بدل الاحتجاج بأن قرارات الحكومة غير دستورية في مجال الصحة والتعليم والتشغيل علينا النضال والعمل على تعديل الفصل 31 من الدستور الذي صار يعتبر أن الدولة غير ملزمة بالضمان بتحقيق نتيجة وإنما هي ملزمة فقط ببدل عناية و السعي إلى توفير وسيلة ، وإلا ستظل القرارات وعلى علتها دستورية بمفهوم نص الفصل 31 الذي يعتبر تراجعا عن مقتضيات الفصل 13 من دستور 1962 الذي كان يعتبر التربية والشغل حقين مضمونين.
من هنا فدون تعديل مقتضيات هذ الفصل لا يمكن الحديث عن رد الاعتبار للبعد الاجتماعي في السياسات العمومية ( الحكومية ) وفي السياسة العامة (الدولتية) ، ولا يعقل التبجح بإمكانية تحقيق النموذج التنموي لانعدام ضمان والزامية التفعيل والإنجاز ، وبالتالي صعوبة، بل استحالة المحاسبة، مما يطرح سؤال التشكيك في “بالون الاختبار” الذي قذف به وزير التربية الوطنية إلى “شارع غاضب وساخط” ولربما لامتصاص النقمة أو التنفيس، خاصة وأن الفئة المستهدفة بقرار الإقصاء (سنها يتراوح ما بين 31 سنة و45 عاما ) هي الشريحة المفترض أنها مؤهلة للالتحاق بأسلاك تدوير النخبة والحلول بديلا ضمن عمليات إنتاج الطبقة المتوسطة والتي لم يعد نمط الاقتراع اللائحي قادرا على استيعاب عطالتها و بطالتها، بصرف النظر عن غموض إرادة الحكومة و ارتباكها وقصورها في جلب الموارد و إمكانيات تمويل المشاريع الموعودة، خارج الإقتراض العام، خاصة وأن الاقتراض الأجنبي لا زال مشروطا بعدم الإنفاق في المجالات الاجتماعية ( الشغل والصحة والتعليم )، وقد يبدو أن التاريخ سيعيد نفسه على مستوى الاحتقان الاجتماعي مقابل انفلات امني مفترض ، وهو أمر يثير توجسات كبيرة ، خاصة وأن العقل الأمني (والذي يعتبر وزير التربية الوطنية أحد خريجيه) اكتسب من الخبرة ما يكفي إلى درجة امتهان هندسة جدول أعمال وطني المفروض من أعلى، في ظل هشاشة بنيات التأطير الحزبي، و تراخي وتيه بوصلات آليات الدفاع المدني، وفي ظل فشل المؤسسات الوطنية والهيئات الحقوقية في فرض وضع استراتيجية عدم الإفلات من العقاب الملازمة لضمانات عدم تكرار الانتهاكات الجسيمة التي لم تسن بعد رغم التزام الدولة في شخص مؤسساتها.