ـ تعقيب الأستاذ الطالبي: الطفل والقاصر أيهما أحق بتحصين حقوقه لأهلية الزواج ـ
المحرر: لأهمية الحوار الذي التقطته (كش بريس) بين الكاتبة والحقوقية الأستاذة فوزية رفيق والكاتب والإعلامي الأستاذ مولاي عبد الواحد الطالبي، حول موضوع “منع تزويج الطفلات مسؤوليتنا جميعا”، الذي نشره موقعنا بتاريخ 14 أبريل 2024 وما تلاه بعد ذلك من ردود مثيرة ومتابعة جاوزت العشرة آلاف (10000) قراءة نوعية، من بينها القراءة الأخرى للتيمة من وجهة نظر كاتبها الأستاذ الطالبي، والتي نشرها على صدر صفحته بالفايس، ..
سنكون سعداء بنشر تعقيب الأستاذ الطالبي، من أجل وضع قارئنا في السكة، بعد التعقيب على الرأي للأستاذة رفيق مباشرة:
………………………….
إيمانا مني بثقافة الحوار باعتبارها مفتاحًا من مفاتيح المعرفة، والتي من أهم شروطها الاعتراف بحق الآخر في الاختلاف واحترام آرائه وأفكاره حتى وإن كان يخالفك الرأي، متى كان هذا الرأي حصيفا ويستند إلى منطق سليم، تفاديا لكل أشكال التعصب والجمود.
قد أختلف معك في الرأي ولكن هذا لا يسمح لي بأن أنقّص من قدرك…
من هذا المنطلق سأرد على كلمتك الرصينة من حيث الصياغة واللغة المتميزة، وهذا أمر ليس بعسير على كاتب وأديب متمرس وإعلامي متميز على الرغم من اختلافي معك فيما قلته لأنه في نظري مجانب للصواب ، مجانب للتحليل الموضوعي، وفوق هذا وذاك كلام مستفز…
بداية شكرا الأستاذ م. عبد الواحد على تفاعلك مع الورقة التي عنونتُهاب: “منع تزويج الطفلات مسؤوليتنا جميعا” والتي تمّ نشرها في الموقع الإعلامي كش بريس، وتقاسمتها مع أصدقائي وصديقاتي على الفايسبوك هذا من جهة . أما من جهة أخرى، ليس من اللياقة أبدا أن أنعت موقفك لا بالتخلف ولا بالرجعية، معاذ الله ما دامت أفكارك تعبر عن رأي شائع في المجتمع وتتبناه شريحة واسعة لا مجال لتجاهلها بالرفض والتبخيس، بقدر ما ينبغي مناقشتها بالتي هي أحسن، ولو أن التساؤل الذي أنهيت به تعليقك كان صادما بالنسبة إلي ..
أعرفك إنسانا يدافع عن الحق ويؤمن بحرية الرأي ويؤمن بالتغيير الذي يخدم المجتمع، فَلِمَ هذا التطاول سي عبد الواحد؟
استثارك العنوان أخي كما أشرت في تعقيبك بدقة تعبيره بلفظ الطفلات عوض غيره من الألفاظ المستعملة في المواضيع ذات الصلة بالحوار الدائر بشأن أهلية الزواج، وأكدتَ على الفرق الواضح بين الطفل في الاستعمالات الدلالية للطفولة في الحقول المعرفية والعلوم السوسيولوجية والبسيكولوجية والبيداغوجية…. وبين من يوظف لفظ القاصر بمعنى الطفل، وبأنه لبون شاسع بين المعنيين والمدلولين.
وواصلتَ كلامك بشكل هجومي على الفتيات القاصرات اللواتي يحيرن الراشدات في أفعالهن…إلخ، (لا داعي لعرض كل الأوصاف …) اسمح لي أستاذ قد خلطت بين وضعيتن، بين أمرين.
ما تحدثتَ عنه صحيح، فالظاهرة موجودة في واقعنا وفي واقع الكثير من المجتمعات العربية والغربية منها حتى الأكثر تقدما…
لعل من أولويّات المنطق السليم أن لا نخلط بين الأسباب والنتائج..
ما تحدثتَ عنه هو نتائج حتمية لأسباب معينة، والمعلول في الترتيب يأتي بعد العلة…
إذن لا يجب أن نتذرع بوجود الانحراف بجميع أشكاله وأنواعه ومسمياته، في مجتمعنا لنسوِّغ تزويج الطفلات…
عندما وظفتُ لفظ الطفلة بدل القاصر فذلك لسببين، أولهما لأن التمثل الشائع في المجتمع يخلط بينهما، دون الانتباه إلى أنه يقفز على نفسية الطفلة ومعاناتها عندما يختزلها في جسد ..
السبب الثاني هو أن المغرب صادق على اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 والتي جاء في مادتها الأولى أن الطفل هو كل شخص يقل عمره عن 18 سنة.
