستقطابها للمكاتب الإقليمية لكبرى الشركات العالمية.
وكل من الجزائر ومصر والسعودية والإمارات، مرشحة لتكون دولا رائدة في إنتاج وتصدير الطاقات النظيفة خلال العقود القليلة المقبلة، على غرار الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، والتي من المتوقع أن تنافس الوقود الأحفوري (الفحم والنفط والغاز).
دول عربية أخرى في القائمة
إلى جانب الدول العربية الأربع التي حظيت بأكثر صدى إعلامي وسياسي، ظهرت دول عربية أخرى في قائمة الـ23، لكن بضجيج أقل، على غرار البحرين والكويت والمغرب وفلسطين.
بينما غابت دول أخرى عن القائمة الرسمية على غرار السودان، الذي ذكر موقع “المجلس الروسي للشؤون الدولية”، في تقرير له، أنه أعلن رسميا رغبته في الانضمام إلى بريكس، ويرجح استبعاده بسبب الحرب المشتعلة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وأعلن النظام السوري على لسان وزير ماليته كنعان ياغي، في يونيو الماضي، اعتزام دمشق التقدم بطلب الانضمام إلى مجموعة بريكس، ومنظمة شنغهاي.
في حين لم تعلن تونس رسميا رغبتها في الانضمام إلى بريكس، رغم تلويح تكتل لأحزاب ومنظمات داعمة للرئيس قيس سعيد، في أبريل الماضي، بإمكانية القيام بهذه الخطوة إذا ما وصلت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، بشأن الحصول على قرض جديد، إلى طريق مسدود.
(الأناضول)