‏آخر المستجدات‏المرأة وحقوق الانسان

مراكش: لقاء موسع لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي على ضوء الزلازل وتغير المناخ

في إطار حملة الـ 16 يومًا العالمية لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، ينظّم برنامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية الدامجة لجهة مراكش آسفي (ISED-MS)، بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ، لقاء موسعًا بمشاركة فاعلين محليين وممثلين عن المجتمع المدني، تحت شعار “الاستجابة وإعادة البناء”، وذلك يوم الإثنين 9 دجنبر 2024 بمركز الندوات التابع لجامعة القاضي عياض بمراكش.
يأتي هذا اللقاء في سياق تعزيز استجابة المجتمع لآثار العنف القائم على النوع الاجتماعي، خاصة في حالات الطوارئ الطبيعية مثل الزلازل وتغير المناخ، وذلك لتعزيز الوعي بالتحديات التي تواجه الفئات الهشة، لاسيما النساء والفتيات، في حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية، وتبادل الخبرات والمعارف، والتداول حول الحلول المبتكرة للتخفيف من آثار العنف القائم على النوع الاجتماعي، بالإضافة إلى بناء قدرات الفاعلين المحليين، وتعزيز التعاون والشراكات، في أفق فتح آفاق التعاون بين الجهات الحكومية، المجتمع المدني، والمؤسسات الدولية لتقديم استجابة متكاملة ومستدامة.
يشمل برنامج هذه التظاهرة الموسعة ورش عمل توعوي، وشهادات حية، يشارك فيها متضررون من أحداث زلزال الحوز، من خلال لقاءات تفاعلية تجمع بين الفاعلين المحليين والمجتمع المدني.

جدير بالذكر يسعى برنامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية الدامجة لجهة مراكش آسفي إلى تحسين جودة الحياة وتعزيز الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للفئات الهشة من خلال شراكات استراتيجية مع الجهات المحلية والوطنية، بهدف مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها الفئات الأكثر تضررًا.

وجاء في ورقة اللقاء، المعنون ب”التصدي للعنف مسؤوليتنا جميعاً”:

حملة الـ 16 يومًا من الفعاليات المناهضة للعنف القائم على النوع الاجتماعي هي حملة دولية سنوية يدعمها المجتمع المدني الدولي وينظمها مركز القيادة العالمية للمرأة. يشارك برنامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية الدامجة لجهة مراكش آسفي ISED-MS ، وهو برنامج للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تنفذه شركة Deloitte، في هذه المبادرة من خلال التركيز على” مُناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي في سياق حالات الزلزال وتغير المناخ، بالتعاون مع مجلس جهة مراكش-آسفي.

يُعرَّف العنف القائم على النوع الاجتماعي بأنه” أي فعل من أفعال العنف الموجه ضد الجنس الأنثوي الذي ينتج عنه أو من المحتمل أن ينتج عنه أذى، أو معاناة جسدية، أو جنسية، أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد بهذه الأفعال أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية سواء حدث هذا في الحياة العامة أو الخاصة“. في المغرب، يعرف القانون رقم 103.13 المتعلق بمُناهضة العنف ضد المرأة، (يعرف) العنف بأنه” كل فعل أو امتناع مادي أو معنوي قائم على التمييز على أساس الجنس يترتب عليه ضرر جسدي، أو نفسي، أو جنسي، أو اقتصادي للمرأة“.

على الرغم من هذه الحماية القانونية على المستوى الوطني والدولي، لا يزال العنف ضد النساء، في المغرب والعالم، ظاهرة واسعة النطاق وتبقى انتهاك حقوق الإنسان الأكثر انتشارًا وأحد أشكال التمييز القائم على النوع الاجتماعي. الأرقام مهولة: في جميع أنحاء العالم، تعرضت حوالي 736 مليون امرأة – أي ما يقرب من واحدة من كل ثلاث نساء – للعنف الجسدي و/أو الجنسي من شريك حميم، أو العنف الجنسي من شريك آخر، أو كليهما، مرة واحدة على الأقل في حياتهن.  في المغرب، أظهرت دراسة وطنية حول العنف ضد النساء، أجرته المندوبية السامية للتخطيط في عام 2019، أن ما يقرب من 54% من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 18 و64 عامًا تعرضن لشكل واحد على الأقل من أشكال العنف في حياتهن.  يتخذ العنف ضد المرأة عدة أشكال، بما في ذلك العنف الأسري والتحرش الجنسي والاعتداء الجنسي والعنف النفسي. وينتشر العنف المنزلي بشكل خاص، وغالباً ما يرتكبه الشركاء الحميمون أو أفراد الأسرة. 

