كتب د حسن المازوني: بكل تواضع و أخلاق عالية، وهي صفات العلماء والمثقفين النزهاء، يكتب أحمد شحلان سيرته الذاتية في قسمها الأول، والذي اختار له عنوانا منحوتا وعميق الدلالة “سن الذهب مسيرة وسيرة “.
العنوان يذكرني بعنوان آخر لعالم أخر عاش في زمن أخر، “التبر المسكوك في نصيحة الملوك ” لأبي حامد الغزالي الطوسي ؛ بالرغم من تباعد المضامين وبعد المسافة الزمنية وطبيعة القضايا التي عاصرها الغزالي أيام الدولة السلجوقية وتأسيسه للمدرسة النظامية.
المفكر أحمد شحلان يعلن منذ أول سطر خطه بقوله : ” لم أكن أرى في مسار حياتي ما يستحق أن يخط حبرا على ورق أشغل به الناس . فما أنا بالسياسي المحنك الذي أثار السلط إليه أو عليه،ولا أنا بصاحب ثروة تغري ، يريد الباحث عليها أن يتسلل مقتفيا سبلي إلى الوصول إلى مكامنها،و ما أنا بصاحب عجائب و غرائب، فيها ما يسلي طالب المتعة و الفرجة، أنا مخلوق بسيط من أسرة بسيطة في زمن بسيط. تعلمت كما تعلم الناس ، لم أكن من ” بادئي الرأي ” بدأت معلما في سن الثامنة عشرة من عمري، في قسم التحضيري ( أول قسم كان يدخله الطفل في الستنيات ) وانتهيت أستاذا في الجامعة أدعى إلى الجامعات. وهذه حياة ليس فيها ما يدعو إلى تسطيرها .
هذه قناعتي بصدق . بعد انتهائي من قراءة هذه السيرة الذاتية الشحلانية، وجدتها سيرة ذاتية متميزة عن باقي سيرات الذاتية التي قرأتها سواء باللغة العربية أو الفارسية أو الفرنسية.
سيرة تحكي عن تاريخ مراكش وعن النظام التعليمي فيه قبل وبعد الاستقلال وعن الثقافة الشعبية وعن حومات مراكش وعلمائها ومهرجيها و من امتهن السياسة وعن وطني مراكش وعن مكونات المجتمع المغربي من العرب والأمازيغ وعن القضية الأمازيغية وفي هذا الصدد يقول أحمد شحلان مجيبا عن سؤال أحد الأجانب في مدينة La Rochelle الفرنسية. “كنت في مائدة كل المحيطين بها من الولايات المتحدة، أسمع عن “القضية الأمازيغية ” التي لم تكن عندي ” قضية”، أنا ” الإيموري ” الأب ( قبيلة آيت أمور قبيلة أمازيغية .)
” إني لا أعرف عما و عمن تتحدثون، فانا أمازيغي مغربي، أمي عربية إدريسية، وهي وأبي تعيش في قمة الهناء والتناغم. وجيراننا في السكن وفي الدرب، كلهم بذات الصفات. جمع بين الرجل المغربي والمرأة المغربية( أمازيغ وأمازيغية، عربي وعربية وأمازيغية، وأمازيغي وعربية ) وحتى هذا التفصيل في مكونات المغاربة لم أنتبه إليه بعد سماع سؤالكم. والمغاربة يتحدثون بالعربية في صيغتها اللهجية، ويتحدثون بالسوسية ( أمازيغ السوس) ( حديثي يعني ما كان يتحدث به أمازيغ مراكش )….