عبد الرحيم الضاقية
احتضنت كلية اللغة العربية بمراكش يوم 22 يولوز 2022 مناقشة أطروحة دكتوراه تقدم بها الطالب الباحث ي نور الدين الإدرييسي تحت إشراف الدكتورة فاطمة السلامي . وقد استغرق البحث فيها خمس سنوات من البحث المتواصل في موضوع متميز يهم الزمن والحدث في اللغة العربية . وقد امتاز عمل الباحث بالرصانة والتتبع الفاحص لعدد كبير من المصادر والمضان سواء منها التراثية أو المحدثة ، كما انفتح الباحث على النص المقارن من لغات أجنبية أخرى وقد ساعده في ذلك الانفتاح على التكنولوجيا للحصول على مراده .
استهلت جلسة المناقشة بتقديم الباحث لأطروحته من حيث مكونتها ومراحل إنجازها ، ثم إعطيت الكلمة للجنة المناقشة التي تكونت من الدكاترة: عبد العزيز بوضاض رئيسًا، وسعيد العوادي ومحمد وحيدي وعطاء الله الأزمي أعضاءً.وبعد المداولة قررت اللجنة بحضور السيد عميد الكلية منح الطالب الباحث مولاي نورالدين الادريسي درجة الدكتوراه بميزة مشرف جدا، مع تنويه من اللجنة وتوصية بالطبع.
وتعنى أطروحة الموسومة بـ:” بناء الأحداث والأزمنة في الخطاب القرآني”، بدراسة النسق الزمني في اللغة العربية بصفة عامة، وفي القرآن الكريم بصفة خاصة، وذلك وفق مسارين تحليليين متكاملين: مسار أول يدعم تنوعَ طبيعة الزمن في اللغة العربية، وانبناء تأويله على تفاعل المقولات الزمنية (الزمن tense، والجهة aspect ، والوجه mood)، ومسار ثان يدرس بناء الأحداث، ويحلل المؤشرات الصرفية والنحوية الدالة على إفرادها أو جمعها.
وقد قسم الباحث أطروحته إلى أربعة فصول؛ هي:
- الفصل 1: دلالة الجهة والزمن والوجه في اللغة العربية ؛
- الفصل 2: التأويلات الزمنية لبعض أنماط الجمل العربية؛
- الفصل 3:الأسوار والظروف وبناء الأحداث في العربية؛
- الفصل 4: تعـدد الحـــــــــــــــــدث في العربية .
ومن الناحية المنهجية عمد الباحث إلى مقاربة بناء الأحداث والأزمنة مقاربة لسانية، واعتماد منظور مقارن بين الظواهر الزمنية والحدثية في العربية والإنجليزية، فرصد غنى النسق الزمني العربي وأهمية الدراسات اللسانية الحديثة في وصف المعطيات الزمنية والحدثية في العربية والمساعدة على تمثلها تمثلا أفضل، إضافة إلى تعميق فهم بناء الأحداث والأزمنة في الخطاب القرآني، ورصد بلاغة الاختيارات القرآنية للبنى الزمنية وصور تعدد الحدث، وخصوصياتها الاستعمالية والدلالية.ويذكر أن أجواء المناقشة مرت في ظروف علمية راقية سيطرت عليها القيمة المضافة العالية التي قدمتها الأطروحة في مجال تخصصها وكذا مجالات أخرى محايثة . وقد تجلى ذلك في الملاحظات المقدمة من طرف اللجنة التي وقف بعض أعضائها في مستوى الوصف والمراوحة نظرا لأن الأطروحة تميزت بالأصالة والتمحيص وقوة الحجة الموثقة ضمن مرجعيات عربية وأجنبية ذات قيمة اعتبارية . ويبدو أن الأستاذة المشرفة هي التي وقفت عن كتب عند قيمة الأطروحة حيث صرحت في أعقاب المناقشة بأن البحث العلمي في هذا المجال يتعين عليه انتظار أربعين سنة للعثور على مثل هذا الباحث المثابر والمستقصي .
وتجدر الإشارة إلى أن الدكتور ي نور الدين الإدريسي من الباحثين القلائل الذين يتميزون بالإصرار العلمي والإنتاج المتميز في أمكنة وأزمنة هادئة معرفيا ومنهجيا فيضل منعزلا في أزمن وأمكنة ظليلة يخوض معاركه الضارية مع الفعل – والجملة – والمضارع – والأمر – والحدث… تماما كما كان يفعل المتصوفة . فهو الباحث الذي لا تقنعه قرينة أو قرينتين بل لا يغمض له جفن حتى يطوف على جميع المراجع والمصادر التي تعالج نفس الأمر ويقارعها واحدة بواحدة كل ذلك في صمت وتواضع جميل .
لقد كانت هذه المناقشة مناسبة لحضور نوعي من زملاء الباحث في البحث وأساتذة/ات ومفتشون تربويون كما حضرت فعاليات تربوية وأسرة الباحث بكل تلقائية لكي تعبر للدكتور نور الدين على المحبة التي تكنها له إنسانا راقيا ذو أخلاق عالية ، وباحثا ورجل تربية بامتياز .