وفي سياقات الزلزال وتغير المناخ، يتخذ العنف بعدًا أكثر خطورة وإثارة للقلق. فهو يتجلى في جميع أشكاله – الجسدية، والجنسية، والنفسية، والاقتصادية. وغالبًا ما تؤدي حالات سياقات الزلزال وتغير المناخ إلى تفاقم عوامل خطر العنف ضد المرأة، مثل الفقر، وعدم الحصول على التعليم والخدمات الصحية، وانعدام الحماية القانونية.  ووفقًا للأمم المتحدة، فإن 70% من النساء في سياقات حالات الطواري ضمنها الزلزال وتغير المناخ لا يحصلن على الرعاية الصحية الإنجابية، مما يعقد وضعهن بعد تعرضهن للعنف. تعاني 70٪ من النساء من العنف، مقارنة بـ 35٪ في بقية أنحاء العالم، ويتم تخصيص 1٪ فقط من التمويل الإنساني العالمي خصيصًا للوقاية ومواجهة العنف ضد المرأة في سياقات الطواري وضمنها الزلزال وتغير المناخ.

على سبيل المِثال، يؤدي تغير المناخ إلى زيادة الكوارث الطبيعية والنزوح والهجرة، مما يعرض النساء لمخاطر عنف أكبر، بما في ذلك العنف الاقتصادي، وتتفاقم هذه المخاطر بسبب فقدان شبكات الدعم والموارد. ويزيد التدهور البيئي وندرة الموارد الطبيعية مثل المياه والأراضي من حدة التنافس على هذه الموارد، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات والنزاعات، وغالباً ما يكون ذلك على حساب المرأة.  ووفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، فإن 80% من النازحين بسبب تغير المناخ هم من النساء.  ووفقاً للبنك الدولي، يمكن أن ينزح ما يصل إلى 143 مليون شخص بحلول عام 2050 بسبب آثار تغير المناخ، مع عواقب غير متناسبة على النساء، مما يزيد من تعرضهن للعنف. وقد أشارت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة إلى أن النساء يمثلن حوالي 43% من القوى العاملة الزراعية في البلدان النامية، مما يؤثر بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي للمرأة.

في المغرب، تتشابه حالة العنف ضد المرأة، مع تلك التي لوحظت في مناطق أخرى من العالم، لا سيما في الطواري، سواء كانت مرتبطة بالكوارث الطبيعية- زلزال 08 سبتمبر- أو آثار تغير المناخ أو جائحة كوفيد-19، على الرغم من أن المغرب له خصوصياته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية الخاصة به.

إن الأزمة الصحية التي سببتها جائحة كوفيد-19 والتدابير التي اتخذتها الحكومة للحد من انتشارها، لا سيما تدابير الحجر الصحي فاقمت من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية.  فوفقًا لدراسة أجراها اتحاد الجمعيات النسائية الديمقراطية، ارتفعت حالات العنف الأسري بنسبة 31% خلال فترة الاحتواء وحالة الزلزال وتغير المناخ الصحية، وذلك بسبب الضغط الاقتصادي وتزايد التوترات الأسرية، علمًا بأن الفضاء الأسري هو الأكثر اتسامًا بالعنف، كما أعلنت المندوبية السامية للتخطيط، سنة 2019. كما كشفت دراسة للمرصد الوطني لحقوق الإنسان عن زيادة الاتصالات بخطوط المساعدة الهاتفية الخاصة بالعنف ضد المرأة خلال فترات الحجر الصحي.

على مستوى جهة مراكش آسفي

في غياب معطيات وبيانات خاصة عن العنف ضد المرأة في سياقات الزلزال وتغير المناخ في جهة مراكش آسفي، من المهم الإشارة إلى المؤشرات التي لوحظت على الصعيد الدولي تتشابه بشكل لافت للنظر مع ديناميكيات العنف ضد المرأة في سياقات الزلزال وتغير المناخ، سواء كانت طبيعية أو اجتماعية في الأصل، في جميع أنحاء العالم. يمكن أن تواجه النساء في هذه المنطقة، كما هو الحال في أي مكان آخر، زيادة التعرض للعنف بجميع أشكاله، سواء كان جسديًا، أو جنسيًا أو نفسيًا أو اقتصاديًا.

