* أعلن رئيس الحكومة أمس عن خفض نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي المتوقعة إلى نطاق 1.5-1.7 في المئة خلال 2022، نزولا من توقعاته السابقة البالغة 3.2 في المئة في ميزانية العام الحالي؟ من وجهة نظركم أسباب هذا التراجع؟
ج : اضطرت الحكومة المغربية إلى تعديل نسبة النمو لسنة 2022 في حدود 1,5 إلى 1,7% عوض 3,2% المتوقع في الميزانية التي صودق عليها قبل.
يأتي هذا التعديل بعد توضيحات من البنك المركزي و المندوبية السامية للتخطيط أخذا بعين الاعتبار المستجدات الأخيرة.
يمكن إجمال هذه المستجدات في النقط الثلاثة التالية :
أولا تبعات الأزمة الصحية التي تحولت إلى أزمة اقتصادية واجتماعية التي تبلورت في ضعف الطلب على العديد من المواد الاقتصادية .
ثانيا تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية التي أرخت بظلالها على صعوبة الإمدادات في الأسواق العالمية خاصة النفط والغاز والحبوب وما تمخض منه من ارتفاع مهول للأسعار وضرب القدرة الشرائية لشراءح عديدة للمغاربة ،
ثالثا شبح الجفاف أو بالأحرى تأخر النشاطات المطرية التي ينخفض من الناتج المحلي الفلاحي بقرابة 11% رغم توقع زيادة الناتج الخام غير الفلاحي بحوالي 3,2% من جهة وتحسن الصادرات الفلاحية باستثناء الحبوب. الحديث هنا عن الخضر يزايد 18% و الحامض بزاءد 37% بالإضافة إلى المواد البحرية بزيادة 44%.
يبدو أن هذه النسبة بين 1,5% و 1,7%غير مضمونة في ظل مناخ دولي غير مستقر. يبقى النمو الاقتصادي بالمغرب مرهونا بتحسن النتاج غير الفلاحي خصوصا المهن الجديددةبالإضافة إلى إمكانية التعويض بالصراعات الربيعية والصيفية بعد النشاطات المطرية الأخيرة.
* ارتفاع أسعار المستهلك في المغرب خلال الشهور الثلاثة الماضية، هل هي مدفوعة بتذبذب سلاسل الإمدادات فقط، أم أن هناك قضايا اقتصادية أخرى مرتبطة بهذا الارتفاع؟
ج : من مخلفات عدم الاستقرار في الأسواق العالمية أثر تداعيات كوفيد 19 و التقلبات الأخيرة بعد اندلاع فتيل الحرب الروسية الأوكرانية ارتفاع غير مسبوق لأسعار المواد الإستهلاكية بالمغرب أسوة لما وقع بإجراء المعمور.
من الأسباب المباشرة لرفع الأسعار ووصول نسبة التضخم بالمغرب إلى 3,6% يمكن التأكيد على صعوبة الإمدادات وارتفاع تكلفة النقل واللوجستيك بالإضافة إلى الارتفاع المهول لأسعار النفط في الأسواق العالمية.
لكن لا يجب إغفال الأسباب المتعلقة بسلسلة التبادل بالمغرب حيث ان المنتوجات الفلاحية المغربية عرفت نموا سريعا أدهش الجميع رغم أن المنتوجات محلية ولا يمكن تفسير هذا المنحى بالزيادات المتوالية لأسعار النفط.
هنا في المغرب وسطاء يتاجرون في هذه الأزمة ويعمقون جراح السواد الأعظم للمستهلكين المغاربة رغم التساقطات المطرية الأخيرة التي استبشر بها خيرا جل المغاربة.
يمكن أيضا الحديث عن لإجراءات المتأخرة وغير النجدية للحكومة في ضل استمرار لوبي النفط بالاستفراد بتحديد أسعار المحروقات حسب مصالحهم الخاصة دون الاكتراء بجمهور المستهلكين.
وقد لوحظ تناقض في الأسعار بالمغرب مقارنة بتغير الأسعار المرجعية الدولية.
خلاصة القول أن الأسعار الملتهبة في الأسابيع الأخيرة بالمغرب لا يمكن تفسيرها فقط بالسياق الدولي ولكن بفشل الحكومة في سن سياسة ترمي إلى حماية القدرة الشرائية لأغلب المواطنين المغاربة.
* خبير اقتصادي ومالي (مستشار هيئة تحرير موقع كش بريس)