كشف المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن أن ظاهرة العنف ضد النساء تصاعدت بشكل كبير، سواء من حيث عدد الحالات المسجلة أو نوعية العنف المرتكب ضد المرأة، مؤكدا على أن استفحال الظاهرة يعود إلى ضعف الحماية القانونية لهن، سواء قبل أو بعد وقوع أفعال عنيفة ضدهن.
وأوضح المجلس في تقريره السنوي الذي تم تقديمه رسميا أول أمس، أن وجود ارتفاع في عدد الشكايات المتعلقة بالعنف ضد النساء، هو مؤشر على انتشار ثقافة التبليغ عن هذا العنف، داعيا إلى وضع تعريف لمفهومي الاغتصاب وهتك العرض بالقانون الجنائي باعتبارهما اعتداءين جنسيين يمسان بالسلامة الجسدية، مسجلا وجود تفاوت بين المحاكم من نفس الدرجة أو من درجات مختلفة في تكييف مجموعة من الأفعال المتشابهة، نتيجة عدم وضوح التعريفات وعدم تجريم مجموعة من الأفعال، ومحدودية إعمال تدابير الحماية، خاصة في قضايا الجنايات.
واشار التقرير نفسه، إلى تسجيل واقع التأثير المتزايد لاستعمال التكنولوجيا الحديثة في تصاعد العنف الرقمي ضد النساء، حيث يقدر عدد النساء ضحايا العنف الرقمي بمختلف أشكاله بحوالي 1.5 مليون امرأة، حيث إن العنف الإلكتروني يشكل 19% من مجموع أشكال العنف ضد النساء، وترتفع هذه المساهمة إلى %34 لدى الفتيات المتراوحة أعمارهن بين 15 و 19 سنة وإلى 28% لدى النساء المتراوحة أعمارهن بين 20 و24 سنة.
كما أعلنت الوثيقة في ذات الصدد، أن المجلس ولجانه الجهوية تلقوا شكايات بلغ مجموعها 152 شكاية، وأكد أن العديد من النساء الناجيات من العنف لا يزلن يفضلن الصمت وعدم التبليغ عن العنف المرتكب سواء في الفضاء العام أو الخاص، تراوحت مواضيع الشكايات التي تلقاها المجلس بين التعرض للعنف الزوجي وإسقاط الحضانة والطرد التعسفي مع التعنيف من طرف المشغل، والتهديد والاعتداءات الجنسية فضلا عن نزاعات معروضة على القضاء.
كما أن عدد الشكايات المتعلقة بالعنف ضد النساء المسجلة لدى مصالح الشرطة سنة 2022، يضيف المجلس، قد بلغت ما مجموعه 75434 شكاية، فيما بلغ عدد الشكايات المتعلقة بالأطفال، بما في ذلك الفتيات، ما مجموعه 10502 من بينها 2967 قضية تتعلق بالعنف الجنسي.
وسجلت النيابات العامة خلال سنة 2022 ما مجموعه 96726 شكاية تتعلق بالعنف ضد النساء تمت معالجتها، حيث تمت المتابعة في 20834 قضية. ومازالت 160306 قيد البحث فيما تم اتخاذ إجراءات أخرى من قبيل الحفظ للتنازل أو الحفظ لأسباب أخرى.
وفي نفس الوقت، سجلت النيابة العامة ما مجموعه 3387 ضحية عنف جنسي ضد الأطفال أنجزت بشأن وضعياتهم محاضر للشرطة القضائية.
ولفت التقرير إلى استمرار العديد من العوائق القانونية والاقتصادية والثقافية التي لازالت تضعف المشاركة الاقتصادية للمرأة وتشكل كوابح لجهود تمكين النساء والفتيات، وهو ما يحرم المسار التنموي للبلاد من أكثر من نصف رأسمالها البشري، وقد رصد تراجع الدور الاقتصادي للمرأة في سياق ما بعد الجائحة كما يتضح ذلك من ارتفاع نسبة البطالة في صفوف النساء سنة 2022.
وأكد التقرير أن ترسيخ مسار المساواة بين المرأة والرجل يعتبر الأساس المتين لكل جهد يعكس تعزيز فعلية الحقوق للمرأة وتمكينها اقتصاديا وسياسيا.
ورصد المجلس العديد من حالات التمييز ضد النساء وتحجيم حضورهن في الفضاء العام بسبب هشاشة مركزهن القانوني في الفضاء الخاص، معتبرا أن النقاش العمومي حول الإصلاح المرتقب لمدونة الأسرة يشكل فرصة لتمتين الضمانات القانونية لحماية حقوق المرأة.
كما أبرز المجلس أن الجوانب القانونية والمؤسساتية وحدها لا تكفي لتحقيق فعلية حقوق النساء وتحقيق المساواة والقضاء على التمييز ضد النساء، حيث الحاجة ملحة إلى إرساء آليات موازية لتحقيق التوازن داخل مجتمع يحمي نساءه وفتياته من انتهاك حقوقهن ويدعم المساواة ويناهض التمييز والعنف ضدهن، وهي آليات ذات أبعاد اجتماعية وثقافية تأخذ بعين الاعتبار العادات والتقاليد النمطية الضاغطة التي تحدد أدوار كل من الرجل والمرأة.
وانطلاقا من حالات العنف التي شهدتها الجامعات، أكد المجلس على ضرورة وضع إطار العام لتدبير العلاقات الداخلية للمؤسسات الجامعية، وسن مدونة لأخلاقيات مهنة التدريس في الجامعات.
وسجل التقرير بقلق استمرار تفشي ظاهرة تزويج القاصرات حيث عرفت سنة 2022 ما مجموعة 19826 طلبا، منها 763 تهم القاصرين الذكور وتمت الاستجابة ل13066 طلبا.
وأوصى المجلس بأجرأة الهيئة المكافة بالمناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة.