‏آخر المستجداتلحظة تفكير

رشيد بازي: عبد الفتاح كيليطو منقبا في لاوعي الجن والعفاريت

يرى عبد الفتاح كيليطو في معرض دراسته لإحدى حكايات “ألف ليلة وليلة”، “الصياد والعفريت” (“الحكاية والتأويل”)، بأن الثاني قرر قتل الأول الذي أخرجه من القمقم لا لشيء إلا لأنه جعله يغادر قسرا “بطن أمه” حيث كان يعيش حياة كلها “استقرار وطمأنينة وسعادة” وأذاقه مرارة “صدمة الولادة”. فليكن… وعندئذ يصبح القمقم صورة مجازية لرحم أو بطن الأم، إلا أن المثير للاستغراب هو أن كيليطيو يترك جانبا هذه المقارنة رغم أهميتها ليدفع بالقمقم في اتجاه آخر، فهو، القمقم طبعا، يشكل مع عناصر أخرى (الشبكة، الدخان، العقل، الحل والعقد، العهد، اللغز) كتلة متجانسة الرابط الوحيد الذي يجمع فيما بينها هو “الحبل”، هذا على الرغم من أنه لا أثر له في الحكاية. ولا يفوتنا أن ننوه إلى أن القمقم، طبقا لما يقوله كيليطو دائما، لا يرتبط بالحبل، الذي هو المفهوم الشامل لهذه المنظومة، بشكل مباشر ولكن عن طريق الشبكة: “القمقم شبكة أو فخ لأنه يمنع الجني الموجود فيه من الحركة. الجني لا يستطيع الخروج من القمقم، كما أن السمك لا يستطيع الإفلات من الشبكة.”

لنتصور بدورنا أن “القارئ الساذج” الذي يتحدث عنه كيليطو، يقف عند هذه المقارنة ويأخذ بها على أساس أن العفريت كان فعلا ودون أدنى شك حبيسا في القمقم، ومن ثمة فالصياد أطلق سراحه وهو يستحق أن يجازى على قدر فعله لا أن يُقتل كما قرر العفريت ذلك، سيكون حينها من الصعب على القارئ المذكور، وعلينا نحن كذلك في هذه المرحلة من القراءة، أن يستوعب جحود العفريت وقساوته على من أحسن إليه. ولنتخيل كذلك ردة فعل القارئ ذاته عندما سيلاحظ فيما بعد بأن كيليطو يحاول أن يقنعه مستندا في ذلك إلى علم النفس التحليلي، أن العفريت قرر مجازاة الصياد بالقتل لأنه أذاقه مرارة “صدمة الولادة”، بتعبير أوضح، لأنه طرده من النعيم الذي كان يتمتع به في بطن أمه، إذ سيفتر حماس قارئنا وستختلط عليه الأمور ليجد نفسه مضطرا للعمل بكل ما في وسعه ليفهم الاتجاه الذي يجب عليه السير فيه لمسايرة كيليطو في تحليلاته. فهذا الأخير يؤكد من جهة، بأن العفريت كان حبيس القمقم كما السمك في الشبكة، وينادي، من جهة أخرى، بضرورة الإنصات إلى ما يقوله علماء النفس التحليلي لتفسير قرار العفريت بقتل الصياد والتعامل مع القمقم الذي كان يُعتبر فيما سبق محبسا، على أنه يجسد بطن الأم، ما يعني طبعا جنة نعيم كل ما كان يتمنى العفريت هو البقاء فيها أبد الآبدين.

والخلل الذي يعتري تحاليل كيليطو يكمن في رغبته في تطويع النص لأسلوبه في التحليل وإخضاعه لقفزاته من مفردة إلى أخرى متوسلا بطرق ملتوية وروابط مغتصبة، قد تستدعي في بعض الأحيان الضحك بدل الاهتمام النقدي والنقاش، وأنا شخصيا كقارئ من الصعب علي أن أرافق كيليطو في أطروحته حول “صدمة الولادة” ولا أذهب أبعد مما يفعل هو ‒لأنه على الأرجح، يعرف مسبقا بأنه سيضع نفسه في موقف هزلي‒ وأعقد مقارنة بين القمقم وبطن الأم، أم العفريت طبعا، ولا يسرح خيالي، وأنا أقاوم رغبة ملحة في الضحك، ليرسم صورة واضحة لهذه الأم التي كانت تحمل في أحشائها العفريت. أليس من المنطقي أن نقارن القمقم، لا من حيث الشكل ولا من حيث المضمون، بالبطن أو الرحم، بدل أن نربطه بالحبل عن طريق الشبكة؟

