كتب: محمد بنلعيدي*
إذا كان من الضروري أن تستجيب مخططات إعداد وتنمية التراب لحاجيات واختيارات الساكنة، مع ملاءمتها مع أهداف التنمية المستدامة 2030 وأجندة المناخ العالمية، فلابد من إدماج أبعاد المناخ والتنمية المستدامة في التخطيط الترابي كشرط أساسي لإنجاح أي برنامج أو مخطط تنموي. وهنا يطرح السؤال الكبير والعريض إلى أي حد مختلف السلطات وعلى رأسهم السادة عمال إقليمي سيدي بنور والجديدة ومصالحهم الخارجية، قادرين على تعبئة مختلف المنتخبين بكل الجماعات الترابية بمنطقة دكالة، على المساهمة في تحسين عملية الإعداد والتفعيل المشترك للمخططات الترابية.
و في أفق دمج معايير جديدة لمفهوم القرى والمدن والأقاليم المستدامة تظهر الحاجة الحقيقية لتقوية أدوار جمعيات المجتمع المدني والهيئات التشاورية ومختلف الفاعلين في مرحلة إعداد مخططات وبرامج التنمية الترابية الجارية حاليا بعد الانتخابات الماضية، من أجل إشراك فعلي وحقيقي وموسع لمختلف شرائح المواطنين والفاعلين الترابيين، من خلال اعتماد مقاربة تشاركية بين جمعيات المجتمع المدني وبرلمانيين وباحثين وأكادميين ، تفعيلا للوظائف المخولة دستوريا، والمتمثلة في المساهمة في بلورة وتتبع وتقييم مختلف السياسات العمومية والترابية, ضمن ورش كبير أطلقته الدولة، بغية وضع إطار وأسس قوية وحديثة لحكامة جيدة تؤطر الفاعلين الترابيين وتمكنهم من وضع سياسات مجالية ناجحة، بمقاربة تشاركية مع جميع الفاعلين، وصولا إلى إعداد برامج عمل الجماعات بأولويات إستراتيجية تترجم إلى مشاريع عدة تساهم في تحقيق رهان التنمية .
التساؤل الثاني الذي يفرض نفسه في هدا الإطار ، إلى أي حد عمالتي الجديدة وسيدي بنور منخرطتين في المواكبة والمساهمة في إنجاح مخططات وبرامج التنمية الخاصة بالأقاليم والعمالات كونه بالغ الأهمية من حيث التنصيص الدستوري على مبدأ إشراك فعاليات المجتمع المدني و خصوصا البيئي في مختلف مراحل الإعداد, الوضع والتنفيذ والتقييم بشكل تشاركي.
كل هذا من أجل القطع مع نموذج لبعض الجماعات الترابية، التي تكتفي فقط بالإخبار في المراحل الأولية أو استدعاء جمعيات على المقاس، وهو ما نؤكد عليه دائما كمجتمع مدني ديمقراطي، خصوصا في الولاية السابقة إلى عدم قبول تمرير هذه البرامج في غياب مأسسة حقيقية ومشاركة مواطنة فاعلة، من خلال هيئات ومراصد للتتبع و التقييم وكذلك تشجيعا لانعقاد اللقاءات التشاورية المحلية والإقليمية، وكذا الجهوية لتحويلها إلى فرصة للحوار والنقاش مع المنتخبين والفاعلين المؤسساتيين والقطاع الخاص. وهو ما قد يساهم في حل مشكلة غياب التنسيق والانسجام والالتقائية في تنزيل مختلف السياسات العمومية .
ومن أجل الاطلاع على درجة الاهتمام بقضايا البيئة والتغيرات المناخية، فقط يجب إعمال قراءة بسيطة في حجم الميزانيات المرصودة وطنيا و حتى جهويا و إقليميا لكي تتكون لدى كل مهتم فكرة واضحة عن درجة هدا الاهتمام التي تبقى جد ضعيفة دون طموحات الساكنة، وفي غياب إرادة حقيقية للإشكالية البيئية والمناخية في برامج التنمية الترابية
. كما تجدر الإشارة إلى إصدار القانون الإطار رقم 99.12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة، والذي يعد أداة رسمية لضمان الحق الأساسي لكل إنسان في العيش، ضمن بيئة صحية وسليمة تحترم المكونات الطبيعية الذي تعتبر ملكا مشتركا بين كل أفراد الأمة, كما حدد اختصاصات الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية والقطاع الخاص وفعاليات المجتمع المدني، في الحفاظ على البيئة، وضمان التنمية المستدامة كحق طبيعي للأجيال القادمة..
وفي سياق آخر، لا يقل أهمية عن ما سبق التنصيص عليه، نجد أن القوانين التنظيمية للجماعات الترابية أسست هي الأخرى لعدة مقتضيات في عديد من المواد، والمتعلقة أساسا بالحفاظ على البيئة، خاصة القانون التنظيمي للجماعات الذي عزز ووسع من الاختصاصات البيئية المنوطة بهذه الجماعات، وذلك لضمان تنفيذ برامج حماية البيئة على الصعيد اللامركزي بشكل فعال وناجع.
و في أخر هذا الجزء الاول من مواكبة هدا الموضوع، نتمنى أن تحضى كل الإختلالات البيئية بدكالة إلى اهتمامات راشدة ومواطنة من طرف كل أنواع الجماعات الترابية ومختلف السلطات الاقيلمية والمحلية وباقي الفاعيلن من قطاع خاص ومؤسسات عمومية ونشر الوعي البيئي وسط المواطنين، حيث تدهور المنضومة البيئية والمناخية هي من تدهور مستقبل تنمية أجيالنا القادمة .
* فاعل مدني و حقوقي(رئيس شبكة الجمعيات الدكالية غير الحكومية ) |