20 مارس 2003
في مثل هذا اليوم من سنة 2003، اتخذ الغرب بقيادة واشنطن قرار غزو العراق بعد حصار دام 14 سنة، شاركت فيه بعض الدول التي تدعى عربية وإسلامية، بل وساهموا في قتل مليون عراقي جوعا ومرضا ووسط أبواق من الدعاية والأكاذيب، وتم تدمير العراق وقتل جنوده وتدمير بنياته التحتية وحل جيشه وإنشاء سجون للتعذيب وقلع العيون وقطع الأعضاء بمساعدة الكلاب، ووسط حملة مسعورة تم إعدام مناضليه، وعلى رأسهم الشهيد صدام حسين. وقد صمت الكل، لا محكمة جنائية ولا دول منافقة، فضلا عن الخوف الذي ثم نشره في بقاع عديدة من العالم، وانتهى الأمر بإزالة العراق من الخريطة الدولية والسياسية ونشر الفساد والمخدرات والأمية فيه، وقد تذكرنا أن نفس الحملة عرفها العراق في 1256، عندما هاجم المغول بغداد وتحول نهري دجلة والفرات إلى اللون الأحمر نتيجة المذابح التي قام بها المغول القدامى ، أما المغول الجدد فقد سحقوا جيشا بكامله بالذبابات، وقتلوا الباقي والذي يقترب رقمه من مليون ضحية وشهيد، حتى أن المدافن تجاوزت أرض العراق. وقد عرفت سجون العراق التي أسسها الغرب بقيادة واشنطن أفعال وممارسات وقهر وتعذيب لم يعرفه تاريخ الإنسانية سوى في عهد الملكة إيزابيلا بعد 1492 في اسبانيا /الأندلس، فقصص سجن أبو غريب وما مارسه الأمريكان من تعذيب لا سابق له في العصر الحديث، فالإنسان العراقي –والعربي والعالم ثالثي– أشبه في رأيهم بالحيوان أو الحشرات، فالتعذيب بالنسبة لهؤلاء ضرورة ولا قيمة لهؤلاء المتخلفين في رأي واشنطن.
لكن في الحرب الروسية / الأوكرانية، والتي تحولت إلى حروب بالوكالة ، فقد شاهدنا الإعلام الغربي يبكي على المواطنين الأوكران، فهم ليسوا كالعراقيين كما جاء في الإعلام الغربي، فالعراقيون لا شيء ويستحقون قتلهم، ورأينا المحكمة الجنائية التي لم تتكلم قط تنهض فجأة لتدين الرئيس الروسي وما عرفنا هذا في العراق، لم نراها تتحرك في فلسطين، لم نراها تستنكر في ليبيا، لم نراها تشكوا مما يجري في سوريا. ورأينا منظمات ومؤسسات وأشخاص انبثقوا من الجحيم لإدانة حرب موسكو، ولم يتكلم أحدهم قط عن ماجرى للعراق، وليبيا، وسوريا، وفلسطين، لأننا تخلينا عن القوة وانخرطنا في الحوار مع العدو وتركنا تأسيس البرنامج الصاروخي والقنبلة، إن ما شهدناه في عراق 2003 ليس إلا “بروفة” فالآتي أعظم، والأخطاء تفوت والنتائج تبقى.