وما كان للنقاش أن يصل إلى هذا المستوى من الميوعة لو أن كيليطو كان على وعي بالشكل المطلوب بأن قراءتنا لهذا المقطع لا يمكن لها أن تستقيم إلا بوضعه في سياقه العام. لنرجع إلى نص الحكاية مع بعض التصرف وطبقا للرواية نفسها التي يعتمدها الكاتب: يفتح الصياد القمقم الذي وجده داخل الشبكة فيخرج منه عفريت “[…] فلما سمع المارد كلام الصياد قال لا إله إلا الله أبشر يا صياد، فقال الصياد بما تبشرني؟ فقال بقتلك في هذه الساعة أشر القتلات”.  وعندما يحتج الصياد على هذا القرار يجيبه العفريت بأن النبي سليمان أمر بحبسه في هذا القمقم وإلقائه في البحر، ثم يسترسل قائلا: “فأقمت مائة عام وقلت في قلبي كل من خلصني أغنيته إلى الأبد فمرت المائة عام ولم يخلصني أحد ودخلت علي مائة عام أخرى فقلت كل من خلصني فتحت له كنوز الأرض، فلم يخلصني أحد فمرت علي أربعمائة عام أخرى، فقلت كل من خلصني أقضي له ثلاث حاجات، فلم يخلصني أحد، فغضبت غضبا شديدا وقلت في نفسي كل من خلصني قتلته […]”. لنلاحظ إذن بأن العفريت يقول: “فغضبت غضبا شديدا وقلت في نفسي كل من خلصني قتلته”. صحيح أن كيليطو ينتبه إلى هذه الملاحظة ويشير إليها في الموجز الذي يقدمه للحكاية (“ومع مرور الزمن احتدم غضب الجني فقرر أن يقتل الشخص الذي يخلصه”) إلا أنه يلقي بها جانبا ويتناسى بأن نص الحكاية يروي لنا كيف أن العفريت قال في نفسه ثلاث مرات قبل ذلك بأنه سيكافأ كل من خلصه، وعليه، فهو يفيدنا أن عزمه على قتل الصياد لم يكن نابعا من رغبته في عقابه لأمر ما، ولكن لأن خيبة أمله في المرات الثلاث السابقة وتراكم الإحباطات جعلاه يكن حقدا دفينا على الآخرين الذين تخلوا عنه والرغبة في الانتقام منهم بقتل أول شخص يأتي فعلا ليخلصه من القمقم.

وهذا الارتباط العضوي بين اللحظات الأربع هو الذي يشكل حجر الزاوية للقراءة التي قام بها عالم النفس التحليلي النمساوي برونو بيتلهايم للحكاية والفقرة اللتين نحن بصددهما. وللتذكير، فبيتلهايم من أقطاب علم النفس التحليلي ومتخصص لا يشق له غبار في مجال الحكاية الشعبية. وبخلاف كيليطو الذي يركز اهتمامه على قرار العفريت الأخير بقتل محرره، فبيتلهايم يعالج القرارات الأربع التي يتخذها (طبقا للثلاثة الأولى فهو يلزم نفسه بمكافأة من يحرره من القمقم وللرابع بأن يقتله) على أنها مجموعة متكاملة، ويحللها استنادا إلى الأطروحة الرئيسة التي يعتمدها في مقاربته لجميع الحكايات الشعبية مهما اختلفت أصولها الثقافية وتنوعت، ألا وهي تماهي الحكاية مع الطفولة.