وتنص المادة الثالثة عن المصلحة الفضلى للطفل، وفيها دعوة صريحة لحمايته وصونه ورعايته بصورة جيدة.
لقد خلطت أستاذ بين الدعوة إلى صيانة حقوق الطفولة من خلال منع تشريع زواجها، وما يعرفه الواقع من ظواهر ومآسي اجتماعية ونفسية وتربوية…
فالطفلة المطلقة في مجتمع لا يوفر لها أدنى الشروط لصيانة كرامتها، من شأنها أن تصب الماء في طاحونة هذه الظواهر المشينة..
في ختام تعقيبك طرحت السؤال التالي:
أليس من العيب منع القاصر من زواج الشرع، وجواز التمتع بالقاصر سفاحا جهارا نهارا؟
بالله عليك الأستاذ عبد الواحد الطالبي.. أليس من العار تزويج طفلة بالكونطرا أو الفاتحة بالتحايل على القانون
“بشيخ ستيني”، أو “شيخ سبعيني”، وجواز التمتع بها حراما،سفاحا، جهارا ليلا ونهارا، ورميها رمية الكلاب إلى أبويها بطفل أو طفلين، غير معترف بهما، بدون نسب، متخلى عنهما “جهارا”، غير مسجلين في وثيقة رسمية؟
في نظرك هل الزواج هو الحل الأمثل لطفلة تعيش الفقر والهشاشة والأمية، والجهل والجهل المركب يحيط بها؟
والزواج بمن؟
بشيخ أكبر من أبيها بل في سن جدها أحيانا، والواقع يشهد على ذلك…
ماذا تقول في مثل هذه الوضعيات أيها الفاضل؟
طفلة تحرم من اللعب من التعليم من التعلم ، من التوجيه الصحيح، من النمو الطبيعي ، نخلخل توازنها النفسي والاجتماعي…. ماذا تنتظر منها بعد كل هذا؟
المسؤولية مشتركة شئت أم أبيت أخي…
كنت أنتظر منك وأنت المربي الفاضل، أن تستحضر وضعية الفتيات القرويات اللواتي يحرمن من مقعد في المدرسة لبعد المسافة بين هذه الأخيرة و منازلهن.. كنت أنتظر أن تترافع عن ضرورة القضاء على الهدر المدرسي، ومحاربة العنف، وتجريم التحرش والكثير من المعيقات التي تحول بين الطفلة وحقوقها، وهو ما يؤدي إلى إعادة إنتاج الظواهر التي أشرت إليها.. وتربيتها بما يضمن لها الحصانة ضد الاستسلام لدواعي تشييئها وتسليعها والحط من كرامتها…
ما كان عليك أن تطرح سؤالا ملغوما يحمل ما يحمل بين طياته من رواسب ثقافية بئيسة، سيساهم تجاوزها بدون شك في الارتقاء بمجتمعنا إلى مصاف الدول التي تعلي من شأن كرامة الإنسان…
أفكار كثيرة راودتني وأنا أكتب هذه الورقة امتنعت عن تدوينها، لأنني أومن دوما وأفضٌّل التحاور بلغة سليمة هادئة بعيدة عن التشنج والانفعال…. والأيام بيننا
ولعل الواقع الدرامي الذي كشف عنه زلزال الحوز يشهد على معاناة الأطفال في المغرب العميق، وفي كل جهات بلدنا السعيد..
وللحديث بقية ..
…………………………………………………
تعقيب الأستاذ الطالبي: الطفل والقاصر أيهما أحق بتحصين حقوقه لأهلية الزواج
أطارح على هذه الصفحة الضوئية موضوعا تجنبت مناقشته تحرجا من موقفي الموصوف لدى أوساط ليبرالية بالمتزمت الرجعي “المتخلف”، لكن هذه المرة استثارني العنوان بدقة تعبيره بلفظ الطفلات عوض غيره من الألفاظ المستعملة في المواضيع ذات الصلة بالحوار الدائر بشأن أهلية الزواج.
والفرق واضح بين الطفل لمن يستعمله بالتوظيف الدلالي للطفولة في الحقول المعرفية لعلوم السوسيولوجيا والبسيكولوجيا والبيداغوجيا وعلوم السلوك والأخلاق وبالمفاهيم القيمية للأنسنة وبين من يوظف لفظ “القاصر” بمعنى الطفل وإنه لبون شاسع بين المعنيين والمدلولين.
فالقاصر مرادف لناقص الأهلية من حيث السن وهو بهذا التصنيف شخص لما يبلغ سن الرشد القانوني المحدد في التشريع المغربي في 18 سنة شمسية تامة.
وأما الطفل فهو إما مميز أو غير مميز وإن يكن قاصرا فأحيانا لا يكون طفلا ولا يعتبره القانون كذلك إن كان مميزا ويمكنه التصرف في ماله كما ان القانون الجنائي يحدد سن التمييز بالنسبة للطفل في 16 سنة شمسية تامة.
