أشادت لجنة المناقشة العلمية، بأحد أهم البحوث، التي قاربت موضوعا ذو أهمية بالغة، بخصوص أدوار المجتمع المدني في صناعة القرار المغربي، حيث ناقش الباحث المقيم بالديار الأمريكية، السيد مولاي عبد الصمد صابر يوم السبت 2022\03\26بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، تخصص العلوم السياسية، في إطار مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات في الموضوع إياه، والمعنون ب: (المجتمع المدني ودوره في صناعة القرار بالمغرب)، وذلك تحت إشراف الدكتور محمد بن طلحة أستاذ التعليم العالي بجامعة القاضي بمراكش ، وحصل بموجب ذلك على ميزة مشرف جدا. هذا وقد تكونت لجنة المناقشة من السادة الأساتذة: الدكتور محمد بن طلحة أستاذ التعليم العالي بجامعة القاضي بمراكش مشرفا والدكتور إدريس لكريني أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بمراكش رئيسا ومقررا، والدكتور رشيد لبكر أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بالجديدة، والدكتور محمد المساعدي أستاذا مؤهلا بكلية الحقوق بمراكش عضوا ومقررا عضوا ومقررا، والدكتور الحبيب أستاتي أستاذ مؤهلا بكلية الحقوق بمراكش عضوا.
وحول تنامي دور المجتمع المدني في صناعة القرار بالمغرب، أكد الباحث صابر، على أن الإشكالية قد جاءت في سياق دولي وداخلي ارتبط بانفتاح الدولة المغربية في علاقتها بمحيطها الدولي، حيث تحولت وظيفتها في المجال الاقتصادي، فتم الدخول في الاقتصاد الليبرالي المعولم الجديد، وتم تأهيل الاقتصاد الوطني وتحرير السوق، بنهج سياسة الخوصصة وإبرام اتفاقيات التبادل الحر.
وأضاف ذات المتحدث، أن الدولة عرفت تحولا وانفتاحا أخر في علاقتها بالمجتمع، سواء في المجال السياسي، حيث بدأ الانفتاح مع حكومة التناوب التوافقي وصولا إلى الإصلاحات التي أقرها دستور 2011، أو في مجال الحقوق والحريات، حيث تم إبرام المصالحة الوطنية عبر تأسيس “هيئة الإنصاف والمصالحة”، أو في المجال الاجتماعي، حيث تم تكريس وصنع مسؤولية المجتمع المدني وتم خلق العديد من الجمعيات على المستوى الوطني، وتمت تهيئتها للقيام بالأدوار التي أخذت الدولة تتخلى عنها لصاح فاعلين آخرين غير رسميين في مجال صناعة القرار.
ولم يفت الباحث صابر، الإشارة إلى الأهمية التي يكتسيها البحث في هذا الموضوع بالذات، كونه يتناول بالبحث والتحليل الأدوار والوظائف التي يمكن للمجتمع المدني أن يضطلع في صناعة القرار داخل نظام سياسي له خصوصية بما له من قدرة وفعالية مادية، يتميز بتطوره في علاقته بمحيطه الوطني والدولي وقدرته على التحول الذاتي، وتوقفه على كل من المجتمع المدني والنظام السياسي المغربي وعلاقتهما الديمقراطية، وهو ما سيكشف عن مدى تحول النظام السياسي المغربي في علاقته بالمجتمع المدني من علاقة تقوم على السيطرة والهيمنة إلى علاقة تقوم على التعاون والشراكة من جهة، كما يكشف عن علاقة المجتمع المدني بالديمقراطية من خلال الكشف مدى فعالية وجاهزية المجتمع المدني في القيام بدوره إلى جانب الدولة في صناعة القرار بشكل عام وفي صنع وتنفيذ السياسات العامة وتقييمها في إطار ما تسمح به آليات الديمقراطية التشاركية من جهة ثانية.
مشددا على أن الهدف من خلال هذا البحث هو التعرف على حيثيات إدخال آليات الديمقراطية التشاركية في القوانين المغربية والتي تستهدف دمقرطة القرار العام الوطني والمحلي، والتي من خلالها يسمح للمجتمع المدني كفاعل غير حكومي بالمشاركة في صناعة القرار إلى جانب الدولة ومؤسساتها، ومعرفة هل هذا خيار استراتيجي للدولة نحو ترسيخ الديمقراطية والحكامة الجيدة في إطار تفاعل حقيقي بين الدولة والمجتمع أم هو فقط آلية جديدة لإعادة التحكم وبسط الهيمنة.
وتناول الباحث موضوعه في قسمين رئيسيين، حيث خصص القسم الأول لتوضيح سياق ظهور المجتمع المدني وتطوره وعلاقته بالدولة في الدول الغربية، حيث كانت هذه الأخيرة إحدى إفرازاته، وذلك على خلاف التجربة العربية، سواء في مكوناته أو في وظائفه، تم وضح الباحث مفهوم المجتمع المدني بالمغرب وأهم تجلياته وكيف تطورت علاقته بالدولة. وقد توصل الباحث من خلال هذا القسم إلى أن مساهمة المجتمع المدني في صناعة القرار تتحكم فيها العديد من المحددات في أي نظام سياسي منها طبيعة النظام السياسي، وعلاقة النسق السياسي بالنسق الدولي، وطبيعة علاقة الدولة بالمجتمع المدني، ومدى فاعلية وقوة المجتمع المدني. وكذلك توافر العديد من الشروط الضرورية منها، المواطنة، والديمقراطية، ودولة القانون وفصل السلط.
أما في القسم الثاني من البحث فقد خصصه الباحث لمناقشة وتحليل هذه الشروط والمحددات وعلاقتها النسق السياسي المغربي في مجال إشراك المجتمع المدني في صناعة القرار، وذلك عبر تحليل الآلة القرارية للنظام السياسي المغربي، والى أي حد تسمح هذه الأخيرة بمشاركة فعالة للمجتمع المدني بالقيام بدوره في صناعة القرار كما هو في الدول الغربية، محاولا التأكد من فرضية ما إذا ما كانت الدولة تسيطر على المجتمع المدني وتهيمن عليه، حيث إن الأدوار التي يمكن أن يضطلع بها في عملية صنع السياسات العامة ستكون محدودة، فقد حاول الباحث مقارنة التجربة المغربية في مجال إشراك المجتمع المدني صناعة القرار ببعض التجارب الرائدة في هذا المجال، خاصة في ما يتعلق بالآليات التي جاء بها دستور ألفين وإحدى عشر، كما حاول دراسة مدى فعالية وقوة المجتمع المدني من خلال دراسة بعض الجمعيات، ليصل في الأخير إلى مختلف التحديات التي تواجه التجربة المغربية في هذا المجال، ويخرج بمجموعة من المقترحات المهمة التي يجب إعمالها لتفعيل الدور الحقيقي الذي يمكن أن يقوم به المجتمع المدني بالمغرب كفاعل غير حكومي إلى جانب الدولة وفاعلين آخرين كما هو الحال في بعض الدول الديمقراطية.