(كش بريس/خاص) ـ اختتمت أمس الثلاثاء بعرصة مولاي عبد السلام بمراكش، الملتقى الوطني 11 لزهرية مراكش (موسم تقطير ماء الزهر)، والمنظمة من قبل جمعية منية بالمدينة الحمراء ما بين 11 و21 مارس الجاري 2023، حيث تم تنشيط الفضاء الإيكولوجي المبهر، على إيقاعات شعبية فاتنة حملت أرياح بهجة البهوج الدقة المراكشية برئاسة الملعلم عبد الرحيم بانا.
وينظم هذا الملتقى السنوي الهام، بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل والمجلس الجماعي لمدينة مراش ومجلس جهة مراكش آسفي، ببرنامج حافل ومتنوع تضمن عروضا واقعية في طرق تقطير الزهر وتقاليده، وتوقيع كتب في المجال، ولقاءات تاريخية ثقافية، وبرامج موسيقية ثرة ..إلخ.
وكانت جمعية منية مراكش، قد اقترحت تسجيل “زهرية مراكش”، مراسم تقطير ماء الزهر في قائمة التراث الثقافي الوطني المغربي في شهر يوليوز 2022 ولدى منظمة الإسيسكو كتراث ثقافي للعالم الإسلامي.
وحول أهمية هذه المبادرة يقول الأستاذ جعفر الكنسوسي رئيس الجمعية، “زهرية مراكش: موسم الزهر بمراكش وهذه الحاضرة هي العاصمة الكبرى لتقطير ماء الزهر بالمغرب الكبير. تقطار الزهر عبارة عن مجموع مراسم تقطير ماء الزهر اقتبالا لفصل الربيع في الأوساط الأسرية لأهل مراكش. وهي طقوس حضارية رائقة نسوية بالأصالة قديمة العهد ضاربة في التاريخ الحضري للمدينة. تتعاهدها الأم ربة البيت وتلقنها لبنتها بعدما أخذتها عن الجدة. تُقبل نساء مراكش على عملية التقطير سواء في المنازل أو في التعاونيات أو بمبادرة من الجمعيات التراثية أو في الهيئات الثقافية المتحفية أو ذات الصلة بالصناعات الثقافية، إبانَ ظهور زهر النارنج في شهر مارس على الأشجار. وقد يدوم حضور الزهر في المدينة لمدة أربعة أسابيع تقريبا أو يزيد ويظهر في أًوجه مع حلول فصل الربيع يوم 21 مارس”.
وحول المواد الصانعة يضيف الخبير في التراث وصيانته الأستاذ الكنسوسي “يقتنى زهر الزنبوع (النارنج) عادة من سوق العطارين بعد أن يقطفه الغراسون من البساتين. تحمل ربات البيوت في الأسر المراكشية على وجه الخصوص هذا العنصر التراثي وتتعاهدنه ويتجلى دورهن الرئيس في صون هذا الموروث الحضاري ونقله عبر الأجيال. تقطار الزهر يقتضي إلماما كبيرا بفن العيش المغربي ونقل المهارات المتوارثة”.
ويبرز الكنسوسي بالإضافة إلى ذلك، “يهتم اليوم بهذا العنصر إضافة إلى الوسط النسوي الذي تعاهده وحافظ عليه لمدة قرون أوساط طارئة حديثة من جامعيين وخبراء وباحثين وصيادلة وعطوريين وحبائقيين وتجار. وقامت جمعية منية مراكش بتوسيع دائرة المهتمين به ولفت انتباه السلطات الرسمية بابتكار هندسة ثقافية مجددة أدرجت فيها العنصر العلمي والحرفي والأدبي والموسيقي والشعبي وقد عملت منذ أكثر من عقد من الزمن على ترسيم زهرية مراكش كتراث حي ليصبح موسما سنويا قارًا تحتفل به المدينة ويضمن لها مقامة ثقافية جديدة تسهم في إشعاعها الحضاري والاقتصادي”.
ويتابع بالقول “مراسم التقطير مناسبة حضارية إنسانية تتوفر على قدرات هائلة لإعادة إنتاج اللحمة الاجتماعية بين الناس داخل الأسر وفي المجتمع وبين أهل المدينة وتعزز الشعور بالإنتماء القومي.
تُخرج المراكشيات قطاراتهن والقطارة (الإنبيق) هي آنية التقطير من رفوف بيت الخزين كل فصل ربيع وتستعد لبعث سويعات جميلة وقت التقطير وجمع الشمل وبث البهجة والغبطة والسرور في نفوس الأسرة الصغيرة والكبيرة. زهرية مراكش تحافظ على ذاكرة ثقافية عريقة السؤدد وقديمة جدا قطعت العصور، تصلنا بجماليتها ورونقها ومزاياها الروحية والاجتماعية والصحية والاقتصادية بكل ما هو جميل ويستأهل عناية قصوى ورعاية مرغوب فيها ومطلوبة ومحمودة”.