في انتظار الإطلاع ودراسة ( أو تدارس إذا اعتبر الفعل جماعيا وتواصليا ) مقرر مجلس هيأة المحامين بالرباط والمتعلق بملف زميل معلقة صفته إلى حين تقييده بجدول هيأة ما بالمغرب، لا مناص من توقيف السجال (العمومي) الجاري، هنا وهناك، لأن الملف سيكون محل نظر أمام القضاء المختص، وبصرف النظر عن أحقية ووجوب دفاع مجالس الهيئات عن المهنة وحمايتها من اختلالات نفسها أو من خوارجها الموضوعية، فإن هذه الحماية ينبغي أن تتأسس على القانون وترتكز عليه مع استحضار حكمة المشرع من جدوى التنصيص على تلك الشروط الحمائية، وتفاديا لأي تعسف في التأويل والتفسير، فإن العبارة يلزم أن تكون واضحة وصريحة وإلا فالقضاء وحده المالك لصلاحية التأويل، من هنا فكل محاولة التأثير على السلطة التقديرية للقضاء مخالفة للقانون، ولذلك وجب أولا تنزيه مداولة مجلس الهيأة والتي تستمد مشروعية المقرر الصادر عنه من القانون المنظم لمهنة المحاماة، والقضاء وحده الكفيل بمراقبة مدى سلامة تطبيق النصوص المعتمدة، وبالتالي فالنقاش أو النقد القانونيين ينبغي أن ينصب على حيثيات القرار وتعليله في حد ذاته وليس على مكونات مصدر القرار البشرية أو انتماءاتها، أما فحص شرعيته ومشروعيته فهذا اختصاص محفوظ للهيأة القضائية المختصة، وبنفس القدر لا ينبغي التعامل مع النازلة من زاوية المعني بالأمر أي طالب التسجيل، فمن باب التجرد والحياد الموضوعي، لابد من استحضار قاعدتين أساسيتين تؤطران كافة الإجراءات : القاعدة الأولى أنه لا دفع ولا ادعاء دون مصلحة مشروعة، والقاعدة الثانية هي عدم التعسف في استعمال القانون أوالحق. ولأن المناسبة شرط وبالنظر للمهام التي تقوم بها ، بصفة فعلية، مؤسسة المحاماة، وفي إطار نظرية الموظف الفعلي، بمشاركتها المؤسساتية والحقوقية، ضمن منظومة العدالة ، في التدبير السلمي والقانوني للنزاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية حتى، فإننا نتساءل عن مدى حلول زمن اعتبارها مرفقيا يسدي خدمات عمومية وبالتالي خضوع تصرفاتها وقراراتها لرقابة القضاء الإداري، فصحيح أن الانتماء لمهنة المحاماة، من طرف المنخرطين فيها أو الملتحقين بها ، تعاقد مدني، ولكن كافة المعاملات والقرارات الصادرة عن مجالسها المهنية بنبغي أن تتسم بصبغة القرار الإداري الخاضع لرقابة لقضاء الإداري حماية للمنخرطين والمرتفقين من أي شطط في استعمال السلطة أو تجاوز لها، مع الاحتفاظ لبعض المعاملات التي تخص العلاقات الثنائية أو الخاصة مع الموكلين التعاقدية، ولعل في هذا الإختيار ضمانات أوسع لتكريس الحماية المقرونة بالاستقلالية، استقلالية السلط عن بعضها البعض، وبصفة أصيلة استقلالية المحاميات والمحامين، والقضاة على الخصوص الذين تقتضي حماية استقلاليتهم ووضعيتهم الفردية لهيأة أعلى من الغرفة الإدارية لدى محكمة النقض، قد تدعى مجلسا للدولة، لاتهم التسمية دستوريا، فالأهم هو أن تكون مؤسسة دستورية مستقلة عن كافة المؤسسات، متربعة، وفي منأى عن أي استغراق أو وصاية إلا للقانون.
. رئيس أكاديمية الحكامة التشريعية والأمن القضائي