خمسة عشر سنة… سنوات الخسارة والضياع وتبذير أموال الشعب!!!….
يكتبها : محمد الطنجاوي ـ
1 – قلق خلف الأبواب….عقلية الزبونية غاضبة… !!!
– لم يكن وقع الحلقتين السابقتين خفيف التأثير على من يهمهم أمر محتواهما داخل السلاليم الفوقية لطوابق القرار بالبناية التي يقيم فيها رئيس القطب العمومي بداخل زنقة دار البريهي، وكذا بأبراج الإدارة العامة بالقناة الثانية…
وربما هناك مايفسر هذا القلق حسب بعض من أهل القطاع السمعي البصري، بحيث أن ما ورد من معطيات من داخل المؤسستين كان يحمل كثيرا من الصدق والدقة، فلا هو بكلام يسير نحو المس بالأشخاص وتصفية الحساب مجانا، ولا هو بخطاب يرمي إلى الفضائحية دون حجج تحترم أخلاقيات التحري الصحفي الذي لايضع نفسه في موقع سلطة الإتهام…
لكن إذا كان هذا رأي أهل الحظ والربح والقرب فإن الغالبية المهنية المهدورة الحقوق والكرامة، أولئك المعنيون بتلك الحقائق فقد كان لهم رأي آخر…
– فحسب الروايات المتواثرة من ” خلف الأبواب ” behind the doors كما يصطلح على ذلك إعلاميو مؤسسة البي بيسي البريطانية، علمنا أن أوامرا غير معلنة رسميا نبهت بعض المسؤولين إلى التزام الحذر والحيطة، حتى لاتتسرب المعطيات الحساسة ومايجري حولها من اتفاقات وصفقات…
– لكن رياح البحر الهادئ تجري أحيانا كثيرة بما لا تشتهيه السفن!!! فما أن اعتقدوا أن الريح ليست عاتية وأن لاشئ يدعو للتخوف والشك، حتى انفجرت من جديد قضايا التدبير السئ لماليات القناة الثانية وأزماتها المتوالية، كما هو نفس الحال بالنسبة لباقي مكونات الإعلام العمومي السمعي البصري…
– لقد تابع الرأي العام المهني في الشهور الأخيرة توالي سلسلة من الملفات على شكل أخبار متواصلة تشبه في تواثرها وتكرارها سلسلة من ” السلاسل الرمضانية ” المرهقة للعقل والروح ، سلسلة يتحدث عنوانها الرئيسي عن ماأسماه أحد الزملاء الموثوقين في الميدان التلفزيوني ب ” تاريخ الخسارات المالية الكبرى” لقناةعمومية رائدة” !!! خسارات وبالجملة تخفي من وراءها مسؤوليات مركبة يتداخل فيها الأخلاقي بالسياسي والقانوني والمالي التدبيري… خسارات اصبح العادي والرائح يتكلم عنها ويتكلم عن أسماء منعوثة بالتورط فيها وبالتفصيلات المملة، لدرجة أن المرء وهو يصغي السمع لهاته الحكايات لابد أن يتبادر إلى ذهنه ذلك السؤال البديهي الذي يقول وبسذاجة مفرطة: هل كل هذه الروايات صحيحة؟ أليس في الأمر لعبة حسابات وحملات مبيتة ولها أهذاف الإساءة المبرمجة؟؟
