‏آخر المستجداتلحظة تفكير

د نور الدين العوفي: فلسطين، هي اليوم التالي

أخيرا بدأ طوفان الأقصى يفيض على منظمة التحرير الفلسطينية. أول الرذاذ: المؤتمر الوطني الفلسطيني الأول الذي ينعقد أيام 17 / 19 فبراير 2025 تحت شعار “الدعوة لبناء منظمة التحرير الفلسطينية على أساس وحدوي، ديمقراطي، يشمل جميع القوى السياسية والهيئات الأهلية والمدنية والاقتصادية الفاعلة”، وإعداد “مرجعية سياسية موحدة” على مبادئها تتشكل “حكومة متوافق عليها” لتدبير مرحلة ما بعد العدوان على غزة والضفة الغربية. الوحدة الفلسطينية هي “الفريضة الغائبة” التي في غيابها، خاصة منذ طوفان الأقصى، تمكَّن الاحتلال من التغول، والتوحش، واقتراف الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، والفصل العنصري، والتهجير وهو مطمئن البال من جهة الجسم الفلسطيني المنقسمة فصائلُه، والموزعة مواقفُه بين من لا يرى سوى “أوسلو” طريقاً سالكاً، ومن لم يعد يجد أمامه سوى المقاومة سبيلا نحو التحرير، ونحو القدس. قضية فلسطين تختزل المعادلة المفارقة : من جهة، تسوية ناعمة، لكن على الفلسطينيين أن يروها بعيدة، وأن ينتظروا لتحقيقها “كودو” الذي قد يأتي، أو لا يأتي. من جهة ثانية، مقاومة مقاتلة، إلا أن من يجترحها هو، في “قانون” الغرب، يجترح الإرهاب. لم تشذ السلطة الفلسطينية عن هذا “القانون” الكاذب، والمخاتل، إذ سوَّت بين الاحتلال والمقاومة، وحمَّلتها أوزار الدمار والخراب. صمد خيار المقاومة المقاتلة، وسقط رهان المقاومة الناعمة و”الكيوت”. استفاقت الجامعة العربية أخيراً من غطيطها الضاجّ، وليتها غرقت في نومها، وطلبت من حماس “التنحِّي” من غزة في “اليوم التالي”. سكتت ألفاً، ونطقت خلفاً. “نحن اليوم التالي” تقول حماس، وفي هذا “النحن” تندرج كافة الفصائل المكونة لمنظمة التحرير الفلسطينية، بلا استثناء، موحدة على خيار واحد هو خيار المقاومة، المقاومة بكافة أشكالها التي يشرع لها الحق، والعدل، والقانون. “اليوم التالي” هو لمن مهَّد له بالصمود، والتضحية، وبمجابهة القوة بالقوة. هذه الحقيقة ساطعة كالشمس، ولا يخفيها غربال الوعي المنهزم. الوحدة قوام القوة، بالنسبة إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وبالنسبة إلى أعماقها العربية. هي وحدة واحدة، وحدة أصلية، مصيرية، حضارية لمتعدد مستكين للغرب الاستعماري، وللمشروع الصهيوني الذي ما طفق يعيد إنتاج أسباب تصدُّعه، ويرسم ملامح شرق أوسط يُمسي فيه العربُ أثراً بعد عين.

“إن لم يتصدَّ العرب للمشروع الصهيوني المتمدد، فسيقولون يوماً : أُكِلْنا يوم أُكِلتْ غزة!” (الطاهر لبيب).

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button