كتب: عبد الرحيم الضاقية
من رحم المكتبة هذه المرة انبثق مؤلف يحتفي بالكتاب والمكتبة وروادها من مختلف الفئات والأعمار ليحكي لنا على لسان بائع للكتب عن علاقة وثيقة بين المكتبة وروادها وقراءاتهم/ن وعلاقتهم بأشياء المعرفة المختلفة. فالعدد الكبير الذي يلج المكتبة يجد نفسه أما عنوان أو رف أو مساق قرائي معين قد لا يفصح في الغالب لأي كان بما يشعر به وهو يطوف بين الأروقة التي ليست كأروقة وأزقة سوق ممتاز بكل تأكيد فالهيبة في حضرة الكتاب هنا حاضرة بكل المقاييس وسؤال الذات والآخر تراود النفس والمكان.
في هذا الجو الساكن/الهادر يطل عليك في مكتبة الألفية ذ. عبد المنعم الهراق لكي يهدئ من روعك ويتيح لك مكانا مريحا كي يجيب عن بعض من هواجسك التي تحملها معك للمكتبة. هنا انبثقت فكرة كتاب “يوميات بائع كتب ما بين 1990 و2023” وهي تجربة فريدة تحكي سيرةُ يوميِّة لكُتُبيّ مغربي على طول أزيد من ثلاثين سنة يوثق فيها أحداثا حقيقية عاشها في مساره المهني المرتبط بعناوين الكتب والإصدارات، والمهتمين بها من القراء الذين من بينهم مثقفون بارزون وشخصيات عمومية. قام الكاتب بالتصريح بأسماء أصحابها الذين “تركوا في دواخله أثرا عميقا”. كما اختار المؤلف، لأسباب مختلفة، كتمان أسماء شخصيات أخرى مرتبطة بعالم الكتاب.
والمؤلف ارتبط ارتباطا عضويا بالكتاب منذ سنة 1990 لمّا بدأ العمل بمكتبة منار العرفان (لصاحبها وجيه فهمي صلاح رحمه الله) إلى غاية سنة 2007، حيث انتقل إلى مكتبة الألفية. وقد عرفت المكتبة المذكورة تطورا كبيرا نظرا لحنكة ومهنية عبد المنعم فتحولت من سوق للكتب الرخيصة ذات البعد التجاري وعبارة عن تخفيضات دائمة إلى مكتبة لا غنى عنها في الشارع الرئيسي لمدينة الرباط وقد أتاح تواجدها في هذا المكان سرعة وسلاسة الولوج سواء لساكنة الرباط او زوارها حيث أن محطة القطار والترامواي توجد على بابها مما يتيح تلك الحركية الحضرية السهلة.
تلك الخصيصة أتاحت زيارة المكتبة من طرف رواد ومثقفين وكتاب يكونون ضمن اهتمامات كاتبنا الذي يخصص لهم/ن لقاءات بسيطة لكنها مليئة بالدفيء مما يسهم في التعريف بهم/ن وبإصداراتهم/ن الجديدة ويرفع عنهم/ن العزلة التي تضع الكتابة المشتغلين/ات بها. ويذكر أن الكتاب صدر ضمن “منشورات الخيام” ويقع في 200 صفحة في مستهل سنة 2024.