(كش بريس/ التحرير) ـ اتفق المشاركون في الندوة التي عقدت أمس السبت بمدينة مراكش، في موضوع “القضية الفلسطينية والقضاء الدولي”، والتي نظمها: التنسيقية المغربية أطباء من أجل فلسطين، وتنسيقية محاميات ومحامين لدعم فلسطين والجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، (اتفقوا)، على بشاعة الإجرام الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني الأعزل ولبنان التي انضمت لقافلة المقاومة الإسنادية لنصرة غزة، وانفراده بكل أشكال القبح والسادية في تاريخ الحروب عبر كل الأزمنة والأمكنة.
وأكد المشاركون في الندوة، التي شارك في تأطيرها كل من النقيب عبد الرحيم الجامعي، والدكتور يوسف البحيري وأحمد ويحمان وعبد الصمد فتحي، على ضرورة استمرار التعبئة الجماهيرية الكبيرة التي تدعم ميدانيا، عبر تكثيف وتنظيم الوقفات الاحتجاجية والتظاهرات الخطابية، المقاومة الفلسطينية واللبنانية ضد الحركة الصهيونية الإبادية التي تقتل وتحرق وتشرد وتهجر في غياب أي رادع قانوني دولي وإنساني.
وفي هذا السياق، قال ويحمان، إن القضية الفلسطينية وقضية الصحراء المغربية، خطان متوازيان وجسران يمتدان عبر كل الأنساق التي تشكلها اللحمة الوطنية بسيرورات وآفاق لا تتقطع ولا تتمنع. مضيفا، أن اختراق الصهاينة لهذه الأنساق، أضحى يشكل خطرا داهما وحاجزا لضبابية بعض المنزلقين نحو كيدية الكيان ومناوراته.
وشدد ذات المتحدث، من خلال استحضاره لمجموعة من النماذج في شأن الاختراق إياه، على أهمية تصنيف ومواجهة المنبطحين العاملين ضدا على إيمان واختيار الشعب المغربي الشهم والأصيل، مدافعا على أهمية تحويل القوة الأخلاقية والنضالية لهذه الجبهة، إلى حركة لإسقاط كل أنواع التطبيع، وأعلاه التطبيع الذي تقوم به الدولة.
في نفس الاتجاه، صارت كلمة الأستاذ عبد الصمد فتحي، الذي أسس منهجيته الخطابية على اكتساب المعرفة بالعدو الصهيوني، من حيث استحواذه على العقل الجمعي للدول الكبرى وتبيعاتها من دول الذيل.
وأبرز فتحي استنادا على المنهجية التحليلية للراحل الشيخ عبد السلام ياسين المرشد الروحي لجماعة العدل والإحسان، من كون الصهيونية امتداد لجشع الإمبريالية وقوة خفية للتغطية على جرائمها وآفاتها التاريخية القاتلة.
ودعا الأستاذ عبد الصمد فتحي، إلى مواصلة عرقلة التطبيع مع الكيان الصهيوني، مطالبا القوى الحرة والحية، مقاومة تيار الزحف إلى أحضان الصهيونية، وتقويض كل إمكانياتها، لإنجاح مشروعها في المغرب.
النقيب عبد الرحيم الجامعي، أثار هو الآخر، مشكلات تهريب القانون والقضاء الدوليين، وتقبير مبدأ “عدم الإفلات من العقاب”، عندما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني، مستغربا تأخرنا في فهم جذور الصهيونية، والتفافها على المبدأ والأخلاق الدوليين، وتحديها الصريح لكل ما يمت للقانون الدولي بصلة.
واستعرض الجامعي مجموعة من النماذج، في هذا الشأن، كمحكمة العدل الدولية التي تعتبر الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، والتي تتولى الفصل طبقا لأحكام القانون الدولي في النزاعات القانونية التي تنشأ بين الدول، وتقديم آراء استشارية بشأن المسائل القانونية التي قد تحيلها إليها أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة. نفس الأمر بالنسبة المحكمة الجنائية الدولية، التي تعتبر كهيئة قضائية مستقلة يخضع لاختصاصها الأشخاص المتهمون بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. ممثلا بالعديد من القضايا التاريخية ذات الشأن، ككوسوفو ورواندا ولبنان وغيرها. يأتي إلى “الكيل بمكيالين” عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، التي تمت إدانتها في جرائم حرب وإبادة وميز عنصري وتشريد وتهجير قسري..إلخ.