ومدعاة هذه التوطئة أن من القاصرين لاسيما الانثيات من تحار الراشدات في أفعالهن وكثيرات هن اللواتي على نواصي الشوارع وفي الفضاءات العامة لم يتممن عامهن ال15 أو 16 يتاجرن بأجسادهن ويبعن الهوى لمن يدفع على المتع العابرة في مؤسسات ومرافق سياحية واقعة تحت رقابة السلطة ومكشوفة للجمعيات المدنية.
القاصرات في شوارعنا ومدارسنا يصدعن بأعلى الصوت ويجهرن بالقول من خلال الحركة واللباس ومظاهر الزينة: “هيت لك” كلهن غنج ينادي بالشبق ويغري بالتحرش وأمهاتهن من خلفهن يتباهين بالبضاعة التي يعرضنها على أنياب الوحوش للافتراس لحما طريا غضا.
إنهن قاصرات ولكن لسن طفلات
الطفلة والطفيلة، تكون في حضن أمها لعوبة بين خالاتها وشقيقاتها وأشقائها، لا تتزين ولا تتعرى ولا تعرض مفاتنها وتتجمل بأرقى “الماكياج” تبهر بالألوان التي تورد الوجنتين وتجعل الشفتين حبتي كرز وتنبت الصدر تفاحتين ينضجان قبل الإبان.
لم تكن الطفلة عندما كان للطفولة معنى محصنا عن العبث مصونا عن التدنيس مترفعا عن الرذيلة، تمد رجليها للحناء من أجل التخضيب ولا كانت خدودها مساحة للمساحيق وشفتاها سطورا للقاني أو مقلتاها مكحلا
كانت الطفلة تكبر مع الأنثى حتى تتزوج، ويميز الناس في اللفظ بين المرأة البنت والمرأة المرأة لا تمييز بكارة ولكن تمييز تصرف وسلوك بين هذه التي بلا خجل ولا حياء ولا حشمة لديها او وقار وبين تلك التي يعلو محياها الجوري مع النظرات إذ يباغثها ما لا تستطيع عنه غض البصر.
بناتنا كبرن قبل الأوان، حملن في بطونهن الأجنة سفاحا ولما يرشدن، وانقدن إلى فراش الممارسة طوعا ومن غير كره وغامرن بكل تجارب الاندفاع المغرية في المواقع الالكترونية والأشرطة المصورة بلا وازع استقالت من رعايته الأسرة والمجتمع والسلطة وبلا رادع.
الطفلات في البيوت مع الأسر في القرى والبوادي وفي الاحياء والدروب في المدن، كثير من هن ما زلن على عهد موروث من الاخلاق والفضيلة وجحافل من القاصرات في شوارعنا ومدارسنا في حال انفلات وانزياح شديد عن كل خطاب غير قابل ان يكون ممارسة واقعية لتقييد مفهوم البنت القاصر بسن يقل عن 18 عاما.
القاصر طفلة والطفلة يجب أن تكون في حجر أم ترعاها بالتربية لتكبر وتصير يافعة وإلا فإنها إن فاض عليها البدن وحميت لديها الشهوة واشتدت عندها الرغبة فالأولى لها ثم الأولى ان تتملص من الحجر وترتمي في حضن الزوج إحصانا وصونا لعرضها وشرفها وكرامتها.
أما وأن تنتفض الدنيا تقوم ولا تقعد ضد تزويج القاصرات فالأحق الثورة على مشاهد القاصرات في شوارعنا وفي المطاعم والمقاهي وعلى النواصي وبأبواب المؤسسات التعليمية يتحرشن بكل عابر سبيل وأجدر ان يكون الزواج في هذه الحال حلا لمعضلة في المجتمع تتفشى.
ودونهن الطفلات الواجب حمايتهن والحرص عليهن ومصاحبتهن وتمكينهن لمزيد من الحصانة في مواجهة الذئاب المتربصة أكلة اللحوم النيئة أولئك الوحوش البشرية.
وإنما هذه مقدمة لخلاصات مجتمعية أفرزت لنا ظواهر غريبة عن مجتمعاتنا كانت الى وقت قريب حالات استثنائية معزولة وظواهر شاذة جدا وأضحت قاعدة أو تكاد من مثل استفحال الطلاق وكثرة الأمهات العازبات وأطفالهن ومثلهن الاطفال المتخلى عنهم وتآكل منظومة القيم المرتبطة بالعرض والشرف والحب والأنسنة إضافة إلى العزوف عن الزواج وكل هذا يقود المجتمع إلى التحلل من كل ما يشده إلى آدميته عند تعالي الأصوات وبلا حرج المنادية بالمثلية وبالعلاقات الرضائية وبالحرية الجنسية
فأليس من العجب منع القاصر من زواج الشرع وجواز التمتع بالقاصر سفاحا جهارا نهارا؟؟؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط المقال الأصلي :