كشفت دراسة أمريكية حديثة عن أنه من الممكن لفيروس كورونا، الذي يسبب الإصابة بـ”كوفيد -19″، أن ينتشر في غضون أيام من القنوات الهوائية إلى القلب والدماغ، وإلى كل أجهزة الجسم تقريبا، حيث قد يستمر وجوده لأشهر عديدة، حسب ما ذكرته وكالة “بلومبرج” للأنباء في تقرير للكاتب جاسون جيل.
وذكر جيل أن العلماء في معاهد الصحة الوطنية الأمريكية قالوا، فيما وصفوه بأنه التحليل الأكثر شمولا حتى الآن لتوزيع الفيروس واستمراره في الجسم والدماغ، إنهم وجدوا أن مسبب المرض قادر على التكاثر داخل الخلايا البشرية خارج الجهاز التنفسي.
وتشير نتائج الدراسة، التي نُشرت على الإنترنيت السبت في مخطوطة مازالت قيد المراجعة للنشر في دورية “نيتشر” العلمية، إلى تأخر عدم وجود الفيروس كمساهم محتمل في الأعراض المستمرة التي تدمر من يطلق عليهم اسم ” الذين يعانون من مرض كوفيد منذ فترة طويلة”.
وقال معدو الدراسة إن فهم الآليات التي يتمكن الفيروس من البقاء بسببها، إلى جانب رد فعل جسم الإنسان تجاه أي مخزون فيروسي، يحمل وعدا بالمساعدة في تحسين رعاية المصابين بالفيروس.
وعلق زياد العلي، خبير علم الأوبئة السريرية في ولاية ميسوري الأمريكية، الذي قاد دراسات منفصلة حول الآثار طويلة المدى لمرض “كوفيد -19″، بالقول: “إنه عمل مهم للغاية”، مضيفا: “نتساءل منذ فترة طويلة ونحاول أن نفهم لماذا يبدو أن مرض “كوفيد طويل الأجل” يؤثر على العديد من أجهزة الجسم”.
وأوضح الخبير ذاته أن “هذه الدراسة تسلط بعض الضوء على سبب استمرار مرض “كوفيد طويل الأجل” لدى الأشخاص الذين يعانون من أعراض إصابة خفيف أو الذين لا يعانون من أعراض، وقد تساعد في تفسير ذلك”.
ولم يقم علماء مستقلون بعد بمراجعة نتائج الدراسة التي تستند في الغالب إلى بيانات تم جمعها من حالات “كوفيد” خطيرة، وليس من مرضى يعانون من “كوفيد طويل الأجل” أو من “مضاعفات حادة بعد الإصابة بـ”سارس-كوف-2″، حسب ما يطلق على مرض كوفيد-19 أيضا.
ويشار إلى أن ميل فيروس كورونا إلى إصابة خلايا موجودة خارج القنوات الهوائية والرئتين يعد محل خلاف، حيث قدمت العديد من الدراسات أدلة تؤيد هذه الاحتمالية وتعارضها أيضا.
ويعتمد البحث، الذي تم إجراؤه بالمعاهد الوطنية للصحة في منطقة بيثيسدا بولاية ميريلاند الأمريكية، على أخذ عينات وإجراء تحليلات على نحو مكثف للأنسجة التي تم أخذها أثناء تشريح جثث 44 شخصا لقوا حتفهم إثر إصابتهم بفيروس كورونا خلال العام الأول من تفشي الوباء في الولايات المتحدة.
ومن جانبه، كتب دانييل تشيرتو، الذي يدير قسم مسببات الأمراض الناشئة في المعاهد الوطنية للصحة، وزملاؤه، أن عبء حدوث إصابة خارج الجهاز التنفسي ووقت التخلص من الفيروس لم يتم تحديده بصورة جيدة، ولا سيما في الدماغ.
واكتشفت المجموعة استمرار وجود الحمض النووي الريبوزي لفيروس “سارس-كوف-2” في أجزاء متعددة من الجسم، ومن بينها أجزاء في أنحاء الدماغ، لمدة تصل إلى 230 يوما بعد ظهور الأعراض. وقالوا إن ذلك قد يمثل عدوى بفيروس معيب، وهو ما تم وصفه في العدوى المستمرة بفيروس الحصبة.
وعلى عكس أبحاث تشريح الجثث الأخرى المصابة بمرض “كوفيد”، كانت مجموعة الأنسجة التي تم جمعها بعد الوفاة من أجل الدراسة التي أجراها الفريق الخاص بالمعاهد الوطنية للصحة أكثر شمولا وحدثت عادة في غضون يوم تقريبا من وفاة المريض.
كما استخدم باحثو المعاهد الوطنية للصحة مجموعة متنوعة من تقنيات حفظ الأنسجة للكشف عن المستويات الفيروسية وتحديد كميتها، بالإضافة إلى نمو الفيروس الذي تم جمعه من أنسجة متعددة، تتضمن الرئة والقلب والأمعاء الدقيقة والغدة الكظرية من مرضى كوفيد المتوفين خلال الأسبوع الأول من المرض.
وقال واضعو الدراسة: “تُظهر نتائجنا بشكل جماعي أنه في حين أن القدر الأكبر لـ “سارس-كوف-2″ يوجد داخل القنوات الهوائية والرئة، إلا أنه يمكن للفيروس أن ينتشر في وقت مبكر أثناء العدوى، وأن يصيب الخلايا في أنحاء الجسم، ومن بينها جميع أنحاء الدماغ، على نطاق واسع”.
ويفترض الباحثون أن العدوى التي تصيب الجهاز الرئوي قد تنتج عن مرحلة مبكرة من المرحلة “الفيروسية”، حيث يكون الفيروس موجودا في مجرى الدم ويتم نشره في أنحاء الجسم، التي تتضمن أنحاء الحاجز الدموي الدماغي؛ وذلك حتى في المرضى الذين يعانون من أعراض خفيفة أو لا يعانون من أي أعراض.
د ب أ (الصورة من الأرشيف)