ـ بشراكة مع مؤسسة هانس زايدل ـ
إعداد د.محمد مرزوق (صور خاصة بالموقع)
عقدت منظمة العمل المغاربي بشراكة مع مؤسسة هانس زايدل الجامعة الصيفية السادسة للمنظمة حول موضوع: الشباب والهجرة يوم السبت 06 يوليوز 2024 بمراكش، وذلك بمشاركة عدد من الباحثين والخبراء من المغرب وتونس وليبيا وموريتانيا، توزعت ضمن جلسة افتتاحية وأربعة جلسات علمية، أفرزت نقاشات علمية هامة.
وفي الجلسة الافتتاحية التي ترأسها الأستاذ عبد العلي بنشقرون (كاتب عام منظمة العمل المغاربي (تقدم ميلود السفياني نيابة عن المدير الإقليمي لمؤسسة هانس زايدل بالمغرب وموريتانيا بكلمة رحب من خلالها بالحضور كما شكر منظمة العمل المغاربي على استمرارية تنظيم الجامعات الصيفية وأشار كذلك أن الدول المتقدمة تهتم بالشباب كمدخل مهم للتنمية ومن شأن ذلك حمايتهم من خوض غمار الهجرة وأكد كذلك على أن موضوع الهجرة بات أحد أكبر مشاغل الباحثين ويشير بأن مخلفاتها جد وخيمة ونوه كذلك بتعدد المشارب العلمية للمتدخلين ضمن جلسات الندوة. وفي كلمة تقدم بها إدريس لكريني (رئيس منظمة العمل المغاربي) رحب بالحضور وأشار بأن المنظمة تعكف بشكل سنوي على تنظيم جامعات صيفية كما أشار إلى الوضعية الراهنة بالمنطقة والتي تتسم بتعدد الانتهاكات وتنامي مخاطر التهجير القسري في عدد من مناطق العالم وبخاصة في قطاع غزة، وارتباطا بموضوع الجامعة الصيفية أكد المتدخل على تنامي ظاهرة الهجرة وذلك بسبب الفوارق المجالية بين دول الشمال ودول الجنوب. وأشار المغرب وبحكم موقعه كبلد معني بالهجرة راكم تجربة إقليمية مهمة في التعاطي مع هذه الظاهرة، مبرزا أهمية التكتل المغاربي لمواجهة مختلف التحديات العابرة للحدود.
وهمت الجلسة العلمية الأولى والتي ترأسها زهير لعميم (أستاذ باحث وعضو مكتب المنظمة) السياق المفاهيمي والقانوني للهجرة. وتقدم محمد البزاز (أستاذ القانون الدولي بكلية الحقوق بمكناس) بمداخلة معنونة ب “تطور الإطار القانوني والمفاهيمي الخاص بالهجرة” حاول خلالها إبراز خصائص الهجرة كظاهرة إنسانية واجتماعية متعددة الأبعاد تنبغي تعاونا دوليا بين دول المنشأ ودول الإقامة، وعرج المتدخل على تطور قواعد القانون الدولي الخاصة بوضعية المهاجرين، كما تم التطرق للمصطلحات والمفاهيم المستعملة في الأدبيات القانونية بين الفاعلين والباحثين في ميدان الهجرة كمفهوم المهاجر ومفهوم اللاجئ ومفهوم النازح. وتطرقت المداخلة المعنونة ب “اللاجئون والمهاجرون في نطاق القانون الدولي الإنساني” والتي تقدم بها نجيب اعوينات (أستاذ باحث من تونس) للتمييز بين المهاجر واللاجئ كما أشار المتدخل إلى أن الحرب سبب رئيسي للهجرة واللجوء كما حاول تبيان قواعد القانون الدولي الإنساني الرامية لحماية اللاجئين. أما المداخلة التي تقدم بها الحسين شكراني (أستاذ باحث بكلية الحقوق بمراكش) تحت عنوان “التغيرات المناخية، النزاع والهجرة.. ترابط أم قطعية” فقد تم عبرها الإشارة إلى أن هناك صعوبة في الربط بين التغيرات المناخية من جهة والهجرة من جهة أخرى، وأكد المتدخل بأن التغيرات المناخية هي عامل مضاعف للتهديد وتؤدي إلى الهجرة، كما تساهم في الرفع من الصراع على الموارد المائية والطبيعية نتيجة توظيف النعرات العرقية. وفي المداخلة الأخيرة ضمن هذه الجلسة والتي تقدم بها عبد الواحد الأثير (الباحث الأكاديمي والمستشار في مجال حقوق الإنسان) بعنوان “حماية حقوق العمال المهاجرين بالمغرب، مكتسبات وتحديات” أشار فيها إلى تزايد مستويات الهجرة الدولية بالتوازي مع تنامي خطاب الكراهية والعنصرية، كما تطرق المتدخل لمكانة المغرب الدولية الريادية في مجال الهجرة على الرغم من وجود تحديات أمنية وسوسيو إقتصادية.