بعبارة أوضح، وطبقا لتحليل بيتلهايم، فالعفريت لا يتصرف كالكبار الذين، لو كانوا مكانه، لضاعفوا المكافأة كلما طالت مدة سجنهم بحيث إن محررهم بعد مئات السنين من الانتظار سيفوز بمكافأة أكبر بكثير من تلك التي كان سيحظى بها لو حررهم بعد مدة مائة عام فقط. وعندما نهتم بالطفل بتركيبته النفسية الخاصة سنجد بأن ردود فعله عندما يجد نفسه في وضعية يحس فيها عادة بأن الكبار “تخلوا عنه” وتركوه ينتظر، تماثل ما لاحظناه عند عفريت “ألف ليلة”. فهو في بادئ الأمر يسلي نفسه باستباق اللحظة التي ستأتي فيها أمه التي غابت عنه أو تلك التي سيكون بإمكانه الخروج أخيرا من غرفته التي مُنع من مغادرتها، وبالتفكير مسبقا في الإحساس بالسعادة العارمة الذي سيغمره عندئذ، “وإذا طال الانتظار وبمرور الوقت فإن إحساسه بالغضب يتقوى إلى درجة يبدأ معها في التفكير في أنواع العقاب التي سيلحقها بالكبار انتقاما منهم لما سببوه له من أحاسيس مريرة بالإحباط والخذلان.”([1])

فرضية بيتلهايم المحورية التي تربط الحكاية الشعبية بالطفولة قابلة للنقاش والنقد، على اعتبار أنه يبني تحليلاته على ما عاينه في المجتمعات الغربية الحالية من انحسار الرقعة التي تحتلها الحكاية الشعبية لتدخل نهائيا في خانة “أدب الأطفال”. أقول “الحالية” وأشدد عليها، ففي الماضي وفي الغرب كذلك كان هذا الصنف من السرد حكرا على الكبار الذين ‒وفقا لما توصل إليه المؤرخ الفرنسي فيليب أرييس من نتائج في بحثه عن وضعية الطفل في “النظام القديم”(من أواخر القرن السادس عشر إلى الثورة الفرنسية)‒ تجاوزوه ليتركوه للأطفال والقول ذاته يصدق على ظواهر اجتماعية أخرى كالألعاب، وذلك لأن مفهوم الطفل لم يكن يمثل في عقلية الكبار عصر ذاك مخلوقا مستقلا له احتياجات وميول خاصة، فهو كان يعتبر مجرد صيغة مصغرة للكبار. ولكن أن تصبح نظرية ما محل نقاش وأخذ ورد شيء، وأن تبدو من الوهلة الأولى هشة ومرتجلة هذا شيء آخر.

ومهما يكن الأمر، فمن الصعب على المطلعين المتمرسين مرافقة كيليطو في تحليلاته عندما يقول بأن العفريت قرر قتل الصياد لأنه بإخراجه من القمقم لم يفعل شيئا آخر سوى طرده من السعادة التي كان يتمتع بها وهو في بطن أمه وإذاقته مرارة “صدمة الولادة”. وذلك على اعتبار أن المطلعين ذاتهم يعرفون بأن تفسير كيليطو المؤسس على إحالة إلى علم النفس التحليلي اختزالي وتبسيطي إلى حد كبير، فمفهوم “صدمة الولادة” خضع منذ بلورته في أواسط العقد الثالث من القرن المنصرم على يد إوتو رانك إلى مراجعات عميقة بحيث لا يمكن التفكير في استثماره دون الرجوع إليها، وأهمها أن الأبحاث التي أجريت على الجنين وهو في بطن أمه برهنت على أنه يتفاعل ويتأثر بمشاعر أمه ومختلف التجارب التي تمر بها حتى عندما تكون مريرة وتتخذ شكل معاناة أليمة. بتعبير آخر، فالذهاب إلى حد القول بأن بطن الأم يشكل جنة نعيم يتمتع فيها الجنين بسعادة وطمأنينة دائمتين يبقى في الختام مجرد تصور رومانسي عفا عليه الزمن.