– عن هذه التساؤلات المشروعة يوضح لنا مطلع على مدونات الأحوال الصحية المالية من موقع الوزارة الوصية على القطاع الإعلامي العمومي ” بأن مايروج في الفضاء العام عن كوارث مايسمى ظلما بالقطب العمومي بصحيحه وبأغلاطه أيضا له مايبرره، وليس في ذلك أدنى عجب، فالعقلية المغلقة التي تستحكم في تسيير هاته المؤسسات (بمافيها دوزيم ) هي عقلية سرية وزبونية تكره الوضوح والشفافية، وتلغي من حساباتها أدنى رغبة في التسيير المشترك ومع أي طرف كان !! سواء كان مؤسساتيا أو اجتماعيا أو مدنيا يدعو للتعاون وتقديم التوصيات والخبرة !! وهذا مايخلق مناخا تنتعش فيه التوثرات والأزمات ومسلكيات الإقصاء، وأيضا تسمو فيه انتهازيات فردية يغنيها ويسمنها أولئك الذين يحظون برعاية هذا النظام المغلق وأصحاب النعمة عليهم وبطرق غاية في الإلتواء والتحايل على الفرص… وحتى تتضح لكم الأمور يكفيكم أن تعودوا إلى عشرات الصفحات التفصيلية والواضحة للمجلس الأعلى للحسابات خصوصا في الولايات التي ترأسها رجل القصر” الرزين ” إدريس جطو، وكذا على طول المساحات المتعددة الموضوعات للصحافة الوطنية بجل أجناسها وانتماءاتها منذ أن تسلم الرئيس المدير العام فيصل لعرايشي في لقاء إفران الشهير سنة 2006 مفاتيح الوصية ” الملكية ” على قطاع الإعلام والإتصال العمومي وتكليفه بتنفيذ التوجيهات العليا… التي نصت صراحة ودون غموض على ضرورة ” إطلاق مسلسل إعادة الهيكلة المؤسساتية والتنظيمية للقطاع (دمج بين الشركتين صورياد دوزيم والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون ) والذي يستهذف عمليا تحويله إلى قطب سمعي بصري عمومي، بما يعني أولا وأخيرا إنشاء شركة قابضة holding مكلفة بالقطب كوحدات متظمة حسب منطق المهن ومنطق العمل الإستراتيجي الوطني البعيد النظر ( تلفزة، إذاعة، بث تلفزي، إنتاج، برمجة، إشهار، أرشيف، تسويق…إلخ ) ، هذا إضافة إلى إحداث ” مراقبة مديرية موحدة ” من شأنها توفير أنجع السبل لنجاح هذه الهيكلة عبر مراحل متدرجة… وبالطبع كان على هذه الشركة، لو رأت النور وتم إعلان ميلادها شرعا وقانونا، أن تقوم بمهمة التنسيق بين مكونات القطب العمومي الوطني وعقلنة تسييرها وتنظيمها، والحرص على التطبيق المنسجم لاستراتيجياتها…
– فماالذي حدث؟ ولماذا لم يتم تنفيذ هذه التوجيهات التي أصبحت التزامات رسمية سياسيا وقانونيا من أعلى هرم السلطة؟ ومن المسؤول عن هذا التنصل الإرادي من هذه الإلتزامات ؟ وهل يعني هذا أن شعارات المراقبة والمحاسبة لازالت لم تجد لنفسها تربة ملائمة كي تنبث وتتوسع في مداها وتكبر كي تعيد الصواب إلى ديار السياسات العمومية…
– وللأسف تكشف جل استطلاعاتنا التي أنجزناها على مراحل متفرقة أن تلك هي قناعة أغلب مكونات الحقل الصحفي والإعلامي والتواصلي داخل ساحات المؤسسات العمومية وخارجها أيضا…وفي هذا الباب يذكرنا أحد الزملاء النقابيين الذين كتبوا وحققوا وتابعوا تطورات القناة الثانية، وعن قرب من أهلها، بالسيل العارم من المقالات التحليلية والخبرية التي تجمعت لديه منذ الخطوات الأولى للعهد الجديد إلى اليوم!!! فالعناوين دالة ، حسب قراءاته الدائمة لهذا الركام الكمي والنوعي، والعبارات صريحة كلها تتحدث عن : خسارات كبرى مالية وعن هدر سياسي ومؤسساتي لفرص البناء والإصلاح، هذا في الذي سار فيه اغتناء العديد من