وشكل موضوع الهجرة والتنمية صلب اهتمام الجلسة العلمية الثانية والتي ترأستها أشواق شلخة (أستاذة باحثة من المغرب). وقدمت نعيمة المدني (أستاذة علم الاجتماع بمراكش) مداخلة عنونتها ب “حدود ومكتسبات المقاربة السوسيولوجية حول الهجرة” أشارت فيها بأنه بحسب الدراسات السوسيولوجية لا يمكن تعميم النتائج العلمية لأي دراسة دولية على واقع المجتمعات الأخرى وذلك لاختلاف البناء الاجتماعي للهجرة بالنظر إلى منظومة القيم، وحددت المتدخلة مجموعة من المقاربات حول الهجرة كالمقاربة المجالية والتفاعلية والرمزية والنسقية والفردية. وفي مداخلة زكريا أكضيض (أستاذ علم الاجتماع السياسي بكلية الحقوق – مراكش) بعنوان “النخب الشبابية المهاجرة في الحقل الرقمي.. قضايا الشأن العام المغربي من منظور الشباب المغربي المهاجر” تم الإشارة إلى أن طبيعة تفاعل النخب الشبابية المهاجرة مع قضايا الشأن العام المغربي تتحدد من خلال تجربتهم التعليمية والاجتماعية والسياسية في بلدهم المغرب قبل هجرتهم. وتطرق محمد الحاجي الدريسي (أستاذ باحث بكلية الحقوق -مراكش” في مداخلته التي عنونها ب “التوجهات الهجراتية للشباب المغربي المتعلم وتحولات خارطة بلدان الاستقطاب” إلى أن دول الإستقبال للمهاجرين المغاربة التقليدية شهدت تحولا في السنوات الأخيرة مما ساهم في تغيير خارطة الاستقبال بالنسبة للمسافرين المغاربة وأشار المتدخل بحسب دراسة ميدانية إلى أن توجهات الشباب المغربي في مجال الهجرة تنحو لدول جديد بدل الدول التقليدية. وفي مداخلة مشتركة بين سعد أبو بكر محمد الزويد (باحث في علوم البيئة -ليبيا) وندى أحمد سعد الصيد (طالبة دكتوراه -ليبيا) بعنوان “هجرة الشباب الليبي إلى الغرب.. أمل أم ألم؟” حاول الباحثان تقديم وضعية الهجرة بليبيا والتي بحسبهم ارتفعت بشكل كبير منذ ثورة 2011 نتيجة تظافر عدة عوامل وركز المتدخلين على الأسباب الكامنة وراء ذلك والتحديات التي تواجه الشباب الليبي. وفي مداخلة مشتركة تقدم بها العربي بلا (أستاذ باحث بكلية الحقوق -مراكش) وسميرة ألحيان (طالبة باحثة بكلية الحقوق – مراكش) تحت عنوان “معضلة هجرة الكفاءات الطبية وأثارها على المنظومة الصحية بالمغرب” فقد أشار المتدخل لتنامي هجرة الكفاءات كمعضلة حقيقية تهدد العالم بأكمله، وهي بحسبه متزايدة ومتفاقمة الحدة كلما انتقلنا من البلدان المتقدمة الى البلدان النامية، وحاول المتدخل التطرق لهذه الظاهرة من باب توصيف وتحليل حجم هجرة الكفاءات الطبية وأسبابها من جانب وآثارها وتداعياتها على المنظومة الصحية من جانب آخر.