هذا وجاءت مداخلة الأكاديمي وعميد كلية الحقوق بمراكش سابقا، الدكتور يوسف البحيري، لتزيل كل الالتباسات المفاهيمية والقانونية والقضائية، بهذا الخصوص، مستحثا بآلته الفكرية القانونية والعلمية، حدود المعرفة وتقاطعاتها في تينك الإشكاليتين: أدوار العدل الدولية والجنائية على السواء، وحالة حرب إسرائيل التي شنتها على غزة؟.
قدم الدكتور البحيري، قراءة تحليلية علمية دقيقة، حول قرار محكمة العدل الدولية بشأن دولة الاحتلال، كما هو الأمر بالنسبة “للجنائية الدولية” في التهم الموجهة لنتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت.
وقال البحيري، في السياق ذاته، إن محكمة العدل الدولية، أصدرت أوامر لإسرائيل بتجنب العمليات التي قد تفرض على الفلسطينيين في غزة ظروفاً يمكن أن تؤدي إلى تدميرها المادي – كلياً أو جزئياً. وبعبارة أخرى، حافظت المحكمة (وإن كان ذلك بصيغة غامضة) على وجود صلة واضحة بين الأمر الذي أصدرته ومضمون اتفاقية منع الإبادة الجماعية.
كما استحوذ قرار محكمة العدل الدولية، بأنه يتعين على إسرائيل الوقف الفوري لهجومها العسكري على مدينة رفح في قطاع غزة وفتح معبر رفح لدخول المساعدات الإنسانية للقطاع، وكذلك ضمان وصول أي لجنة تحقيق أو تقصي حقائق بشأن تهمة الإبادة الجماعية، على إهتمام الصحف العالمية والعربية. وعنونت الكثير منها افتتاحياتها بقرار المحكمة.
أما فيما يخص المحكمة الجنائية الدولية، فقد طلبت عن طريق المدعي العام، كريم خان، من القضاة البت بشكل عاجل في أوامر اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، وبالتحديد، أنه يحق للمحكمة مقاضاة المواطنين الإسرائيليين وليس الدولة الإسرائيلية.
كما هو بالنسبة لطلب المحكمة، من القضاة الذين ينظرون في مذكرات الاعتقال المطلوب إصدارها بحق مسؤولين إسرائيليين وقادة من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس على اتخاذ قرارهم بسرعة ودون تأخير.
وأشار البحيري، إلى أن المحكمة تتمتع بالولاية القضائية على الإسرائيليين الذين يرتكبون جرائم وحشية في الأراضي الفلسطينية، وطلب من قضاة المحكمة رفض الطعون التي قدمتها عشرات الحكومات والأطراف الأخرى.
وكان المدعي العام، قد أورد في طلبه للمحكمة “من الراسخ قانونا أن المحكمة تتمتع بولاية قضائية في هذا الموقف”، رافضا الحجج القانونية القائمة على أحكام في اتفاقيات اوسلو وتأكيدات إسرائيل بأنها تجري تحقيقات فيما يثار عن ارتكابها جرائم حرب، حسب ما ذهب إليه المحاضر.
الندوة عرفت تدخلات ضافية وهامة، أبرزها تقديمات مسيرة الجلسة، الأستاذة المحامية بشرى العاصمي، التي أولت اهتماما بليغا لشحنة القوة الداعمة للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، معتبرة أن شحنات واسعة تتساوق وأهداف منظمي أكبر الوقفات الاحتجاجية في كل المدن المغربية وقراها، على امتداد كل جهات المملكة، (تتساوق) واتساع جبهة الرفض للتطبيع، مطالبة بإسقاطه ومواجهة كل آثاره وتداعياته على الوطن والمواطنين.
فيما نادت الشاعرة والباحثة الأستاذة مالكة العاصمي، بضرورة الإسراع بتشكيل جبهة لرفض استمرار التطبيع مع الكيان، معتبرة مؤسسة المحاماة، ورواد الحقوق القانونية والدستورية، مكلفون بعمق هذه المهمة الحضارية والوطنية النبيلة.
وأشارت الشاعرة العاصمي، في معرض صمود الشعب الفلسطيني ضد إرهاب إسرائيل ودول الاغتصاب والاستعمار الجديد، إلى بروز تيارات تلفيقية ونمطية من الداخل، تحاول تشويه مسار المقاومة، وتستعيض بالاستقواء بماكينة التقتيل والبشاعة، ضدا على الأخلاق والحضارة والثقافة الإنسانية. مشددة على أنه حان الوقت لغربلة هذه “النشانش” التي تتلبس أقنعة المسخ والشذوذ وإفراغ الإنسان من قوته البصيرية، ومطالبة بتعزيز جبهة الرفض وإسقاط التطبيع إلى غير رجعة.