الأطر المدبرة مظاهر مألوفة وعادية، ويكفي المتتبع جهدا أن يقف أمام مداخل ألأبواب الرسمية لبنايات قنواتنا العمومية ليرى بأم ويحصي كم ونوع أسطول سيارات هؤلاء المدبرين الجدد الذين يكلفون ميزانية مؤسساتهم الأرقامالثقيلة!! هذا دون الحديث عن تكاليف لامهنية ولامنتجة ولاتدخل في صميم العمل المهني كالسفريات إلى أرض الله الواسعة وكأنهم ليسوا بإعلاميين وصحفيين بل قد ينتابك شعور الإستغراب حينما تكتشف عدد رحلاتهم على طول أكثر من عشرين سنة، ونوعيات موضوعاتها
وعدم انعكاسها الخبراتي والمعلوماتي على مؤسساتهم بشكل مباشر أو غير مباشر…
مع العلم أنهم ، من جهة أخرى، لايتوقفون يوميا عن مطالبة الأجراء والأطر العاملة بالتقليص الظالم في ميزانيات التسيير اليومي، وميزانيات التحديث التقني المتسارعة التطور في قطاع عالمي لايرحم، أما مايتعلق بنظام استقطاب الكفاءات والتوظيف بشكل عام فلقد نظمت إدارة هذه المرحلة
هجوما منظما منذ 2008 بقيادة رئيس القطب كانت بدايته الإيقاف الكلي لأي عملية توظيف كما أبقت على سياسة مترافقة معها عبر فتح الأبواب لرحيل الأطر المتعددة للقناة الثانية وبأفواج نوعية من مختلف المهن جلها سئمت التهميش والإحتقار وتكميم الأفواه والطموحات وانسداد الآفاق ،و لقد بدا جليا مع المسافة الزمنية أن القصد من وراء هذه المنهجية هو إفراغ مؤسسات القطاع من مادته الرمادية حتى يستقيم الطريق لتركيع المختلفين والمعارضين لماكان يخطط له في الخفاء الرئيس وخدامه وزبناؤه ” الخارجيون ” كما كان يحلو له أن يسميهم بغموض داخل الإجتماعات المهنية…
– والغريب في الأمر أن هذه” الطبقة المحظوظة “ مثل أغنياء الحروب القديمة، تستفيد في رفاهية السلم وتكبر منافعها أكبر وأكبر حين تقرع طبول الحروب، إنهم لايعرفون الأزمة والضيق كما باقي الأجراء الذين يشتغلون ليلا ونهارا، وحين توجه لهم الأصابع لتطالبهم بالتنازل والتضامن فإنهم يعلنون الحداد ويتساءلون باستنكار لماذا يتم إقصاؤهم من قرار زيادة عام نحيل في أجور الطبقة السفلى التي يكون عليها أن تنتظر أكثر من خمس سنوات على الأقل لتحصل على مثل هذا المكسب اليتيم…
– هذه الأقلية المحظوظة هي من يخبرك ” سكان ” القناة أنها كانت الأداة التطبيقية الفعالة التي سارعت لمساعدة الرئيس على تطبيق مخططه غير العادل وغير الدستوري في ” التوظيف بالعقدة المفروضة ” عبر جلب كفاءات شابة تكبلها بعقد تشبه ” مقصلة ” الإلغاء الذي يهدد رأس المتهم !! ووسط هذا التسارع المنفعي اجتهد أفراد هذه الجماعات المعروفة بولائها له لتطوير آلية الضبط والتحكم في قوى العمل والإنتاج حتى يفرغ لهم المجال لمضاعفة الإمتيازات المنزلة والمحمية بجدارات الصمت والخوف من مقصلة الإلغاء والإستغناء…
