‏آخر المستجداتلحظة تفكير

محمد أقديم: الساعة القانونية (GMT+1) بين التكلفة الاقتصادية والتكلفة النفسية

تخيّل أن المغاربة منذ سنة 2018(مرسوم 26 أكتوبر2018)، لهم مشكل فريد من نوعه، لهم مشكل مع الزّمن ، مع التوقيت المعتمد أو الساعة القانونية التي تضايقهم صباح كلّ يوم طيلة 3 فصول من السنة، وحيث يشعرون بأنهم يعيشون في وب”توقيت” غير عادي(GMT+1) الذي صار ساعة قانونية، طيلة السنة، ويشعرون أنهم لا يعودون إلى ”التوقيت” العادي(GMT) إلا في شهر رمضان من كل سنة، أي أنهم يعيشون تحت الضغط النفسي لتوقيت مفروض عليهم 11 شهرا من كل 12 شهر، وهم في توتّر دائم مع الوقت 24ساعة على 24 ساعة، و7أيام على 7 أيام و11 شهرا على 12شهر ، ولا يشعرون بالارتياح في علاقتهم بالزمن إلا خلال شهر رمضان، ومن طبيعة الانسان أن يشعر بالتوتر والاضطراب، عندما يتحوّل ما هو استثنائي وغير طبيعي في حياته إلى وضع عادي وطبيعي ويُفرَضُ عليه أن يتطبّع معه، فحتى قواعد المنطق والطبيعة والفَلَك تأبى أن تصير القاعدة(توقيت GMT) استثناء (GMT+1). وأن يصير الاستثناء(التوقيت الصيفي سابقا) قاعدة(توقيتا لأربعة فصول)،

لا أدري لِما لَم تَقُم الحكومة،أو بالأحرى الدولة لأن القرار قرار دولة، ولو كان قرار حكومة لتغير اعتماد هذا التوقيت المريض والمُمَرّض، بعد تَغيُّر الحكومة، لما لم تقم بتقييم التّكلفة النّفسية لهذا التوقيت، الذي سبق للمغاربة أن أطلقوا عليه ”توقيت رونو”، نسبة الى شركة رونو الفرنسية، التي يعتقد الكثيرن أنها، طبعا إلى جانب شركات أجنبية أخرى تستثمر في القطاع الصناعي بالمغرب، هي التي كان وراء فرض هذا ”التوقيت” غير العادي على كلّ المغاربة، وإن كانت حكومة سعد الدين العثماني أنذاك، قد تدرّعت بالتكلفة الاقتصادية الكبيرة للتوقيت العادي بالمقارنة مع التكلفة الاقتصادية للتوقيت غير العادي(توقيت رونو)، تدرعت بذلك بعد دراسة امتدت على 5 سنوات، كما ادّعت، فالمغاربة في حاحة الى تقييم التكلفة النفسية للساعة القانونية المعتمَدة من طرف الدولة، نعم تقييمها ماديا، أي لابد من تقييم التكلفة الاقتصادية للتكلفة النفسية لاعتماد تقويت(GMT+1).

عدم الارتياح والاضطراب وتوتر على علاقة المغاربة بالوقت الذي خلق هذا التوقيت المعتمد حاليا ومند 26 أكتوبر 2018، جاء نتيجة اصطدامه مع الإيقاع الزمني المدرسي، والمعروف في كل الدول والمجتمعات والأمم أن الايقاعات الزمنية للمدرسة والمؤسسات التعليمية (قطاع التربية والتعليم)، هي الايقاعات الزمنية التي يتبنّاها المجتمع برمته، وكل القطاعات الاقتصاية والاجتماعية(بمافيها القطاعات الانتاجية) تضبط ساعات عملها على عقارب ساعة المدرسة، وتبرمج آيام الراحة وعُطلها وفق لوائح العطل المدرسية، وليس عكس ذلك كما قامت بذلك الدلة المغربية سنة 2018، حيث عملت على إخضاع المدرسة والمجتمع برمته للايقاعات الزمنية للشركات الصناعية(رونو ومثيلاتها)، لذلك كان أول ضحية لهذا التوقيت غبر العادي وأول من اختجّ على هذا الايقاع الزمني المفروض(التوقيت) هو المؤسسات التعليمية، حيث خرج تلاميذتها في تظاهرات احتجاجية عارمة في المغرب كله، فعندما نقول المدرسة نقول التلاميذ ونقول أسرهم ونقول المجتمع برمته.

مع العلم أن هذا التوقيت الذي جعلته الدولة المغربية ”ساعة قانونية” مراعاة لمصالح الشركات الصناعية الموجودة مقرّاتها في أوروبا وفي فرنسا تحديدا، هو توقيت يراعي ويوافق الايقاعات الزمنية المدرسية والمجتمعية في الدّول التي توجد فيها مقرّات وأصول هذه الشركات، في فرنسا خصوصا. ولا يوافق الايقاعات الزمنية للمدرسة والمجتمع المغربيين ، مما يعني أن الأمر ليس في الآخير سوى فرض الايقاعات الزمنية للمدرسة والمجتمع الفرنسيين على المدرسة والمجتمع المغربيين. وغني عن البيان أن الموقع الجغرافي والفلكي (خطوط الطول) لكّل دولة هو الذي يفرض عليها اعتماد ”توقيتا” معيّنا لضبط الايقاعات الزمنية لحياة مجتمعها.

وإذا لم تقم الحكومة أنذاك بدراسة حول التكلفة النفسية لهذا التوقيت الذي اعتمدته رغم رفضه من طرف المغاربة أنذاك، ولعل الجميع يتذكر الجدال الكبير في وسط الرأي العام الذي رافق فرض هذا التوقيت غير العادي، وكذلك التظاهرات الاحتجاجية للتلاميذ التي خرجت من المؤسسات التعليمية تنديدا باعتماد هذا التوقيت.. فقد آن الآوان أن تقوم الحكومة بدراسة حول الكلفة النفسية لهذا التوقيت بعد أزيد من 6 سنوات من اعتماده، ولتقارن بين الكلفة الاقتصادية والكلفة النفسية لهذا التوقيت.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button