(كش بريس/ محمـد مـروان) ـ يتابع سكان أحياء المدينة العتيقة بمراكش، بقلق شديد ظاهرة تطور وتنامي أساليب إجرام مافيا العقار في عمليات النصب والاحتيال من أجل الحصول على عقارات الدور القديمة والرياضات، المتواجدة خاصة داخل دروب التراب التابع إلى نفوذ المقاطعة الحضرية باب دكالة بمراكش، حيث أصبح نشطاء هذا النوع من الإجرام يعتمدون على نسج سيناريوهات مفبركة بطريقة كلها مكر وخداع والضغط على أصحاب العقارات المستهدفة والتهديد بجرهم إلى القضاء، مما صار يمكن بكل سهولة عصابات هذه المافيا الذين من ضمنهم عناصر من أشباه المنعشين العقاريين من إعلان ضحاياهم الخنوع والاستجابة لرغباتهم دون عناء أو شقاء.
وهكذا تنطلق مشاريع إعادة بناء هذه الدور والرياضات بطرق كلها تجاوزات و خروقات مشوهة النسيج العمراني الأصيل، في الوقت الذي لا تستند فيه إلى أي معيار معماري، في غياب تام لمختلف التصاميم والمستندات القانونية والتتبع المستمر من طرف مهندسي ومراقبي البناء التقنيين التابعين لبلدية المدينة، أو إلى قسم التعمير بولاية جهة مراكش آسفي، أو حتى الوكالة الحضرية بالمدينة وكذا غياب العيون التي لا تنام من أعوان السلطة المحلية التي أصيبت للأسف الشديد هي الأخرى بداء ” فتاك ” أعمى عيونها بالمرة عما يحدث بهذا المكان، فصارت الدور تهدم بطرق عشوائية دون مراعاة وتقدير لمصالح سكان منازل الجوار، فتسبب هذا في عدة تصدعات وخسائر مادية عدة تفوق إصلاحاتها الطاقة المادية لساكني المنازل المتضررة، بل تسبب هذا الوضع في أفظع الخسائر التي طالت أيضا الأرواح البشرية، مثلما حدث في السابق بالمنزل رقم 79 بدرب الدردوبة بحي عرصة إهيري باب دكالة مراكش أثناء قيام أشغال إعادة بنائه، حين هوى جدار على صاحب منزل بالجوار أرداه قتيلا في الحين، وللأسف رغم كل هذا استمر الوضع إلى اليوم على نفس الحال دون ناه ولا منته، فارتفعت الأبنية وتعالت إلى “عنان السماء” بعد عقود من الزمن ظلت خلالها لا تتجاوز أبنيتها طابقين فقط بارتفاع كل طابق الذي لايفوق علوه 2,80م، زائد سطح علو سوره لا يتعدى 1,20 م، حفاظا على التصميم العام التاريخي لمدينة مراكش التي تضفي عليه أسوارها الأثرية وصومعة الكتبية جمالا أخاذا لا يضاهي جماله المعماري جمال أي مدينة في هذا الكون، إلى أن أتى زمن عصابات مافيا العقار الذين أعمى عيونهم جشع الاغتناء الفاحش، حيث أخذوا يخربون ما حافظ عليه الأجداد من ثروات معمارية وجمالية منظرها العام بهذه المدينة.
وقد لجأ أصحاب ( الشكارة) من أشباه المنعشين العقاريين إلى ضمان دعم وتكميم أفواه بعض مسؤولي سلطات الجهات المعنية في مجال المعمار بمراكش، الذين دائما ما يبررون هذا الصنيع إلى مرؤوسيهم عند شكاية أحد المواطنين لهم بالعديد من التجاوزات والخروفات في إعادة بناء الدور القديمة والرياضات، تحت ذريعة أن بناياتها آيلة للسقوط، وهو ما حدث بالفعل عدة مرات من بعض القياد المتعاقبين على المقاطعة الحضرية باب دكالة بمراكش، حيث نذكر إحداها على سبيل المثال لا الحصر عندما تقدم في وقت سابق بشكاية أحد المواطنين القاطن بحي عرصة إهيري درب البومبة رقم 65 باب دكالة ، إلى رئيس منطقة مراكش المدينة ، وقد جاء في صياغة ديباجتها ما يلي : “… أرفع إليكم شكايتي هاته المتعلقة بالتجاوزات الخطيرة الصادرة عن أحد الجيران الذي يقوم بتغيير معالم بيته الكائن بحي عرصة إهيري درب البومبة رقم 64 بالمدينة العتيقة مراكش، إذ بعدما قام بهدم هذا البيت برمته شرع في إعادة بناء الجدران والأعمدة فألحق أضرارا مباشرة بمنازل الجوار من تصدعات وغيرها، حيث أصبحت مهددة بالسقوط والهدم، دون اكتراث لتحذيراتنا الشفوية المباشرة كما تعمد عدم استقبال لجنة تقنية حضرت لمعاينة ما يقوم به بعد احتجاجاتنا المتعددة والمتكررة من أشغال خارج الإطار القانوني، حيث صد الباب في وجه هذه اللجنة، مدعيا أن جهات نافذة في السلطة تحميه من أي مساءلة أو مراقبة.
