(كش بريس/وكالات) ـ انطلق أول موسم لزراعة القنب الهندي في المغرب، عقب “خطة عمل” تم الإعلان عنها قبل سنة لاستغلال هذه العشبة المخدرة طبيا وصناعيا.
وهذا ما يجعل الأنظار تتجه إلى هذه الخطة لمعرفة مستقبل القطاع، خصوصا أن المزارعين ينتظرون الكثير منها، مقابل تخوف مراقبين من تفاقم ظاهرة زراعة المخدرات.
ففي 3 يونيو 2022 أعلنت المملكة عن “خطة عمل” لاستغلال القنب الهندي طبيا وصناعيا، وبدأ في يوليو من نفس العام سريان قانون لتقنين استعمالاته.
وتعنى الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، “بمهمة تنفيذ استراتيجية الدولة في مجال زراعة القنب الهندي، وإنتاجه وتصنيعه وتحويله وتسويقه وتصديره واستيراد منتجاته لأغراض طبية وصيدلية وصناعية”.
انطلاق الموسم
انطلق أول موسم لزراعة القنب الهندي بداية مايو الجاري، عقب دخول قانون تقنينه حيز التنفيذ.
وبعد استيرادها من سويسرا، وزعت السلطات بذور القنب الهندي على المزارعين والتعاونيات (تجمع يضم على الأقل 3 فلاحين) في عدد من المناطق، خصوصا في أقاليم الحسيمة وشفشاون وتاونات (شمال)، حيث شملت العملية نحو 170 مزارعا، على أن يرفع هذا العدد خلال الموسم الفلاحي المقبل.
وقال المدير العام لوكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال (حكومية)، منير البيوسفي، إن “الوكالة تواكب تنزيل برنامج تقنين القنب الهندي، حيث تعمل على اعتماد برنامج اجتماعي واقتصادي للسنوات المقبلة”.
وذكر البيوسفي، في حديث لوكالة الأنباء المغربية الرسمية، أن “هذا البرنامج يوجد حاليا قيد المصادقة”.
وأوضح أن “البرنامج ينقسم إلى خمسة محاور كبرى، تتمثل في: البيئة، والبنيات التحتية وفك العزلة، والاندماج الاقتصادي للجماعات المحلية، والخدمات الاجتماعية (الصحة والتعليم والأنشطة السوسيو-تربوية)، والحكامة”.
البيوسفي أشار إلى أن هذا البرنامج “من المنتظر أن يشمل المناطق التي يجوز فيها الترخيص بممارسة أنشطة زراعة وإنتاج القنب الهندي واستغلاله”.
وأوضح أن هذه المناطق تضم كمرحلة أولى، مجموعة من المناطق بشفشاون والحسيمة وتاونات، مع إمكانية أن يشمل البرنامج، في مرحلة ثانية، أقاليم أخرى.
واعتبر المسؤول المغربي أن “برنامج تقنين زراعة القنب الهندي لأغراض طبية وصناعية وتجميلية، يكتسي أهمية اقتصادية كبيرة”.
وأشار إلى أن الأرقام المتوفرة حاليا تفيد بأن سوق المنتجات المصنعة من القنب الهندي على الصعيد الدولي تعرف نموا بنحو 30 بالمئة، بينما يرتفع الرقم إلى 60 بالمئة في السوق الأوروبية.
وتابع أنه “بحكم الجوار، يسمح هذا القرب للمغرب بالانفتاح على مجال اقتصادي واعد، وضمان موطئ قدم في السوق الدولية”.
مدير وكالة تنمية أقاليم الشمال، اعتبر أن تقنين زراعة القنب الهندي “سيمكن من تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمناطق المعنية، فضلا عن رفع المستوى الاجتماعي للفئات المعنية بهذه الزراعة”.
وأردف: “تشير الدراسات الميدانية المنجزة ومعطيات التجارب العالمية إلى أن دخل الفلاح سيتضاعف 3 مرات، حيث سيرتفع عائده من 4 بالمئة حاليا إلى أكثر من 12 بالمئة من سعر بيع المنتوج النهائي المصنع في السوق بعد التقنين”.
كما لفت إلى أن “تقنين هذه الزراعة سيساهم في الاستقرار الاجتماعي وضمان العيش الكريم واستقطاب استثمارات كبيرة لشركات متخصصة في الصناعات التحويلية لنبات القنب الهندي، ما سيوفر فرص الشغل لأبناء المنطقة”، على حد زعمه.
ويرى أن “للتقنين مزايا اقتصادية عديدة ستمكن من خلق رواج تجاري واقتصادي بالمناطق المعنية”.
وفي هذا السياق، قال إن “البلديات المتواجدة بهذه المناطق ستتمكن من زيادة مواردها المالية بفضل الانتعاش الاقتصادي المرتقب، وبالتالي تمكينها من إطلاق مشاريع خدماتية لفائدة السكان”.
ارتفاع مؤشر المخدرات
يحذر رافضون لقانون تقنين زراعة القنب الهندي، من تأثيره على زيادة مساحات زراعة المخدرات وتفاقم ظاهرة الإتجار فيها داخل المملكة.
ومرد هذا التخوف إلى عدد الجرائم المرتبطة بالمخدرات وفق إحصاءات رسمية، ومخاطر التهريب ومختلف المآسي التي تخلفها المخدرات.
وسجل التقرير السنوي للأمن، ارتفاع مؤشر قضايا المخدرات والمؤثرات العقلية بـ8 بالمئة خلال 2022، بسبب تكثيف وتنسيق التدخلات الميدانية المشتركة بين الشرطة القضائية ومصالح مراقبة التراب الوطني.
إذ تمت معالجة 92 ألف و713 قضية، وتوقيف 120 ألف و725 شخصا، بينهم 241 أجنبيا، بينما حجزت المصالح الأمنية 98 طنا و543 كيلوغراما من مخدر الحشيش.
ويعتبر الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، من أبرز الشخصيات المعارضة لتقنين زراعة القنب الهندي، وعلق في مارس 2021، عضويته في الحزب، الذي كان يقوده حينها رئيس الوزراء سعد الدين العثماني، بعد مصادقة البرلمان على قانون إجازة القنب الهندي.
أول معمل
خلال مارس الماضي، أعلنت تعاونية بيوكنات (غير حكومية)، البدء بتدشين أول معمل لتحويل القنب الهندي واستخراج مواد لاستعمالها في الصناعات الغذائية والطبية.
وأشارت التعاونية إلى أن هذه الوحدة الإنتاجية توجد بمنطقة باب برد في شفشاون، وتعتبر أول وحدة محلية قيد الإنجاز لاستغلال القنب الهندي لأغراض الغذاء والصناعات الدوائية.
وأعلنت شراكتها مع أعضائها وشركائها العموميين والخواص، ببناء أول وحدة إنتاجية لتحويل القنب الهندي واستخراج مواد الكنابيديول والكنابجغول والكنابينول ومواد أخرى.
وبحسب البيان، فإن “هذه المواد تدخل في العديد من الصناعات الغذائية والصناعية والطبية وشبه الطبية، نظرا لمزاياها العديدة المثبتة علميا في تخفيف الآلام والمساعدة في علاج العديد من الحالات المرضية”.
وفي نوفمبر 2022 قالت وزارة الداخلية إن جهودها لمكافحة الزراعة غير المشروعة لمخدر القنب الهندي، أدت إلى تقليص المساحات المزروعة به بنحو 80 بالمئة.
(الأناضول)