وفي الجلسة العلمية الثالثة التي ترأسها عبد الحكيم وادي (باحث فلسطيني مقيم بالمغرب) فقد تعلقت بموضوع الشباب والهجرة غير الشرعية. وتقدم خلالها محمد خشاني (أستاذ باحث متخصص في قضايا الهجرة، كلية الحقوق أكدال، الرباط) بمداخلة تحت عنوان “الهجرة غير النظامية في الحوض المتوسطي على ضوء التطورات التي تعرفها السياسة الأوروبية للهجرة” تناولها في أربع محاور بداية بالعد الكمي لظاهرة الهجرة غير النظامية من ثم رصد بوابات الدخول لأوروبا ليلي ذلك مفارقات السياسات الأوروبية للهجرة وفي الأخير عدم أخذ هذه السياسات بعين الاعتبار العديد من النقاط منها التكلفة الباهظة خاصة من حيث عدد الضحايا. أما في مداخلة عبد الجبار عراش (أستاذ باحث بكلية الحقوق -سطات) والتي عنونها ب”مكانة الهجرة غير الشرعية في سياسة الجوار الأوروبي.. الأدوار التحديات والمآلات” فقد تطرق لظاهرة الهجرة غير النظامية والتي بحسبه هي بمثابة متغير مؤثر في البناء المفاهيمي والمجالي والأمني والسياسي والهجروي والقانوني والحقوقي، وبين المتدخل بأن هناك فشلا للأجوبة الداخلية لمعضلة البيئة. وانصرفت مداخلة رشيدة حدادي (باحثة مختصة في الدراسات الأمنية) المعنونة ب”الهجرة والتطرف” إلى كشف الترابط ذا الجدلية القائمة بين منظوري القوانين المحلية والدولية الرامية الى وضع إطار عام لكل من الهجرة والتطرف. وفي المداخلة التي تقدم بها هشام أيت الطاهر (أستاذ باحث بكلية الحقوق بمراكش) والتي عنونها ب”Expériences de Migration et Réussite Personnelle des Jeunes” فقد تم التطرق إلى الارتفاع الذي يشهده عدد المهاجرين الشباب خلال 20 سنة الماضية على الرغم من صعوبات فيما يخص القبول والاندماج وكذلك تباين السياسات الأوروبية والتي تعتمد على الانتقائية في استقطاب المهاجرين. وحاول محمد سيد امينوه (باحث بسلك الدكتوراه – موريتانيا) عبر مداخلته المعنونة ب “الشباب والهجرة غير الشرعية، حالة موريتانيا” مناقشة حالة الهجرة غير الشرعية بموريتانيا كظاهرة اجتماعية متعاظمة أثارت جدلا متناميا كما تشير إلى ذلك التقارير، وذلك بحسب المتدخل يؤدي إلى الاختلال وتناقص الشباب بالساحل الموريتاني.
وقد همت الجلسة العلمية الرابعة والتي ترأسها الأستاذ نجيب اعوينات موضوع هجرة الكفاءات. تقدمت خلالها الأستاذة أشواق شلخة بمداخلة حول موضوع “هجرة الأدمغة والطاقات، انطلاقا من مقاربة النوع” بينت عبرها أن ظاهرة هجرة الأدمغة هي ظاهرة ذكورية إلى حد كبير على الرغم من أن النساء يمثلن ما يقرب من واحد من كل إثنين من المهاجرين، وحاولت المتدخلة تسليط الضوء على هجرة الأدمغة النسائية من المغرب والتركيز على تجاربهن ومعالجة نقص منظور النوع الاجتماعي في الابحاث الحالية فبحسب الباحثة لا تتأثر الهجرة بالعوامل الاقتصادية فقط بل أيضا بالديناميكيات الجندرية التي تؤثر على الفرص والتحديات التي تواجه النساء بشكل مختلف عن الرجل. وفي مداخلة رضا الفلاح (أستاذ باحث بكلية الحقوق -أكادير) بعنوان “تحليل هجرة الكفاءات المغربية” فقد تطرق المتدخل للإكراهات المرتبطة بهجرة الكفاءات على غرار حاجة دول المصدر لطاقاتها البشرية المؤهلة في مجالات حيوية تساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والبشرية، وأكد المتدخل بأن المغرب يواجه مشكلة هجرة الأدمغة بحدة تصاعدية تستوجب من صانع القرار وضعها كأولوية في سلم أولويات الأجندة السياسية باعتبارها مسألة استراتيجية. أما البشير أولاه (أستاذ باحث بكلية الحقوق-اكادير) فقد تقدم بمداخلة تحت عنوان “هجرة الكفاءات المغربية بين الاستنزاف والفرص” حاول من خلالها رصد تداعيات هجرة الكفاءات على الاقتصاد الوطني المغربي، وأكد المتدخل على ضرورة نهج سياسات جديدة تمكن المغرب من استقطاب كفاءاته والاستفادة من خبراتها أسوة بالعديد من التجارب الدولية.
