بعد سيل من الدراسات والأبحاث النقدية، التي قاربت الرواية الأثيرة “مرافئ الحب السبعة” للأديب والعلامة اللغوي الدكتور علي القاسمي، هاهي الترجمة الفرنسية للرواية المذكورة، تصدر مؤخرا عن دار النشر لارماتان L’Harmattan – سلسلة Les Impliqués، وهي من إبداع الكاتب المترجم مصطفى شقيب ومراجعة أستاذة الترجمة بجامعة غرناطة الدكتورة ماري ايفلين لوبودير.
جدير بالذكر، أن الرواية صدرت العام 2012م، في طبعتها الأولى عن المركز الثقافي العربي بالدار البيضاء وبيروت، لتتوالى الطبعات بعد ذلك بعدد من دور النشر العربية.
ومنذ صدرور “مرافئ الحب السبعة” وهي تلقى اهتماما منقطع النظير، من قبل باحثين ونقاد عرب ومغاربة، أسالت مدادا كثيرا، وأنعشت الطفرة الإبداعية للعديد من الأقلام الذين أوثقوا بشغافها النظر في اقتباس أفكار وتحفيز حكايا ونصوص باذخة.
وكتبت ماري ايفلين في تقديمها للرواية، قائلة “هي سيرة ذاتيّة روائية ؛ مزيج من الأحداث الواقعية والخيالية، مهداة إلى المغتربين والمغتربات عبرالعالم ؛ إلى هؤلاء الأشخاص الذين تركوا بلدانهم طوعا أو فروا اضطرارا بغرض اللجوء إلى بلدان أخرى.
سليم، البطل، اغترب على إثر انقلاب عسكري حدث في بغداد.
القلب، مقرالأحاسيس والعواطف، شكّل روح اغترابه القسري الذي سيمكّنه من البقاء ومواصلة دراسته. غير أنّ ما وراء هذا الرهان المزدوج، سيضحى هذا النفي سريعا هروبا من الحياة من أجل الالتجاء داخل الموت ؛ الحياة والموت، هذان الجاران المتنازعان. سفر طويل من النور إلى الظلام، تطبعه المشاعر والعواطف.
النور، إنه أحاسيس الحب، والود، والبهجة، والسعادة، والمتعة، المرتبطة ارتباطا وثيقا بالعراق، وطنه، وبالبيت الأسري، وبمحبة طاغية وبإعجاب لا متناه بأمه التي كانت تأخذه بين ذراعيها، تضمه إلى صدرها، وتمطره بالقبل.
الظلام، إنه أحاسيس الحنين، والحزن، والغم،والأسى، والألم،والمعاناة، والوحدة، والخوف أيضا، المرتبطة بشدة بالاغتراب.
عند عبورالحدود، ينطفئ النورعلى الطرق الرملية…تظل الوجوه، والمعالم والروائح، عالقة في شغاف القلب، يستحيل محوها. غير أنّ سليم، أثناء هذا السفر الطويل، سيصادف ثلاث نساء سيطبعن حياته بشدة ؛
امرأة أرادته وأرادها، لكنّ القدر لم يردهما معاً ؛
وامرأة ارادته ولم يردها، فكسر قلبها ؛
وامرأة لفظته، لكنه سيعشقها إلى حد الجنون ولن يقوى على نسيانها… حاضرة في كل النواحي، والاتجاهات، والأماكن. بل سيكتب قصتها على أمل التحرر منها. الكتابة المحررة ! سيكتب على أمل إعادة بناء عالم مفقود من خلال كلماته، وإنشاءعالم جديد سيكون ملجئه.
رواية رائعة ومؤثرة أسالت الكثيرمن دموعي. شكراأستاذي وصديقي العزيز جدّا علي القاسمي”.
وسيتوالى مشروع ترجمة الأعمال القصصية الكاملة للعلامة القاسمي عبر إصدارها من طرف الناشر الفرنسي نفسه، حيث تخضع للمراجعة من الأستاذة لوبودير بعد أن أتم المترجم مصطفى شقيب ترجمة المجموعات القصصية السبعة التي صدرت منها خمسَ مجموعاتٍ قصصية تشتمل على سبعٍ وسبعين قصةً عن مكتبة لبنان ناشرون في بيروت، وصدرت مجموعة قصصية سادسة عن الدار العربية للموسوعات في بيروت، بعنوان” الحب في أوسلو” فيما المجموعة القصصية السابعة، ذات المنحى المتفرد، قيد الصدور بلبنان.
وهي قصص كُتبت، كما جاء في تقديم دار نشر مكتبة لبنان ناشرون، من أجل مكاشفة الذات ومساءلة الكينونة، بأسلوبٍ ممتعٍ سهلٍ ممتنعٍ ؛ وهي نابضةٌ بالإثارة والتشويق؛ ومزدانةٌ بالمعرفة والثقافة ؛ ومضمَّخةٌ بلغةٍ راقية ؛ ومشرعةٌ على رياح التأويل؛ ونابعةٌ من تجربةٍ حقيقية، ومعاناةٍ وجدانيةٍ عميقة، وموهبةٍ فذة، وخيالٍ مُجنَّحٍ جامحٍ أخّاذ. لقد كتبها القاسمي بدم القلب ودمع العين.
وقد تم نشر أغلب هذه المجموعات القصصية في عدّة طبعات في القاهرة والدار البيضاء وحظيت بعنايةٍ خاصةٍ من لدن النقّاد في المغرب العربي وفي المشرق العربي على السواء، وكُتبت عنها عدّةُ كتب وكثيرٌ من الدراسات والمقالات النقدية.
وهذه المجموعات هي: 1. ” رسالة إلى حبيبتي”، حول ذكريات الطفولة والصبا، و2. ” صمت البحر” حول قصص الحبِّ الخائب، و3. “دوائر الأحزان”، حول ما يثير الحزن في وجدان العربي، و4. ” أوان الرحيل”، حول الموت، و5.”حياة سابقة” حول قضايا علم النفس الموازي. و6. “الحب في اوسلو” و7. “القبض على عصفور السعادة”.
يقول القاسمي في إحدى مقدِّمات قصصه: ” إن مَن يقرأ هذه القصص لكي يستخلص منها جوانبَ من سيرتي، سيصابُ بخيبة أمل، ومَن يقرأها بوصفها من نسج الخيال، سيفوته الشيء الكثير من الحقيقة ؛ لأن الفنّ عموماً، والأدب على وجه الخصوص، ينطلق من أرض الواقع ليحلّق في فضاء الخيال الواسع.”
وللحقيقة، فالدكتور علي القاسمي، واحد من أنشط المثقفين العرب اتقادا، وانتظامية في التأليف، والتعدد والنوعية. وقد أفلح في نسج خيوط علاقات كبيرة، أسهمت في إنعاش الحركة الثقافية والفكرية، وهو الشيء الذي ينفرد باتساع أفق مفكر يواصل بجسارة وروح منفردة، إنتاج أجمل النصوص وأبهاها على الإطلاق.