حتما سَيشُكّ المرء عندما يجد نفس الجهات التي تحاربُ حريّة التعدّد بالزواج في مدوّنة الأسرة هي نفس الجهات التي تطالب وتناضل من أجل العلاقات الرضائية خارج مؤسسة الزواج في القانون الجنائي . مِمّا يعني أنها تريد التعدّد الليبيرالي الحرّ(free polygamy)، وإذا كان تعدد الزوجات الشرعي يُسَقِّفُ عدد الزوجات في العدد 4، ويمنع نهائيا تعدّد الأزواج(polyandry) بالنسبة للإناث، فإن العلاقات الرضائية(التي هي تزاوج خارج الأسرة) والتي تعني في أبسط تعريف وتبسيط لها تَعَدُّد الخليلات وتَعَدّد الخلّان وبدون تسقيف في العدد أربعة بالنسبة للرجل وبدون منع ولا تسقيف لتعدّد الخِلّان بالنسبة للمرأة وأكثر من ذلك بدون قيود قانونية ولا عرفية ولا حتى أخلاقية.
في حين أنّ المنطق في أبسط أبجدياته يقتضتي أن يطالب المدافعون عن تعدّد الخليلات والخِلّان (العلاقات الرضائية) ، عن تعدّد الزوجات كذلك، حيث يمكن أن يُدرجوه في إطار الحريات الفردية، كنمط خاص من العلاقات الرضائية. وأن تترتّب على التّعدّدان نفس الواجبات والحقوق بالنسبة لما يَنتُجُ عنهما من أبناء.
وأما أن تطالب بشيء في القانون الجنائي وتطالب بنقيضه في مدونة الأسرة، فهذا لا يعكس في الحقيقة سوى انفصاما حقوقيا في شخصية الحقوقيين والحقوقيات، وذلك هيمنة الهاجس الايديولوجي العقدي على البعد الحقوقي في عمل المنظمات المطالبة بذلك.
ولذا يظهر أن مشكل المطالبين بعلاقات الرضائية (حرية تعدد العلاقات والزوجات والأزواج) وفي نفس الوقت يطالبون بمنع حرية تعدد الزوجات، ليس مع التعدد في حد ذاته وإنما مع الاطار القانوني والمرجعية العقدية التي يَتمّ فيها، فهو يرفضونه في صيغة تعدد الزوجات في الإطار الديني( الشريعة -مدونة الأسرة) ويقبلون به في صيّغ أخرى(حرية العلاقات الرضائية – تعدّد الخليلات -تعدد الخِلّان) في الإطار المدني(القانون الجنائي).
مع العلم أن نسبة طلبات أذونات التعدد لا تشكل سوى 0,66% من أذونات الزواج التي تصدرها المحاكم المغربية ، أي أن تعدد الزوجات ليس ظاهرة كبيرة ولا تشكل أي خطورة على المجتمع، كي يتمّ التهويل من شأنها والمطالبة بإلغائها، على عكس العلاقات خارج الزواج التي صارت ظاهرة خطيرة تهدد كيان المجتمع بالتفتت والانحلال.