– وبالطبع كانت النتيجة التي لاتشرف القناة وماضيها المحترم ، نتيجة ستظهر فيها صورة شركة صورياد للدراسات والإنجازات السمعية البصرية ( وهو إسم مملوء بالمعنى الفكري والخبراتي ) رغما عنها وضدا عليها كمزرعة للإستغلال البشري بعيدا عن شرف أخلاقيات المهنة السمعية البصرية كمهنة ثقافية وتعبوية من الحرية والديمقراطية الإنسانية…
– وهذا الوضع بكل انكساراته وخساراته المتتالية هو ما أعاد من جديد ذلك السؤال، الذي حاول الرئيس وجل المتحلقين حوله، الهروب منه بل وتهريبه من ساحة النقاش العمومي بالضغط والغواية المصالحية الصغيرة أو الكبيرة، وهو السؤال الذي يتعلق بمعرفة الأهذاف التي يمكن أن تكون من وراء هذا المسلسل التفكيكي لمؤسسات الإعلام العمومي الذي خطط له ضدا على مضمون التوجيهات التي كلفه بها الملك في لقاء إفران سنة 2006،والتي كان منطوقها الرئيسي والمباشر يقول بلغة واضحة وجازمة : أيها السيد لعرايشي عليك مسؤولية إنشاء القطب العمومي التعددي والمتكامل بين الشركتين الوطنيتين صورياد دوزيم والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون!! فلا مجال للتسويف والتعثر والتجرجير الذي وصل مدى عمره 18 سنة!!! ؟؟…
– في الجواب على هذا السؤال المحير للعقل، يقترح بعض المتخصصين ، في متابعة مايسميه زملاء بظاهرة الشخص الذي يتحول إلى عائق في وجه التدبير المؤسساتي للدولة، مقاربة تقوم على رصد العوامل التالية:
– تضخم الذات واحتواءها للمؤسسة وكل مواردها
– إضعاف رابطة القانون بين الجميع للتمكن من كل أدوات التسيير المشروعة وغير المشروعة لفرض الأمر الواقع….
– إلغاء التراكمات السابقة وفتح باب العداء مع المتشبتين بها والعمل على تطويرها، مع إقالة المسؤولين السابقين إلا من أعلنوا استعدادهم للإلتحاق بالجدد وتقديم المعلومات والمعطيات لبناء الخطط الجديدة..
– إنتقاء أعضاء الفريق الجديد على أساس الولاء وليس الكفاءة من ذوي لطموحات الشخصية واعتبار العمل المؤسساتي مصالح وصفقات وليس مبادئ وأخلاق وبرامج…
– إن هذه الصفات والميزات لقيادة مرحلة إنجاز الإصلاحات قد تفسر لنا جانبا مهما بالتأكيد في فلسفة إدارة أوراش الإصلاح الإعلامي ويتعلق أمره بالكيفيات التدبيرية الشخصية الغير عقلانية واللاديمقراطية للرئيس و التي تجعله من الناحية المبدئية والإجرائية ضد أي شئ إسمه الإصلاح، المقاربة التشاركية، الإيمان بالطاقات الخلاقة للعاملين تحت مسؤولياته،النزاهة في حماية النموذج الإقتصادي لمؤسساته إلخ،،، لكن كل هذه التفسيرات لاتجيبنا على محاولة فهم هذا النجاح في بقائه مسيطرا على بعض من أكبر المؤسسات العمومية ذات الطابع الإستراتيجي لمدة تصل إلى 24 سنة منذ تسلم الملك الجديد مسؤولية العرش بعد وفاة الراحل الحسن الثاني؟؟…