لا شك أن لأي باحث، خاصة عندما يكون بقيمة ومستوى كيليطو، الحق في استعمال مفاهيم علم النفس التحليلي، أو أي مجال معرفي آخر، ولكن شريطة أن ينحاز على نحو جازم لأحد الخيارين: إما أن يعمل مسبقا على معالجتها، دون انتزاعها قسرا من المنظومة النظرية التي ترتبط بها على نحو مباشر وأساسي وعضوي، لتسويغ استعماله لها والمنافحة عن مشروعيتها، أو يعلن صراحة، كما يفعل رولان بارت في دراسته لأقصوصة بلزاك (S/Z)، بأنه يفرغها من محتواها الأصلي لاستعمالها وفقا لمستلزمات الأسلوب الخاص الذي يتبعه في مقاربة النصوص.

ملاحظتان اثنتان لا يمكن تخطيهما وتجاهلهما للسير قدما وعلى نحو محكم في الموضوع الذي بين أيدينا. الأولى تتعلق بالحكاية الشعبية بصفة عامة: عندما نركز تحليلنا كما يفعل كيليطو على المستوى الحرفي للنص ونعتمد في بلورة مقاربتنا على المصطلحات ودلالاتها الاشتقاقية نحكم على بحثنا بالنسبية. فعلى الرغم من أن كيليطو لا يذكر اسم الطبعة التي اعتمد عليها في دراسته لحكاية “الصياد والعفريت” فالاستشهادات الحرفية التي يسوقها لتعزيز تحليلاته لا تترك مجالا للشك في أنه يحيل إلى طبعة بولاق المصرية المؤرخة ب1252هـ/ 1835م، والتي لم يفت محسن مهدي الذي اهتم بالتنقيب عن النصوص الخطية الأولى ل”ألف ليلة” والمقارنة بينها، أن يلاحظ بأن الطبعة المذكورة بعيدة لا من حيث الشكل ولا من حيث المضمون عن المصادر الخطية الأولى. ولنا أن نتساءل: كيف ستكون النتائج التي سيصل إليها الدارس للحكاية نفسها كما وردت في مخطوطات أخرى؟ ألا يحق لنا أن نتساءل عما إذا كان القالب اللغوي، الذي يجعل منه كيليطو حجرة الزاوية لقراءته، للطبعة المشار إليها هو فقط من صنع المحرر، وهو الشيخ المصري الذي لم يفكر في جمع حكايات “ألف ليلة” في مجلدين اثنين والتصرف فيها إلا نزولا عند رغبة أحد الزوار الأجانب؟ والمثير للانتباه هو أن كيليطو نفسه يبدي اهتماما بهذه النقطة عندما يلاحظ بنبرة لا تخلو من تأسف كيف أن محرر الطبعة التي سبق وأشرنا إلى أنه يعتمد عليها في دراسته لحكاية “ألف ليلة”، طبعة بولاق المصرية، اعتقد بأنه سيكون من الأفضل أن يعيد صياغة النص وصبه في قالب لغوي رفيع قبل نشره(2).

وعلى ما يبدو فكيليطو يتغاضى تماما عن مسألة التباينات العميقة التي توجد بين مختلف المخطوطات والطبعات والترجمات المتعلقة ب”ألف ليلة”، ولا أدل على ذلك من أنه يحيل إلى ترجمة الفرنسي جوزيف شارل ماردرو كما لو كانت تساوي من حيث القيمة الطبعات والترجمات الأخريات، الترجمة ذاتها التي يتفق المتخصصون على أنها مجرد خدعة لجأ إليها ماردرو لفرض نفسه في الفضاء الثقافي لعصره (بداية القرن المنصرم)، فالمخطوط العربي الجديد الذي ادعى أنه اكتشفه لا وجود له بالمرة. ومهما يكن الأمر فلقد تبين فيما بعد بأن مادة النص الذي نشره مستقاة من مختلف الطبعات الأخرى المعروفة ل”ألف ليلة”، من جملتها طبعة بولاق، بالإضافة إلى حكايات أخرى مأخوذة من مصادر لا علاقة لها بالمجموعة العربية، ناهيك عن التعابير الجنسية التي لم يتوانى المترجم ذاته عن تطعيم ترجمته بها لدغدغة حواس قرائه الفرنسيين ولتعميق الصورة التي انطبعت في مخيلهم عن “ألف ليلة” كنص “إباحي”.

