عادة ما يهتم محققو التراث العربي الإسلامي المكتوب العربية، بوضع فهارس لنصوصهم المحققة. والغالبية العظمى من هذه الفهارس تخصص للآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأعلام البشرية والبلدان والأشعار وأسماء الكتب والمؤلفات. وهذا النوع من الفهارس مفيد بلا شك، ولكن قلما نجد من يتجاوز ذلك إلى الاهتمام بالألفاظ والاصطلاحات والتراكيب الخاصة بمؤلف النص المحقق، مما يمكن أن نطلق عليه اسم: معجم المؤلف أو ألفاظ المؤلف. مع أن هناك من النصوص التراثية ما لا تكتمل الفائدة من تحقيقه ونشره إلا بهذا النوع الأخير من الفهارس، ومن دون ذلك تضيع على القارئ الباحث، ولاسيما إذا كان مؤرخا للغة والأساليب مهتما بها، كثير من الفوائد التي يسعى للحصول على شيء منها في نص من النصوص ذات الأهمية التاريخية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية. فليس أمام الباحثين المتخصصين من الوقت ما يكفي لمراجعة كتب في حجم كتاب الأغاني للأصبهاني، أو الإحاطة لابن الخطيب، أو فتوح البلدان للبلاذري أو العبر لابن خلدون، مراجعة دقيقة لكل صفحاتها ومحتواها، لكي يستخرج منها بعض ألفاظ مؤلفيها واستعمالا تهم الخاصة، وما ينضاف إليها من ألفاظ حضارية ونحوها. ولكن وجود هذا النوع من الفهارس اللغوية الذي أشرت إليه، يسهّل الكثير من مشاق الباحث اللغوي الذي يطلب ضالته في مثل هذه المتون الطويلة. ولقد دأب فريق من المستشرقين الكبار على إعداد الفهارس اللغوية لنصوصهم المحققة، فكانت فائدتها عظيمة. أما في هذا العصر الذي غلب عليه الكسل والتراخي، فقد أصبح الذين يهتمون بذلك قلة معدودة. لذلك أوجه هذا النداء إلى السادة الأساتذة المشرفين على رسائل الماجستير وأطاريح الدكتوراه، أن يوجهوا طلابهم إلى الاهتمام بهذه الناحية ويلزموهم بذلك حتى يتم إحياء هذا المنهج الحميد في التحقيق لتعم به الفائدة بحول الله.