(كش بريس/خاص) ـ قالت جمعية Attac Maroc “أطاك” المغرب، إن “المدرسة الرائدة” ليست سوى صيغة جديدة لوضع التعليم في خدمة الرأسمال، ضمن خارطة الطريق التي تجسد منظور الدولة الحالي للتدخل في توجيه التعليم، وخارطة الطريق إذن هي البديل المُقَدّمُ لتجاوز الفشل الذريع المُتَحَدَّثُ عنه وإيجاد حلول له.
وأبرزت الجمعية في تقرير لها حول “مشروع المدارس الرائدة”، أن الدولة تقوم بمراجعة شاملة لدورها بقطاع التعليم، بما يتيح لها التخلص من وظائفها وواجباتها الاجتماعية، لأنها تعتبر الخدمات الاجتماعية سلعا، وبما أنها كذلك فالقطاع الخاص هو المُتكفِّل بتقديمها، بينما تكتفي الدولة بدور المنظِّم والمُخَطِّط الاستراتيجي، مع ضمان حدود دنيا من الاستفادة بالنسبة لمن لا يستطيع من الآباء والأمهات تلقي تلك الخدمة بشكل مجاني. موضحة أنه من هنا بدأ العمل على أجرأة العمل بالعقدة بقطاع التعليم، و أتى النظام الأساسي الجديد ليكرس هذا التوجه بوضع آليات جديدة لما يسمى “الموارد البشرية”.
وأكدت ذات الجهة، على أن جوهر هذه الآليات التخلص من المعايير الجماعية التي تتيح للشغيلة إمكانية التفاوض الجماعي حول الأجور وشروط العمل والترقية وكل الحقوق، وتعويضها بمعايير تجعل كل الحقوق رهينة باستحقاق الأجير الفرد ومردوديته، مع منح صلاحيات ضخمة للرؤساء المباشرين لتقييم الأداء، والبث في مردودية الأجير، بل حتى في فرص احتفاظه بوظيفته. مسجلة أنه من أهداف المشروع خلق مدارس جذابة تنال استحسان الآباء والأمهات، بفضل ما تحققه من نتائج جيدة على مستوى التعلمات، وبالمحصلة، ابراز فضائل القطاع الخاص الجاري تعبيد الطريق أمامه وتسهيل تنزيله في مرحلة لاحقة، مقابل استبخاس المدرسة العمومية (التقليدية/غير المتطورة) التي “لا تحظى بثقة المواطنين” وإظهارها على أنها مُعَرْقِلٌ للتعليم الجيد، ما يستدعي تسليعها بإخضاعها لميكانيزمات القطاع الخاص أو لآلية الشراكة، عام و خاص.
وذكرت الجمعية، في السياق ذاته، أنه إمعانا في تفكيك المدرسة العمومية وتنفيذا لالتزاماتها تجاه المؤسسات المالية الدولية، تتوجه الدولة نحو اعتماد آليات تدبير دَخيلٍ على القطاع العمومي، منها ربط الارتقاء المهني بالأداء والتكوين، وتثبيث التعاقد عبر التوظيف الجهوي. إضافة إلى تمتيع مؤسسات الريادة بالاستقلالية وهامش للتصرف في الجانب الإداري والمالي والبيداغوجي، يحظى المدير فيها بصلاحيات أكبر للتدخل، بشكل يذكر بنظام “سيكما” بقطاع الصحة، حيث المؤسسة مستقلة ماليا واداريا، حتى في تدبير أجور مستخدميها، تتلقى المؤسسة منحا في البداية، وبعد ذلك تبحث عن شركاء يمولونها، وفي الأخير تبيع خدماتها لضمان القدرة على تجسيد استقلاليتها المالية الفعلية.
وأفادت “أطاك” أن أشكال التدبير هاته غريبة عن الوسط التعليمي، ولا غرابة أذا علمنا أن من يقود هذا المشروع إطار بنكي، موظف سابق للبنك العالمي وبنك المغرب وإطار حالي بصندوق الإيداع والتدبير، وهو نفسه من كان عضوا مؤثرا بلجنة وضع النظام الأساسي الجديد الذي تصدت له الشغيلة التعليمية ووصفته بنظام “المآسي” خلال الحراك التعليمي المجيد، وفرضت إدخال تعديلات مهمة على نسخته الأصلية.