صحيح أنه من باب العبث والابتذال تكليف مجالس الهيئات باعداد لوائح الملقحين وغير الملقحين ، لأن قاعدة البيانات متوفرة لدى العقل الأمني ومخابراته ، ولو كان هناك فعلا انتهاكا خطيرا وتهديدا جديا للأمن الصحي وسلامة المواطنين ، لما ترك أمر التدبير لغير الدولة ؛ لكن المحامين أحرار في ممارسة قناعتهم ، وهم غير ملزمين باعداد اللوائح ولا بالتصريح “عن حسن نية ” لإثبات حسن السيرة تجاه بقية السلطات والهيئات المكونة لمنظومة العدالة ، ولا هيئاتهم مضطرة لحفظ ماء وجه ما خالفوا قاعدة عدم إجبارية التلقيح ، فكلنا واعون بأن اللايقينية تحكم سلوكات المسؤولين تجاه مخاطر إجبارية التلقيح امام نسبية الحقيقة العلمية تجاه قدسية الحق في الحياة كما نص عليها الدستور المغربي ، لأجل ذلك لا يعقل أن تحصل المخاطرة بأرواح المواطنين وبنفس القدر من المسؤولية ، يمكن أن نسائل انفلات بعض التدابير خارج هذا الوعي الوطني المفترض فيه توجيه وتأطير الحكامة في مجال صناعة القرار السياسي والأمني، وبالحفاظ للقرار القضائي على هيبته بمسافة الحياد والنزاهة والاستقلالية . من هنا وجب التأكيد أن العنف اللفظي أوالردع السائل ( الناعم بصيغة أخرى ) أوالتضييق على الحريات لا يمكن إقحامهم ضمن حالات الضرورة او الأفعال التي تأمر بها السلطة العمومية ، فالقضاء مختص في تطبيق القانون إذا أحيلت عليه النوازل ليس إلا ، ولا حق له في إنفاذ القرارات الصادرة عن السلطة التنفيذية ، اللهم رقابة مشروعيتها وفحص شرعيتها ، وهذا ما يؤكد غيرة المحامين الوطنيين على استقلالية مهنتهم والتي هي دعامة أساسية لاستقلالية القضاء والذي صار سلطة مدسترة بعد أن كان مجرد اداة طيعة غير متحررة من تحكم السلطة التنفيذية، على عهد سنوات الجمر البائد . ولا يسع حكماء الوطن إلا ان يثمنوا مساعي رأب الصدع هنا وهناك ، رغم انه قد نعيش انتقالا مترددا في افق تجاوز المحنة التي يعاني منها ارتباك جدول الاعمال الوطني ، داخليا وخارجيا ، وما يهم هو تغليب التدبير السلمي والديمقراطي لأي تنازع في الاختصاص مع ضمان استقلالية القرار السيادي لكل هيأة أوسلطة ، لأنه أهم مكسب وطني من شأنه تجنيب البلاد الاحتقان المجتمعي والانفلات الأمني .
* رئيس المركز المغربي للديمقراطية والأمن