الملاحظة الثانية تخص بالتحديد مدى تناسق وتماسك القراءة التي يعتمدها كيليطو في تناوله لحكاية “الصياد والعفريت”. لا نأتي بجديد إذا لاحظنا بأن تحليله ينطلق من المستوى النصي للعمل الحكائي ليتجاوزه ويغوص منقبا عما يختفي وراء المفردات من دلالات ومعانࣲ تقتضي معالجة خاصة لاستنطاقها ورصد الروابط الدقيقة التي تشد فيما بينها والجسور الخفية التي تسهل المرور منها لاستكشاف نصوص أخرى منها ما يضرب بجذوره في عمق الأساطير الإغريقية. وما يزيد هذه المقاربة ترسخا هو توسل الكاتب بمفردات مستعارة من علم النفس التحليلي، على اعتبار أنها تمكن النص قيد الدراسة من تجاوز الصعيد العلوي الواعي والانفتاح على عالم اللاوعي. فإذا كان كيليطو على قناعة تامة بمشروعية النهج الذي يتبعه فلماذا يستهل قراءته بالحديث عن “مؤلف” الحكاية والتأكيد أن لا سبيل إلى معرفة هويته ووضع اليد عما “يقصده” (من البديهي أن القصدية تفترض الوعي) والتأسف على استحالة وضع الحكاية في “سياقها التاريخي”. وهل من المؤكد أن دراسات علماء النفس التحليلي، على اختلاف مدارسهم واهتماماتهم، لا تستقيم إلا بإسنادها إلى سياقات تاريخية؟ “اللاتوقيت”، هذا بالضبط ما يعيبه عبد الله العروي عن القراءة الفرويدية للتاريخ، ولا يسعنا وفي حدود معرفتنا بكتابات فرويد إلا أن نضم صوتنا فيما يتعلق بهذه النقطة بالذات، إلى صوت العروي.

علاوة على ذلك، هل من سبيل إلى تحديد هوية “مؤلف” الحكاية، خاصة وأن كيليطو نفسه يقر بأن مدة الحكاية تختلف حسب الحكواتيين، إذ نراه يقول: “كل واحد [من الحكواتيين] يتملك الحكاية ويطبعها بطابعه الشخصي من خلال طريقته في التفصيل انطلاقا من تصميم أولي معين. الإضافات والإسهابات والإطنابات والتوقفات والاستطرادات والعبارات التشفعية وتنويع الصوت والإلقاء والإيماءات وتعابير الوجه والخطابات الموجهة إلى الجمهور: تلك هي بعض الطرق التي تسمح، من جهة، بتأخير النهاية، ومن جهة ثانية تبين أن السرد ابتكار جديد للحكاية (خط التشديد مني). لكن هذا ليس ممكنا بطبيعة الحال، إلا في سياق الشفهية، يعني عندما لا تكون هناك نسخة معترف بها ونهائية من الحكاية.” (“العين والإبرة”). فليكن… وبما أن كل حكواتي يعيد صياغة الحكايات من جديد، فما الجدوى من الحديث عن “مؤلف”؟ ربما قد يذهب كيليطو إلى القول بأن الأمر يتعلق هنا حصريا بالحكايات المتداولة شفويا والتي لا توجد نصوص خطية قارة لها معترف بها، وهل توجد نصوص خطية موحدة تحظى باتفاق الجميع ل”ألف ليلة”؟ والأهم من هذا وذاك هو أن تدوين الحكاية وتسطيرها شيء، وتجريدها جذريا من مكوناتها الشفوية شيء آخر. وعليه، فتحليلات كيليطو تبقى في الأخير مجرد محاولة هشة لسحب ما توصل إليه الباحثون الغربيون، رولان بارت بشكل رئيس، في دراستهم للنص الأدبي على الحكاية الشعبية دون الاكتراث بما يشكل العنصر المؤسس لها كصنف سردي مستقل، أي الشفوية.

Bruno Bettelheim, Psychanalyse des contes de fées, trad. Théo Carlier, Robert Laffont, coll. « Pocket”, 1976, p. 49.
Les Arabes et l’art du récit : une étrange familiarité, Paris, Actes Sud, coll. « Sindbad », 2009, p. 134, note 1. إقرأ المزيد : https://al3omk.com/1019325.html

‏مقالات ذات صلة

Back to top button