– عن هذا الأمر تعبر نسبة غير قليلة ممن وجهنا إليهم هذا السؤال، من داخل مطعم القناة الثانية، عن نقدها لإدارة السيد سليم كمدير عام تم تعيينه من طرف الرئاسة ( بشكل غير واضح يضع حدا لتقليد التعيين الملكي ) لكونه لم يبذل جهدا ملحوظا وكافيا للخروج من عباءة رئاسة بدون تصور مرحلي يفتح الهامش لتأكيد قدرات المدير الجديد الذي كان عليه، وبناء دائما على منطوق التوجيهات الملكية في لقاء إفران، أن يدافع على حقه وحق صورياد دوزيم في الحفاظ على شخصيتها وخصوصيتها ضمن البناء التوحيدي للقطب بمكونيه ودون تفريط في تنوعهما…لقد قدم سليم الشيخ، الذي يحظى بتقدير المهنيين سلوكيا بداخل القناة، جزءا كبيرا من التنازلات لدعاة الذوبان بجناحيهما السياسي والإقتصادي دون أن يستخرج من تجربته، وفي الكثير من مناسبات الإنفتاح الدولتي، عناصر الدعم الإيجابي لرسم خريطة التحرر من قيود جهاز يحمل إسما موجود على الورق ولكنه منعدم في الواقع أي القطب المتجمد برودة في بلاد الشمس الجميلة….فهل يئس الرجل ولم ير في الأفق أضواء تساعده على بلورة مشروع جديد يحمي الروح الحيوية التأسيسية للقناة ويضع اللبنات التجديدية المطلوبة في المرحلة التاريخية الراهنة؟؟ وكيفما كان الجواب عن سؤال المسؤوليات فإن أنضج التحاليل وأكثرها اعتدالا تقول بأن فريق العمل، الذي اشتغل سياسيا ومهنيا على مشروع الإصلاح الإعلامي وإعادة هيكلة قطاع الإعلام السمعي البصري العمومي بشراكة مع الهاكا في صيغتهاالأولى، كان واضحا له أن المحرك الأجدر الذي سيكون عليه جر كل مكونات هذا القطار هو محرك القناة الثانية لأنها كانت( ولازالت ) هي المؤهلة حرفيا وشعبيا( نسب المشاهدة العالية الأرقام ) لإنجاح هذه المهمة وإلى الآن رغم الضربات الموجعة لأعداء الإصلاح والديمقراطية المهنية، والتي خلفت خسارات مريعة خسر معها المغرب كله فرصة نجاح هذا الورش…
……………
2- مهام الإنقاذ … أو في انتظار غودو المغربي
يحدث كثيرا للإيرلنديين، الشعب الذي لاييأس، أن يعيدوا دون ملل ولسنوات قراءة أشهر مسرحية في القرن العشرين والتي ألفها إبن جلدتهم الروائي الكبير ” صموئيل بيكيت ” رغم أنه كتبها في الأصل بلغة فرنسية ليست لغتهم الأم…والمسرحية المذكورة تحمل عنوانا بليغا واكتسب شعبية أكثر بكثير من نص المسرحية بنفسها …بحيث سيتجول العالم بأركانه الأربعة، بحيث أنه في كل مكان وفي أية لغة قد يحصل لأي منا أن يسمع الجملة المهدئة : في انتظار غودو!! en attendant godot !!! أو بالإنجليزية waiting for godot !!! وليس غريبا أن أي زائر لأركان القاعدة الإعلامية دوزيم ستصطدم أذانه باسم هذه المسرحية حتى دون أن يكون المستعمل لمضمونها قد قرأتها عيونه وفهم ذهنه حكايتها وتعرف فضوله على أشخاصها..!! ففي نهاية كل اتصال وحوار يجمعك بمهنييي الداخل الدوزيمي ستسمع لامحالة جملة تقول ” إننا ننتظر غودو…لعله يأتي!!!…وحين تسأل عمن يكون هذا ” الغودو المغربي ” ؟ يجيبونك قد يكون من هؤلاء الذين يسيرون القناة الآن، وقد يكون من خارجهم، لكن المهم والمطلوب استعجالا هو إنقاذ هذه ” الجوهرة الحزينة التي تنتظر عنقا شجاعا يحملها. ” يقطع مع خسارات مرحلة تدبيرية وسياسية بأكملها…
