قال الأمير هشام العلوي، إن الثورة التونسية كانت مثالا على انتقال ديمقراطي سلمي في العالم العربي، إذ لم يتم تسجيل عمليات انتقام ومحاكمة بل كان الهدف هو “التطلع إلى مزيد من الحرية والكرامة”.
وأكد الناشط السياسي الدولي، في مداخلة له أمس السبت عبر تطبيق زووم، على أن “الثورة المضادة” خلقت قوى سياسية عمدت إلى تعطيل الانتفاضات. كما أضيف عنصر آخر إلى تعطيل الربيع العربي وهو موقف بعض القوى الغربية وعلى رأسها فرنسا في البدء. وعلى الرغم من وعي الغرب بأن الربيع العربي ليس انتفاضات معزولة فقد تخوف من وصول الإسلاميين الى الحكم وليس ضد الديمقراطية، وتوجس من خسارة الكثير إذا وقعت قطيعة كما حدث مع الثورة الإيرانية سنة 1979. وقد غذى الاستشراق القائل بعدم تقبل المسلمين للديمقراطية دورا في هذا الشأن. واستغلت قوى عربية هذا التطور لتشن الثورة المضادة بقيادة الرياض وأبوظبي، على حد تعبيره.
وكانت السلطات التونسية، قد منعت الأمير هشام العلوي من دخول البلاد، أول أمس الخميس ، للمشاركة في ندوة من تنظيم لوموند دبلوماتيك حول “المغرب العربي في زمن الشعوبية”، مشددا على أن أخطر ما يعيشه العالم العربي هو ظهور “شعبويين بدون شعب ويصبحون سلاطين”.
وأوضح المحاضر قائلا: أن “ طبوغرافية سياسية إقليمية جديدة تبلورت بسبب الصورة المضادة، تتمظهر في ثلاثة مظاهر. أولاً، سعت الحملة المعادية للربيع العربي إلى فصل فلسطين عن السياسة الإقليمية، وبالتالي التمهيد لما سيصبح لاحقا بالتطبيع مع إسرائيل الذي تجسده اليوم اتفاقيات أبراهام”، ثم “ثانيا، ربطت الثورة المضادة الإسلام السني، الذي جسدته جماعة الإخوان المسلمين، بالتهديد الوهمي المتمثل في التوسع الشيعي. لذلك أدخلت عنصراً طائفيا في الخطاب الإقليمي. وأخيرا، نشرت الموجة المضادة للثورة أشكالًا جديدة من المراقبة العابرة للحدود الوطنية بالتجسس الرقمي في جميع أنحاء المنطقة، في محاولة لترهيب وإسكات جميع أشكال المعارضة”.
وأضاف هشام، أن “تونس شكلت لاحقا حالة خاصة بعد نجاح الثورة المضادة في ضرب ثورة الياسمين”. مبرزا في ذات السياق، أنه “رأينا الثورة المضادة تظهر هنا في تونس، في صيغة شعبوية أدت إلى تراجع الديمقراطية. هذا يمثل تحديا خطيرا، سواء من حيث نوعية التهديد الشعبوي أو صحة ومسار الديمقراطية التونسية. كان هذا هو البلد الوحيد في العالم العربي الذي شهد انفراجا ديمقراطيا خلال الربيع العربي. غير أنه بدأ يسجل تراجعا بسبب الاستياء الشعبي من ممارسات غير مناسبة للحكومات المنتخبة المتعاقبة على مدى العقد الماضي، وهو استياء بلغ ذروته الآن بصعود الحكومة الحالية. أعطت هذه الإحباطات تفويضا مفتوحا للشخصيات السياسية التي تتبنى الشعبوية”.
وأشار ذات المتحدث إلى “خطر الشعبوية التي تواجه تونس والدول الأخرى اليوم مختلفا. الشعبوية هي أيديولوجية تمجد نوعا معينا من السلطة. إنها عمودية البناء متجسدة في شخصية معينة، فهي تتمحور حول القادة الكاريزماتيين الذين يدعون أنهم يجسدون إرادة الجماهير. شعبوية تركز على النخبة وتغازل المجتمع بوعود استعادة أمجاد الماضي”.
واستنتج قائلا، أن “تاريخيا، الشعبوية تأخذ مسارها. وفي نهاية المطاف، ينتهي بنا الأمر بوجود شعبويين بدون الشعب. وهنا يكمن الخطر. إذا حاول الحكام المستبدون الاستمرار في السلطة على الرغم من فقدان الدعم الشعبي، فإنهم يصبحون سلاطين”.
وحول مستقبل الديمقراطية في العالم، أكد الأمير هشام أن ” هناك عاملاً آخر أكثر أهمية يحدد مستقبل الديمقراطية العربية. هذا العامل هو تونس وتطورها السياسي المستمر. اللحظة الحالية فرصة تاريخية. في السابق، لم تكن تونس تعتبر دولة قوية من شأنها أن تؤثر على التوازن بين معظم الدول العربية الأخرى. كان عدد سكانها واقتصادها صغيرين، وكانت دبلوماسيتها تميل إلى دعم الإجماع العربي. لكن تونس الآن هي في طليعة العالم العربي ويمكنها أن تجعل الكفة تميل إلى الديمقراطية على وجه التحديد لأنها في قلب المعركة ضد ما هو استبدادي”.