وقد خلصت أشغال هذه الجامعة إلى طرح مجموعة من التوصيات كما يلي:
- ضرورة توفير فهم شامل للديناميكيات المؤثرة في الظاهرة واقتراح تدخلات سياسية مكتملة بصددها.
- تقوية سبل الشفافية الاقتصادية والسياسية والقيمية.
- تعزيز ارتباط النخب المهاجرة الشابة بوطنها الأم واستثمار نشاطها الرقمي بما يخدم قضايا الشأن العام المغربي.
- استحضار الخصوصية الاجتماعية والثقافية للمجتمعات عند القيام بدراسة سوسيولوجية حول الهجرة وبخاصة على المستوى المنهجي وعلى مستوى تقنيات البحث.
- سن استراتيجية متكاملة لاسترجاع الكفاءات المغربية ودعم عودتها للوطن، وتعزيز التعاون بين القطاعات المعنية بنفس الهدف، للاستفادة من الكفاءات والاختراعات والابتكارات لصالح الصناعة والزراعة والتكنولوجيا والعلم.
- محاربة خطاب التمييز والصور النمطية التي تواجه المهاجر والنهوض بمختلف أشكال الادماج السوسيو-اقتصادي.
- تعزيز التعاون الدولي والمغاربي للحد من المخاطر التي تواجه المهاجرين وتيسير الهجرة الآمنة.
- إرساء سياسات استباقية تأخذ بعين الاعتبار إمكانية وجود ترابط بين تغيرات المناخ والهجرة.
- ضرورة مضاعفة الجهود لتطبيق القانون الدولي الإنساني ومواجهة مختلف التحديات التي تواجه المهاجرين واللاجئين.
- وضع دليل أكاديمي لتحديد المصطلحات والمفاهيم المستعملة في ميدان الهجرة وضبط مضامينها بشكل موضوعي يخدم المصالح الوطنية للدول المعنية بالهجرة وصون حقوق المهاجرين بجميع أصنافهم.
- تبني النهج الوقائي لتنظيم تدفقات المهاجرين واللاجئين عبر الحدود، بإرساء أسس التنمية المستدامة وإعلاء النهج السلمي لحل النازعات بين الدول.
- ملائمة التشريعات الوطنية مع القواعد الدولية الخاصة بالهجرة.
- أنسنة السياسات الأوروبية للهجرة بمراعاة ظروف الشباب المهاجر ومراعاة استفادة بلدانهم منهم.
- توحيد الجهود على المستوى المحلي والإقليمي والدولي من أجل تحقيق المقاصد للسياسات المنتهجة في مجال الشباب والهجرة.
- تخصيص الموارد والشروط اللازمة ضمن تصور استراتيجي للحد من نزيف هجرة العقول والكفاءات بالمغرب والمنطقة المغاربية بشكل عام.
- سن سياسات استراتيجية تحد من العوامل التي تدفع الكفاءات المغاربية إلى مغادرة أوطانها.
- تضمين المنظور الجندري في السياسات والنهج المؤسسين لفهم واقع هجرة الكفاءات النسائية وبذل مجهود إضافي لجمع البيانات التي تتعلق بالمهارات العلمية.
- مأسسة سياسة الجوار الأوروبي من خلال ترسيخ الندية ومبادئ الإشراك والمشاركة مما يستوجب إحياء التكتل المغاربي قصد اجتناب تداعيات “جوار المخاطر”.
- تثمين وتشجيع الجهود التي تقوم بها منظمة العمل المغاربي في سبيل رصد ومواكبة مختلف القضايا الهامة التي تهم المنطقة المغاربية والتحسيس بأهمية التعاون المغاربي رغم كل الصعوبات.