يُظهر زلزال الحوز الذي وقع في 8 سبتمبر 2023 هشاشة المرأة في مواجهة الكوارث. لقد أعاد قضية عدم المساواة بين الجنسين إلى الأضواء من جديد. وعلى الرغم من أن البيانات المحددة عن الزيادة في العنف ضد المرأة في أعقاب الزلزال لا تزال قيد التحصيل، إلا أن منظمات حقوق المرأة والوكالات الإنسانية قد أبلغت عن مخاوف بشأن أمن النساء في مخيمات النازحين والمآوي المؤقتة. فالنساء لا يحصلن على الخدمات الصحية والموارد الاقتصادية إلا بشكل محدود، مما يفاقم من ضعفهن. وهن أول المتضررات من عواقب الزلزال بسبب دورهن التقليدي في الأسرة وخصوصا الدور الاقتصادي. كما قد تكون التوترات المتزايدة في المجتمع المتضرر عاملاً يفاقم من ضعفهن.

سياق الجفاف وندرة المياه: على الرغم من أهمية الموارد المائية المتوفرة (حوض تانسيفت الهيدروليكي الكبير وجزء من حوض أم الربيع)، تعاني منطقة مراكش آسفي من إجهاد مائي بسبب تأثير تغير المناخ وتلوث المياه وزيادة الطلب الناتج عن النمو الديموغرافي والتنمية الاقتصادية والاستغلال المفرط للمياه الجوفية وفقدان سعة تخزين السدود من خلال الترسبات.

يمكن أن يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم نقص المياه نتيجة لارتفاع درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار. ويمكن أن يكون لهذا الانخفاض عدد من الآثار السلبية، بما في ذلك الخسائر الاقتصادية الكبيرة في القطاعات التي تعتمد على المياه مثل الزراعة، حيث تشكل النساء 40 في المائة من القوى العاملة التي تلعب دوراً محورياً في إدارة الموارد المنزلية والزراعية.

وبالإضافة إلى ذلك، لا تراعي الاستجابات لحالات الزلزال وتغير المناخ دائمًا الاحتياجات الخاصة بالنساء، مما قد يؤدي إلى تفاقم ضعفهن. وعلى الرغم من أن برامج المساعدات الإنسانية في المغرب ضرورية لبقاء السكان المتضررين على قيد الحياة، إلا أنها غالبًا ما تفتقر إلى منظور النوع الاجتماعي.

يعمل مجلس الجهة، من خلال مواكبة ISED-MS، على تطوير فكرة إنشاء صندوق استثماري يدعم المبادرات التي تخفف من وطأة الوضع وتعزز قدرتها على الصمود. يمكن لصندوق الاستثمار أن يدعم تركيب أنظمة ري موفرة للمياه، وبناء الآبار وتعزيز تقنيات تجميع مياه الأمطار.

وفي الوقت نفسه، يمكن تشجيع التعاونيات النسائية على تطوير خبراتهن وإيجاد مصادر دخل بديلة. وأخيراً، فإن الحصول على المساعدات أو القروض الصغيرة لتمويل الحلول المبتكرة يمكن أن يوفر لهن استقلالية اقتصادية واجتماعية أكبر في سياق بيئي صعب. ومن شأن هذه الإجراءات المتكاملة أن تهيئ النساء بشكل أفضل لمواجهة تحديات الجفاف وتغير المناخ، مع تعزيز دورهن داخل مجتمعاتهن.

ولمعالجة هذا الوضع، يهدف برنامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية الدامجة لجهة مراكش آسفي إلى دعم التنمية المحلية المستدامة والدامجة والمرنة. وتعد المساواة بين الجنسين وإدماج الفئات السكانية الضعيفة عنصرين أساسيين وشاملين في برنامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية الدامجة لجهة مراكش آسفي. ويعزز البرنامج في جميع مكوناته تمكين المرأة، سواء من خلال أنشطته الخاصة أو تلك التي ينفذها شركاؤه.

وفي المناطق المتضررة، دعم البرنامج سبع جمعيات محلية لتنفيذ تدخلات مجتمعية للفتيات والنساء والشباب المتضررين. ركزت الأنشطة الرئيسية المنفذة على:

  • التماسك الاجتماعي من خلال أنشطة رعاية النساء ضحايا العنف والدعم النفسي والاجتماعي وبناء قدرات الشباب في أعقاب الزلزال من خلال الفن والثقافة.
  • تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للنساء والشباب من خلال بناء القدرات في مجال ريادة الأعمال وقابلية التشغيل
  • حل النزاعات: لعب البرنامج دوراً رئيسياً في حل العديد من النزاعات الأسرية بين الرجال والنساء. وقد ركز البرنامج بشكل خاص على إشراك الرجال في فهم وحل المشكلات، لا سيما تلك المتعلقة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي.

‏مقالات ذات صلة

Back to top button