وللإشارة فقد تم إخبار قائد المقاطعة الحضرية باب دكالة وكذا مقدم الحي بالنازلة، إلا أنهما لم يتخذا أي إجراء ضد المعني بالأمر إلى حدود كتابة هذه الشكاية، وفي انتظار اتخاذ ما ترونه مناسبا من إجراءات رادعة في حق هذا الشخص، فإنني التمس منكم التدخل الفوري حماية لي ولأسرتي من كارثة منتظرة “، وكما سبق ذكره، حسب تصريح هذا المواطن لـ ” كش بريس “، كان جواب القائد لرئيسه المباشر أثناء تواجد هذا المواطن بمكتب رئيس المنطقة بأن هذه الدار التي يعاد بناؤها آيلة للسقوط وصاحبها يتوفر على رخصة للإصلاح، وفي حالة من الغضب الشديد رد رئيس المنطقة على القائد خلال المكالمة الهاتفية : « أوقف علي هذه المهزلة !! » ، لكن للأسف الشديد لم تلق هذه التعليمات أي تصرف إيجابي من القائد، يضيف هذا المواطن، وعلامات اليأس والتذمر تعلو محياه فقد استمر الوضع أكثر مما كان عليه ، بعدما قامت أشغال بناء هذا المنزل على قدم وساق خاصة خلال يومي السبت والأحد مما جعل صدر هذا المواطن يضيق بما لا يطاق، الشيء الذي أجبره أنذاك على أن يدق باب مكتب والي مراكش عسى أن يجد الأذن الصاغية بشأن معاناته وعائلته وباقي أسر الفئات المستضعفة المغلوبة على أمرها.
لكن رغم كل هذه المحاولات لم يزد الوضع إلا تفاقما من حيث البناء العشوائي، وتعنتا من طرف باني هذا المنزل، وزادت أيضا أطماعه أكثر فأكثر من أجل ترحيل هذه العائلة من منزلها بعد إجبارهم في اعتقاده بالمكر والخداع على بيع المنزل له بثمن زاهد بخس حسب ما صرح به المشتكي لـ ” كش بريس “، حيث أضاف المشتكي أن المشتكى به مشهور داخل الحي على أنه يعد من أشباه المقاولين العقاريين، وقد لجأ هذا الأخير طول هذه السنين وما يزال إلى اليوم يستعمل وينهج سلوكات وأساليب كلها مكر وخداع وتحايل بمضايقات جمة وشد الخناق على أفراد عائلة المشتكي داخل الحي، لدرجة أن الطمع والجشع الذي أعمى عينيه أدى به مؤخرا إلى دفع زوجته وأفراد من عائلتها إلى الاعتداء على امرأة بالضرب من العائلة المالكة لهذا المنزل، وبعدما سامحتهم بتدخل في ذات الوقت من المارة، سارع هذا (المنعش العقاري) وزوجته إلى تقديم شكاية ضد المعتدى عليها إلى النيابة العامة، فكانت هذه المرأة من أولائك الذين انطبق عليهم المثل القائل : ” ضربو وبكى وسبقو وشكى “، وقد حصل لها بسبب ذلك أزمة نفسية جعلتها طريحة الفراش، بعدما أحست بـ ( الشمتة ) المسكينة الضحية بأنها وأفراد عائلتها أصبحوا في اللائحة السوداء من ضمن ضحايا عصابات ما فيا العقار، الذين ما فتئوا يصولون ويجولون طولا وعرضا دون حسيب ولا رقيب بحي عرصة إهيري بالمدينة العتيقة مراكش.