– أما الزميل النقابي، الذي فضل عدم ذكر إسمه لإعتبارات خاصة، فنبهنا إلى أن الأمر الآن لايتعلق بمسرحية متخيلة بل بمسرحية واقعية نعيشها كل يوم ونهاية كل شهر ومنذ مايقارب الخمسة عشر سنة، فعلى الجميع أن يعرف أن كل الأجراء يشدون أحزمتهم وجيوبهم حذرا وتخوفا في انتظار وصول أجورهم إلى حساباتهم البنكية، وأن على كل المسؤولين ( غير المحظوظين )على الإنتاج ووسائل الإنتاج وعلى الخط التحريري وبرمجاته أن يسلحوا أنفسهم بأطنان من الصبر وحتى اللامبالاة وبرودة القلب والأعصاب لكي يصل الجواب على طلباتهم، في الإستثمار العلمي والتكنولوجي، في التخطيط لحماية الموارد البشرية واستقطاب الكثير منها، التطوير التنظيمي للمديريات والمصالح لمواكبة الحاجات الإعلامية الوطنية والإقليمية والدولية وانعكاساتها على البلاد، وفي كل مرة على العاملين أن يمرنوا أنفسهم على انتظار غودو الذي يبدو أنه لن يأتي أبدا…
– وبالمقابل ماالذي يجب فعله؟ في هذا الباب يقترح الخبراء الدوزيميون ، في خضم الجواب عن هذا السؤال العملي، أخذ الأمور من جوانبها الواضحة والبسيطة، فبحكم تهديدات وتنبيهات جطو بضرورة الإسراع ببناء مؤسسات القطب العمومي لم تصل إلى نهاية سعيدة، ومادام رئيس القطب( وكل من يلف لفه ويأكل على مائدته) يعصون التوجيهات الملكية وقرارات المؤسسات الدستورية، فما علينا إلا الضغط من أجل فصل القناة ماليا وتحريريا وإعطاءها استقلالية التدبير عن توجيهات القطب الفاشلة، وغير الموجودة بالنسبة للرئاسة إلا كغلاف مالي وربح امتيازي يضاف لسلطته اللامحدودة في اتخاذ القرارات دون استشارة لأهلها…
– في النهاية أي نهاية الكلام الطويل عن مسار مؤسسة إعلامية مغربية جريحة جرحا غائرا، يذكرنا نفس المتحدثين بأن دوزيم بإمكانها كقناة الأكثر مشاهدة في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، أن تعيش على مواردها وبحساباتها المالية الخاصة وبإنتاجاتها الداخلية دون هرولة في اتجاه شركات الإنتاج الخارجي المعدة سلفا والتي أصبحت سيطرتها على شاشةالبث يثير التساؤلات الإستراتيجية ، فلقد تم ضرب حصار على القناة 2 منذ 2008 وجفف لعرايشي كل منابع التمويل التي كانت تعطي للقناة قدرة التحرك، فعبر التحكم في المجلس الإداري للقناة كان يعمل على تقزيم الطموح الدوزيمي ماليا وبالتالي إشعاعيا بحيث أن الأرقام العامة تكشف بأنها لم تستفد إلا من 65 م د سنويا منذ 2008، في حين أن ماليته في snrt بلغت مليار و900 مليون درهم، والحال أن كل نسب المتابعة في الشركة الوطنية لاتعطيه ألحق أن يتسلط على كل هذه الثروة لا شكلا ولامضمونا…وعليه يحمل شعب القناة الثانية مسؤولية المدير العام سليم الشيخ في إعلان مواقف شجاعة ليحمي مسؤوليته من بحر هذه الخسارات..!! فالساكت على الكوارث واتخاذ موقف الحياد التقنوقراطي لايعفي أحدا من نصيبه في الحساب القادم… ودون أن يستمر في انتظار أحد ليصعد من مياه، أو لينزل من السماء…